الأربعاء ١٣ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم نادية بيروك

الخوف المميت

كانت تحسب أنها تستطيع أن تجعل الجبال تنحني لو أرادت، كانت متأكدة أن المبادئ والقيم التي زرعت يوما داخل جمجمتها الضئيلة، أفضل كنوز الأرض. كانت تحسب أن الغنى غنى النفس، أن الشرف أروع فستان ترتديه وأجمل حلة في الوجود٠لكن الدنيا تنكرت لللأحلام الجميلة وجعلتها كوابيس مرعبة٠

الناس اليوم أصحوا يهتمون بالقشور، بالقوقعة الموشومة، بأريج النخل المجنون، الفارع الطول لا بالتمر٠

بنعمة العصر الصارخة : المادة٠ لاوقت لهذا ليواسي ذاك، ولا لهذه لتساعد تلك٠

عالم غريب تشحنه المواجع. يتقاذفه صراع مرير. تهزه أعاصير الجشع والطمع والسلطة والجاه٠

تسلبه المظاهر البراقة وتأسره لغة الدرهم. غابة موحشة، موغلة تقطنها أفاعي سامة٠

التفتت إلى ابنها الصغير الذي يبتسم في براءة وطهر ولو علم أنها ستكون بسمته الأخيرة لظل متجهما حتى الموت٠

كان همها أن تكمل دراستها، أن تضيف إلى اسمها ذلك اللقب الذي طالما حلمت به وضحت من أجله؛

لكنها وجدت نفسها أما رغم أنفها، زوجة لجاهل لا يرى فيها إلا امرأة تشبع رغبته وتخدمه كأمة حقيرة٠

لطالما سخر من حبها للمطالعة، ولطالما مزق أوراق إحدى الكتب متأففا٠

سمعت صوت جرس الخروج، أخذت كتبها في عجلة من أمرها ثم انصرفت وهي تستعيذ بالله
من الأفكار الرهيبة التي دارت بخلدها، فرسمت لها في دقائق مستقبلها الذي أصبح أسير الخوف المميت والذي أضحى لعبة في يد القدر٠


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى