الثلاثاء ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم فلاح جاسم

كيفَ تـُصْبح رَئيسًا لبلدٍ عَربي

من السهل أن تصبح رئيسا لبلدك إن كنت في دولة عربية،إن اتبعت هذه الوصفة، لقد اعتمدنا السهولة والبساطة، لنضمن أنك ستحقق ما تصبوا إليه، و إليك الخطوات:

الخطوة الأولى، أن تـُبدي أنكَ تهتم بالشعب ورفاهيته، وتحرصُ على تعزيز الكرامة للمواطن في جميع خطاباتك العلنية وحديثك لوسائل الإعلام، لكن في السر تسلب أي شعور بالكرامة، والحرية لدى المواطن، وذلك بأن تضرب بيد من حديد كل من يحاول المطالبة بأي حق من حقوقه مهما كان نوعه، حتى لو كان الحق في العيش والتنفس، يجب أن يكون هذا النفس محسوبا، وبقدر وبعلم جهازك القمعي، وأجعل المواطن يشعر بأن أي جزء يسير يُعطى له من حقه يبدو شيئا عظيما وهبة من لدنك، ويأتي كي يُقبل رِجل وحِذاء مُمثلك في البقعة التي يوجد بها.

الخطوة الثانية: إيجاد عدد من الأجهزة القمعية، يراقب بعضها بعضا، وجعلها تتسابق في تقديم الولاء والطاعة، وعليها إثبات ذلك بالبرهان القطعي، وهو تركيع الشعب لأقصى درجة، لا يمكن أن تخطر لك في بال أنت شخصيا. وجعل هذه الأجهزة مسلوبة الإحساس والضمير، وقد وصلتْ إلى طريق اللارجعة في الاستفاقة مما هي فيه، أو صحوة الضمير. وجعلها تروع المواطن بحيث يشعر إنه موضع اتهام وتشكيك في وطنيته في أي لحظة، مجرد أن تسول له نفسه بأنه إنسان، ومن حقه أن تكون له كرامة.

الخطوة الثالثة: إيجاد حزب، تسميه الحزب الوطني الشعبي الديمقراطي؛ ويكون هو الحزب الرائد القائد، المنقذ الذي يحيي العظام وهي رميم،وتحرص على يكون أعضاؤه من عديمي الضمير والمرتزقة، والطفيليين الذين لم يستطيعوا شقّ طريقهم بنزاهة في هذه الحياة، وتوَلـّدَ لديهم حقدٌ ضدَ المُجتمع، مما يُعزز لديهم نزعة انتقامية ضد الجماهير، وهذا يكونُ أداة دفاع جيدة لسحق الشعب لو فكرَ بالاستفاقة يوما ما، عليك الإغداق على هؤلاء بالمال الوفير الذي يتم اقتطاعه من قـُوتِ الشعبِ على أنه مَجهود حَربي، أو لقاء تأمين حياة المواطنين، أو سمّه ما شئت، يجب جعل هؤلاء المرتزقة والأزلام يتمتعون بحياة الرفاهية والعز؛ من فلل فاخرة، وسيارات فارهة، ومزارع كأنها في عالم الأحلام، كي يستميتوا في الدفاع عن (مكتسباتهم) تلك لآخر قطرة من دمائهم الفاسدة، وعلى استعداد للتضحية بكل ما هو غالٍ أو نفيس، عليك جعل مقرات هذا الحزب قلاع محصنة في أكثر الأماكن إستراتيجية في المدن.

الخطوة الرابعة: العمل على إيجاد سيناريوهات واهية لتبرير قتل الشعب وإبادته في حال فكر مجرد تفكير بالمطالبة بحقوقه، وذلك من خلال تجنيد عصابات مستعدة لقتل أي شيء يتحرك، وتشيع الفوضى في البلد، بحيث تظهر أنت في مظهر من كان يضبط الأمن ويحرص على النظام في البلد، بحيث تجعل المواطنين يتوقون لأيامك الخوالي على أنها جنة الله على أرضه.

الخطوة الخامسة: تجنيد جيش من عديمي الضمير، وتسميهم إعلاميين ومحللين سياسيين، يظهرون في وسائل الإعلام ليدلوا بتصريحاتهم، بأنك تحرص على تطبيق الديمقراطية بكافة تفاصيلها، وأن البلاد تتعرض لمؤامرات خارجية نتيجة مواقف الصمود والشرف، وأن البلد مستهدف بما يقدمه من تضحيات وصمود، وانه شوكة في عين الأعداء.

الخطوة السادسة: هي جَزر الشعب، وجلده باسم الدفاع عن الوطن، والوقوف في وجه المؤامرات الخارجية، والضرب بيد من حديد لكل من تسول نفسه أن يكون جزءا من مؤامرة مشبوهة حينما يحاول أو يفكر أن يطالب بحقوقه.

الخطوة السابعة: عدم بناء نظام سياسي مؤسساتي في الدولة، وعدم الاعتماد على أي هيكلية قانونية منسجمة مع التطور الحضاري. وعدم وضع أي برنامج سياسي يستند إلى أسس قانونية، بل تكون أنت مصدر التشريع، والمشرّع الوحيد في هذه الدولة، وتفصل القانون على مقاسك، تلبسه وتخلعه متى ما شئت. وكما تعلم، أو لا تعلم بأن القانون لا وجود له إلا من خلال السلطة، وان السلطة لا يمكن أن تـُمارس واجباتها إلا من خلال القانون، لذا فان القانون يعد شرط أساسي لاستمرار سلطتك، وبالتالي فإن القانون الذي تنتهجه وتطبقه سيكون الأداة لتشخيص طبيعة السلطة في دولتك. أي أن كيفية تشريع القوانين، كفيله بتشخيص طبيعة النظام السياسي في دولتك. لذا يجب عليك الحرص بأن تعطي انطباعا للعالم أجمع بأن كل ما تفعله ضمن القانون، وحسب الدستور، كما يجب صياغة القوانين حسب ما تقتضيه حاجتك ومصلحتك، لا حسب ما تقتضيه مصلحة المواطن، لأنه لا يعرف مصلحته أبدا، وعليك صبغ جميع الجدران في الدولة بصبغة قانونية، حتى إذا اضطررت أن تحلف يمينا في يوم ما، لا تكون يمينك كاذبة كناصيتك. حاول قدر الإمكان أن يكون القانون فضفاضا، مريحا، سهل خلعه متى ما شئت، ليس له (تكلة ) تـُربط أو حزام، لتتحرر منه بسهولة عند الحاجة.

الخطوة الثامنة: تكون أنت رمز الدولة والقائد الأوحد، والفذ، والملهم، والمقدام، والمغوار، وتختصر الدولة كلها بشخصك، كل ما تفعله دستور يجب أن يُخلد، وحِكـَم يجب أن تستفيد منها الأجيال القادمة، لتستلهم هذه العبقرية وتستحضرها.

الخطوة التاسعة: بما أن السلطة، تمثل النظام السياسي في الدولة، وهي أحد العناصر الثلاثة الأساسية للدولة؛ وهي الإقليم والشعب والسُلطة( بضم السين)، لكن أنت اجعلها سـَلطة (بفتح السين)، لأن المواطن المسكين ليس له باع طويل في النحو، وإن كان هناك من يفهم ذلك، فنقول له هذا استثناء للقاعدة، وإن لم يقتنع نقطع ذراعه كي يفهم ويكون باعه قصيرا. بعد أن تجعل الأمور سـَلطة، يجب أن تأتي بإعلاميين ممسوخين كي يتغنوا بعبقريتك الفذة، على هذا المزيج الرائع؛ وهذا التنوع ألفسيفسائي وقد أغنى تركيبة السـَلطة وجعل لها مذاقا مميزا، ونكهة خاصة.

الخطوة العاشرة: أحرص على إلباس أي قرار تتخذه لباسا شعبيا، على إنه إرادة الشعب، والجماهير، وأنت فقط مسخر لخدمة هذا الشعب،


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى