الأربعاء ١٨ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم أسماء النهدي

شجرتي

أينما ذهبت في حلي وفي ترحالي، وفي كل مشوار أتوجه إليه .. أجدها في طريقي .. لا أعلم السبب الذي شدني إليها .. سوى أنها شجرة متفرعة وضخمة، غرست جذورها على قمة تل صغير في منطقة بعيدة عن بقية أخواتها من الأشجار،،،

ولربما بسبب فضول الأنثى جعلني أحب الاقتراب منها،، دونت ودونت .. وكنت ألاحظها من بعيد.. حتى دونت أكثر وأكثر .. وأصبحت تحت أكنافها،،،
أذهلني مدى ضخامة جذعها .. وتفرع أغصانها .. وامتداد ظلها .. وثبات جذورها .. ورونق أوراقها،،،

إعجابي بها جعلني أزورها بشكل يومي .. كي آخذ من بهائها نظرة .. وأبقى مع لحظات تأمل .. ثم أعود للمنزل .. لأردد في ذاتي: سبحان الخالق المصور،،،

مع الزمن .. اكتشفت بأن إعجابي ومروري بها لم يكن بسبب الفضول فقط، ولاحظت بأنها هي من كانت تناديني بصفاتها.. بدأت أتعلم منها الكثير والكثير من الدروس .. رأيتها كيف تصمد في وجه الرياح العاتية .. وكيف تحافظ على بهائها بعد يوم غابر .. وكيف تداعب قطرات المطر على أوراقها .. وكيف أنها حنونة مع الطير وتحتضنه بين أغصانها .. وكيف أنها تستقبل وتودع بقلب رحب كل من تظلل بظلالها .. علمتني بأن الحياة لا تزال " حلوة "،،،

وأيقنت بعدها أنها شجرة مثمرة، أعجبتني أزهارها، كان لها شذى يعطر الأجواء من حولها، وبعد أن أثمرت رأيت ثمارها جميلة ونضرة، لها ألوان فتية، تسر الناظرين، تدعي المرء بالإجبار إلى أن يأتي ليقتطفها، وهذا ما شجعني على الاقتراب منها لأتذوق منها.. لكني لم أستطع ذلك لربما كان علوها الشديد الذي لم أحسب له حساب سببا في منعي من الوصول إلى ثمارها.. حاولت جاهدة لكن بلا فائدة .. حزنت جدا جدا .. فرحلت عنها .. وأنا أتابعها بنظراتي .. وأصبحت أخشى من المستقبل .. وأحسست بقسوة الزمن علي .. خشيت بأن يكتشفها غيري ويكون عطاؤها ليس لي من البشر .. وقد أحرم من تذوق ثمارها التي لم تفارق مخيلتي .. فاكتفيت بزيارتها يوميا للنظر فقط ثم أرحل ،،،

لكني وضعت لنفسي أملا ضعيفا بأن لا يشاركني أحدا غيري فيها وقد تكون ثمارها من نصيبي في يوم من الأيام ،،،


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى