الجمعة ٢٢ تموز (يوليو) ٢٠١١
مصافحة..
بقلم بلقاسم بن عبد الله

الـوزيـر وحـبـيـبـتـه الشقراء

..وماذا سيكتب معالي الوزير في مذكرته الخاصة عن حبيبته الشقراء التي قاسمته لحظات ممتعة منعشة على الرمال القمحية في مواجهة البحر وأمواجه المموسقة؟..معذرة، أيها الوزير المحترم، إنه عهد الشفافية.. فالكاميرا تفارقك، وقلم الصحفي يلاحقك، والقراء يترصدون أخبارك وأسرارك، بعيدا عن آرائك مكتبك الفخم الضخم.. فهل تسمح لهم التقرب من تلك اللحظات الحرجة في التعامل مع هموم الناس ومتعة الحياة ؟.. لنتابع معا كيف حدثت الواقعة..

.. لأنك لم تذق ملوحة ماء البحر وحلاوته منذ مدة، تسارع لتغطس وتعوم، وتتلذذ بالدفء والإنتعاش، تعود إلى موقعك لتتمدد على الرمال، يقابلك صاحبك الوزير بالقرب منك، تنظر إليه مليا، إنه غارق في تأمل لوحة البحر بأمواجه المتلاطمة . تقول في نفسك: إنه هو بالذات والصفات. تنتظر التفاتة كريمة منه، و سرعان ما يقطع لحظة شروده ليبادرك بالتحية المقتضبة:أهلا..ترد على الفور، وتقترب منه لتصافحه قائلا: يا للمصادفة.. تتبادلان الحديث، ولأول مرة تشفق من حاله، وهو يحدثك بمرارة عن هموم المسؤولية، ومتاعبها العديدة..
تغتنم الفرصة لتباغته وتواجهه: ماذا لو علم المصطافون هنا، بأنك ذاك الوزير المحترم، صاحب الحل والربط في كثير من الأمور.

يرد صاحبك، وهو يمسح العرق عن جبينه: لقد حرصت على التمويه قدر المستطاع، وهذه النظارة الشمسية الرفيعة، جزء من القناع.. ومع ذلك، استطاع أحدهم أن يتعرف علي منذ ساعة، وصافحني بحرارة قبل أن يطرح مشكلته المزمنة مع العمل.
تبادره على الفور :و كيف استطاع التعرف عليك، و أنت الآن مجرد من بذلتك الأنيقة، وبدون مظهر تلفزيوني..

يتابع صاحبك الوزير خطوات موزونة على الرمل، قبل أن يرد: لقد قال لي بأنه يتابع نشاطاتي باهتمام، عن طريق الشاشة الصغيرة، ويتوسم في وجهي علامات الخير واليمن، لذلك قصدني بتودد قرب البحر المعطاء.

تعود إليه لتسأله: و هل وعدته بحل مشكلته، إن كانت تلك بالفعل مشكلته الجوهرية؟..
يشعل سيجارته قبل أن يجيب : لقد وعدته بحل مشكلته، بعد انتهاء عطلتي، و بمجرد عودتي إلى ميدان العمل، و وعد الحر دين عليه..

تتأمل وجوه الرائحين و الرائحات، ثم تواصل الحديث : إنك كريم اليوم، و متفهم لمشاكل الغير، فهل هو سخاء البحر و كرمه؟.. ثم ماذا لو أخبرت بعض المغبونين هنا، بأنك وزيرهم الذي يحل مشاكلهم؟..

سحق سيجارته، قبل أن يقول: أرجوك أن تعفيني من متاعب الآخرين، فأنا الآن في عطلة، ومن حقي أن أتمتع بوقتي و راحتي، كما يحلو لي، و داخل بلدي العزيز، عكس ما يفعل الغير..
تستسمحه، تعود من جديد، ليداعب موج البحر بنعومته خشونة جسدك .. تغطس وتعوم في كل الاتجاهات، و بكل ما تتقن من فنون السباحة..

ترجع إلى بقعتك، لتتمدد على الرمال الذهبية، تنظر و تتأمل، و إذا بك هذه المرة تلاحظ بأن صاحبك الوزير لم يعد وحده، كما كان منذ لحظات، إنه برفقة فاتنة شقراء، طويلة الشعر، ممشوقة القوام، يقاسمها النظرة، و تبادله الابتسامة في صمت العشاق..

و حتى لا تحرج موقعه و موقفه، تغير اتجاهك، لتناول مشروبات منعشة قرب الشاطئ، تقول في نفسك: إنه مهتم و مغرم جدا بها، و يرد الآخر في داخلك: و هذا الاهتمام والإعجاب بالذات، يدل على نوعية العلاقة المتينة التي تربط بينهما.. إنه الحب بحر رحب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى