الأحد ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم حنان بديع

حكايتي مع بابا نويل

في ذلك العمر الغابر، كنت ككل الاطفال الذين يحلمون به وينتظرونه ليلة رأس السنة ..

كان فارس أحلامي ذلك الرجل ذو الحية البيضاء والمعطف الأحمر الطويل والأنف الذي يفترض أن يكون كبيرا والوجه المتوقع أن يكون صبوحا.

لا لأتزوجه طبعا.. لكن لكي أنال منه قبلة وهدية تليق بانتظاري .. وقد حدث أن جاء هذا الباب نويل بعد طول الانتظار بمحاذاة نافذة المدرسة المطلة على ربوة يغطيها الثلج الابيض في لبنان ولم تدهشني هديته على قدر ما أدهشني اكتشافي الخطير بأن له أصابع حقيقية مثلنا وحذاء يؤكد بأنه رجل حقيقي وربما هو بواب مدرستنا العجوز.

هذه الكذبة البيضاء كانت هديتي واكتشافي الاول كما هي هدية الملايين من أطفال العالم الذين عاشوا ذات التجربة نظرا لان معظم المعلمين والآباء لا يتنازلون عن منح الاطفال ذات الحلم وتعوديهم أو توريثهم عادة الانتظار !

الملفت أن الكذب في هذه الحالة لم يكن أبيضا ناصعا فقط بل أصبح ضرورة تربوية تشهد عليها حادثة احدى المدرسات الاستراليات الشهيرة حين أكدت لتلاميذها الذين طلبوا رؤية باب نويل بأن أهلهم يضحكون عليهم وأنه لا وجود لشخصية باب نويل اطلاقا حتى خرج الاطفال يبكون بسبب انهيار أحلامهم وأمنياتهم مرة واحدة فقررت ادارة المدرسة فصلها نظرا لأنها لم يكن لديها "حس تربوي" حين قررت أن تقول الحقيقة!

والملفت أكثر أن شخصية باب نويل الاسطورية والتي تحظى اليوم بشعبية في كل دول العالم لها أصل حقيقي هو القديس سانت نيقولاس من أصل يوناني والذي رغم ثرائه الشديد الا أنه قرر أن يلتحق بالدير وأن يقدم جميع أمواله للفقراء والمحتاجين ولكن دون أن يشعر بذلك أحد.

نعم قد تتحول الحقيقة الى اسطورة اذا شئنا وشاءت الاقدار وهو ما فعلة الرسام الامريكي الشهير توماس الذي حدد بعد ذلك الصورة المتعارف عليها الآن لشخصية بابا نويل عام 1822م، والتي شكلت في ذهن الاطفال القصص الاسطورية حول هذه الشخصية التي تأتي على عربة من الالماس يجرها زوج من الخيول ذات الاجنحة والتي تطير بالرجل من مكان لآخر ليلة رأس السنه ليوزع الهدايا على الاطفال.

ومن بابا نويل الذي أصبح قيمة تربوية مهمة في عالم الطفل اليوم الى مؤتمر"الباباناويلات"الذي عقد في شهر آب الماضي عام 2005م في العاصمة الدانمركية والذي ناشدت فيه نقابتهم تحقيق عدة مطالب، فإننا حتما سنصدق بأن النار أحيانا تبدأ من شراره وأن الاساطير أيضا تبدأ من صدفة أو حكاية ليس الا.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى