الثلاثاء ٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم محمد حلمي الريشة

خِطَابُ الاسْتِقَالَةِ

(بُقَعٌ بَيْضَاءُ عَلَى رِقَاعٍ أَسْوَدٍ)

1.
مَا زَالَ لَغْطٌ فِي المَسَارِ، وَلِي حُرُوفٌ لَمْ أَقُلْهَا
ثُمَّ اشْهَدُوا خَوْفَ الجِيَادِ عَلَى صَوَابِ العَابِرِينْ
فَوْقَ الخَوَاتِيمِ الأَخِيرَةِ، وَالضِّلَالِ مِنَ العِبَارَةِ فِي ضَلَالِ القَاعِدِينْ
هَلْ بَانَ لِلشُّعَرَاءِ، فِي
هذَا المَكَانِ، تَجَلِّيَ الصَّفِّ المُزَيَّفِ فَاسْتَرَدُّوا مَا تَبَقَّى مِنْ أَصَابِعِهِمْ، وَهُمْ
فَوْقَ البَيَاضِ الهَامِشِيِّ/ تَوَسَّدُوا
ظِلَّ الهَوَامِشِ، وَاسْتَرَاحُوا فِي أَعِنَّتِهَا، وَرَاغُوا نَحْوَ أَصْغَرِهِمْ جَمَالًا، ثُمَّ مَالُوا حَيْثُمَا
مَالَتْ بِهِمْ
أَهْوَاؤُهُ السَّوْدَاءُ.. لَا يَأْتِي الرَّمَادُ مِنَ السَّوَادِ بِدُونِ أَنْ
يَلِدَ الحَرِيقُ شُعَاعَهُ
الوَرْدِيَّ عَنْ دِفْءِ المَكَانِ، وَلَا زَمَانٌ لِلِّسَانْ..
أَنْ تَدْخُلَ الأَفْعَى رُوَاقَ غِنَائِهَا قَبْلَ المَدَائِحِ وَالهَوَى،
وَتُبَدِّلَ الزِّيَّ المُكَثَّفَ إِنَّ ذَا
يَعْنِي فَرَاغًا فِي الرُّؤُوسِ، وَفِي تَفَاصِيلِ المَسَارِ، وَفِي مُرَاوَدَةِ الأَمَانْ
هَلْ أَصْبَحَ الشُّعَرَاءُ مِرْآةً لِنَرْجِسَةِ الفَرَاغِ؟ إِذًا
فَلْيَخْرُجُوا مِنْ جِلْدِ جِلْدَتِهِم، وَمِمَّا
فِي كَرَارِيسِ الصِّغَارِ مِنَ الهَوَامِشِ،
وَالهُبُوطِ مِنَ القَنَادِيلِ البَرِيئَةِ، إِنَّهُمْ
لَوْ يَتْرُكُوا قَوْلًا تَخَثَّرَ فِي ثَنَايَا حَلْقِهِمْ، لَاذُوا الخَرَائِبْ
لَتَوَسَّعَتْ لُغَةُ الحِوَارِ
تَوَاصَلَ النَّهْرُ الدَّقِيقُ إِلَى مَوَاعِيدِ الأَصَابِعِ
ثُمَّ إِشْرَاقُ الرَّغَائِبْ.
 
2.
 
... وَتَوَاصَلُوا..
صَمْتًا أَرَى، لُغَةً تُكَذِّبُ سَاكِنِيهَا
لَا شَيْءَ يَدْوِي فِي فَصَاحَاتِ التَّقَوُّلِ، مَنْ يَرَى
هذِي البَشَاعَةَ فِي بَلَاغَاتِ المَنَاعَةِ؟
يَرْجِفُ الرِّيشُ المُلَاصِقُ لِلْجَنَاحِ المُسْتَعَارِ
تَنَاغُمُ اللَّحْمِ المُهَيَّأِ لِابْتِلَاعِ المَائِدَةْ
يَرْفُو مِنَ الأَفْوَاهِ عَنَّابُ الثَّوَابِتِ، وَالثَّبَاتْ؛
أَنْ يُسْمِعَ الثَّرْثَارُ ثَرْثَارًا بِأَعْشَابِ الْبَيَاتْ
... وَتَوَاكَلُوا..
قَامَ (الإِمَامُ) إِلَى عَشَاءَاتِ الضَّحَايَا
لِلصَّوْتِ رَشْقَتُهُ عَلَى سَهْلِ النُّقُوشِ وَقَدْ تَوَلَّى لِلسُّبَاتْ
(مَا مِنْ مُجِيبْ)
... فَتَوَاصَلُوا..
... وَتَوَاكَلُوا..
 
3.
 
بُعْدٌ بَعِيدٌ بَيْنَ مَا
تُلْقِي عَلَى سَطْحِ البَيَاضِ، وَمَا يَكُونُ الحَرْثُ فِيهْ
الأَرْضُ أَبْعَدُ مَا تَكُونُ مِنَ احْتِرَافَاتِ التِّجَارَةِ، وَالتِّجَارَةُ تُخْطِئُ
الأَحْلَامَ، لَا تَمْشِي عَلَى جَمْرِ المَحَابِرْ..
هَلْ كَانَ لِلشُّعَرَاءِ بَيْتٌ فِي رِمَالِ الكَفِّ، فَاصْطَفُّوا
عَلَى خَطَأِ السَّرَائِرْ؟
هَذَيَانُ هذَا الوَقْتِ أَنْ
يَطْفُوَ عَلَى وَجْهِ الجُرُوحِ شُعُورُ نَرْجِسَةٍ أَتَتْ
مِنْ بَاطِنِ الأَوْرَامِ، فِي لَهَفٍ، إِلَى حَيْثُ المَزَايَا..
قَامَ (الإِمَامُ) إِلَى عَنَاقِيدِ السَّرَايَا؛
هَلْ أَنْتَ وَاحِدُنَا الوَحِيدُ بِلَا مَثِيلٍ، أَمْ تُمَثِّلُ أَلْفَ
مَعْنًى لِلدُّمَى المَفْرُوغَةِ الأَوْزَانِ؟ بَلْ تَنْحُو إِلَى قَطْفِ الخَبَايَا..
ضَاقَتْ مَعَالِمُنَا بِنَا،
وَاشْتَدَّتِ الجُمَلُ الخَبِيئَةُ فِي الضُّلُوعِ، أَوَانُهَا
يَدْنُو مِنَ الأَعْنَاقِ، كَمْ بَرَزَتْ هُنَا
نُوَّارَةُ الكَلِمَاتِ أَجْرَاسًا، وَلكِنْ لَيْسَتِ
الآذَانُ تُخْرِجُ عُشْبَهَا المَنْسُوجَ: مَنْ يُصْغِي إِلَى
شَبَقِ السُّؤَالِ؟ وَكَمْ أَتَى صَوْتٌ يُعَالِجُنَا إِلَى أَصْدَائِنَا..
كَمْ دَجَّنُوا مِنَّا الوُلَاةَ فَأَقْبَلُوا،
طَوْعًا، إِلَى لَبْسِ المَقَاعِدِ، وَانْتِحَالَاتِ الشَّرَانِقْ
أَقْلَامُهُمْ خَشَبُ السَّلَالِمِ نَحْوَ غَيْبٍ مِنْ هَوًى
أَقْلَامُنَا عُوَدُ المَشَانِقْ..
هذِي هِيَ الأَثْوَابُ تَنْزَعُنَا عَنِ
الجَسَدِ المَرِيضِ، وَذِي افْتِرَاسَاتُ النَّظَرْ
هذَا هُوَ الفِكْرُ المُعَادُ، وَذَا غَرِيبٌ لَيْسَ يَدْنُو مِنْ تَفَاسِيرِ الخَبَرْ
سِرِّيَّةُ الأَرْقَامِ تَدْخُلُ فِي الجُيُوبِ.. تَوَاكَلُوا
قَدْ يَقْصِمُ الشُّعَرَاءُ ظَهْرَ قَصِيدِهِمْ
نَحْوَ السُّعَالِ إِذَا تَرَتَّقَتِ الثُّقُوبُ النَّابِذَاتُ مِنَ الجُيُوبْ،
أَوْ أُخْرِجَ التَّهْرِيجُ مِنْ خُرْمِ الوَطَرْ.
 
4.
 
لَمْ يَلْبَثُوا فِينَا إِلَى طُهْرِ الكَلَامِ، فَدَاجِلٌ
مَعْنَى النَّشِيدِ، مُنَافِقٌ
زِيُّ المَعَانِي، حَالِكٌ
وَرَقُ الصُّوَرْ..
لَمْ يَظْهَرُوا إِلَّا لِأَحْلاَمِ الظُّهُورِ، مِدَادُهُم
مِنْ آسِنِ الأَمْوَاهِ، لَوْ مَا شَابَهَ الشُّعَرَاءُ شِعْرَهُمُ لَمَا
كَانُوا عَلَى صِدْقِ الحَقِيقَةِ أَوْ عَلَى
لَوْنِ البَشَرْ..
إِنِّي أُفَسِّرُكُمْ جَمِيعًا؛ حَيْثُمَا
حَطَّتْ مَنَاقِيرُ الأَصَابِعِ فَوْقَ أَطْرَافِ الجِهَاتِ، وَحَيثُمَا
لَاحَ الثَّمَرْ..
تَتَبَدَّلُ الخُطُوَاتُ، فِي حَذَرٍ، إِلَى حَشْدِ المَشَاهِدِ؛
مَشْهَدٌ وَهُوَ الثِّمَارُ
وَمَشْهَدٌ وَهُوَ الفِرَارُ
وَمَشْهَدٌ وَهُوَ الظَّفَرْ..
لَا تُبْحِرُوا فِي سَاعَةِ الظُّلُمَاتِ، عَنْ رِجْسٍ، وَلَا تَثَّاقَلُوا
فَوْقَ المَقَاعِدِ، قَادِمٌ شَوْكِي إِلَيْكُمْ:
يَا أيُّهَا الشُّعَرَاءُ مِنْ خَلْفِ الزُّجَاجْ
يَا أَيُّهَا الدُّخَلَاءُ مِنْ سَقْطِ السِّيَاجْ
يَا أَيُّهَا النُّدَمَاءُ فِي كَأْسِ الخَرَاجْ
يَا أَيُّهَا الثُّقَلَاءُ فِي زَيْتِ السِّرَاجْ
هذَا خِطَابِي قَائِمٌ فِي بَابِكُم، وَهُوَ الرِّتَاجْ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى