السبت ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢
بقلم فداء جربان

عرب الداخل في ثنايا الذاكرة

تشرذمت قوقعة ذاكرتي حين التقيتهم ففي مقلتيهم ذكريات وطن وغصة من الألم البائن كبركان ثائر في قلوبهم يضخه لترتوي به شرايين أوردتهم ويحرق عباراتهم الخارجة من أفواههم لأرى بقايا دخان من نيران أحرقت السلام والعيش بأمان في الوطن المسلوب الذات، إبتدأ الكلام واستجر ذكريات بائسة باتت كالوشم على قوقعة الذاكرة لا يمحوها الزمان ولا تغييب المكان، مدن تهجرت ومواطنيين تشرذموا في بلاد الله الواسعة وجزء منهم رفض إلا أن يكون متشبثا بأرضه كتشبث الروح بالجسد ورفضوا أن يولوا الأدبار لمن اجتاحوا البلاد تحت شعار " لا للاغيار "، وبعد انقضاء الغيمة المشؤومة التي دمرت الوطن بفيضان سلب الأمل وغير معالم الوطن ليرسم حدود ملعونة حكمت على من بداخلها باللعنة ومنهم عرب الداخل الذين دفعوا ضريبة البقاء في الأرض وما اقساها من ضريبة، فقد ضربت الذات بعمق حتى جردتها من وطنيتها الباسلة، ولعل ما يدمي القلب أنهم دفعوا الضريبة من أهلهم وإخوانهم العرب في داخل فلسطين وخارجها وحتما هذا لا ينفي أن هناك ضريبة من الطرف الأخر فضريبة الماء غير ضريبة الكهرباء، لكن قد نتسائل لماذا ؟ لماذا الصورة النمطية المتبلورة ضد عرب الداخل ؟ تأتي الإجابة بأن السبب يكمن بالهوية الزرقاء التي يجملونها والتي تؤكد على جنسيتهم الإسرائيلية. هل باتت الوطنية تقاس بورقة تعكس الجنسية وتتمثل بما يسمى بالهوية الإسرائيلية أو الفلسطينية ؟ البعض ممن يحملون الهوية الفلسطينية ليس لديهم أي صلة بالأرض والوطن وكثير ممن لا يملكون هذه الهوية يتشبثون بالوطن والأرض والسبب أن الوطنية لا تنعكس بأوراق رسمية بل تتجسد بالذاكرة والروح والجسد لتشكل وشم يضاهي الأوراق الثبوتية ويرتسم على قوقعة الذاكرة الأبدية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى