السبت ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم أسامة كمال

الفراشة الخضراء

وقفت ريم في شرفتها تنتظر لحظة غروب الشمس، فاقتربت منها فراشة خضراء، رفت بأجنحتها حولها، فهشتها، فوقفت على أنفها، فهشتها، فوقفت على كتفها.ضحكت ريم وأمسكتها، ووضعتها على حافة النافذة، وسألتها:

 أين بيتك.... ؟
 أنا حرة طليقة، أتنقل من وردة إلى وردة، ومن شجرة إلى شجرة، ومن بيت إلى بيت.
 ألا تتعرضين للخطر.....؟
 عندما أشعر بالخطر أختفي وأعود من جديد

وبعد لحظات جاءت لحظة الغروب، واختفت الفراشة الخضراء بين الورود والأشجار والبيوت.
في الصباح رفّت الفراشة الخضراء حول بيت ريم، وحلقت وطارت من شرفة إلى شرفة، ومن غرفة إلى غرفة حتى رأت ريم نائمة، فرفت، ووقفت بين عينيها، ورفرفت بجناحيها، فصحت ريم من نومها، وضحكت من قلبها وقالت:

 أنت مرة أخرى
 نحن أصدقاء منذ الأمس
 إذن علميني أن أطير
 هذا مالا أستطيع
 لماذا...؟
 أنت فتاة جميلة تستطيعي أن تمشى، وأن تجرى، وأن تقرئي، وأن تحلمي... وأنا مجرد فراشة أطير من وردة إلى وردة ومن بيت إلى بيت.خلقك الله فتاة جميلة، وخلقني فراشة تحلق وتطير.

 أحلم أن يكون لي جناحين وذيل من الريش... وأطير فوق البحر والأرض، وأقترب من نجمة السماء التي تلمع في الليل.
 إذن لنصنع معاً طائرة من الورق، ونطيّرها إلى السماء، ونضع فيها صورتك.
وبذلك تطيري وتصلى إلى السماء.

وافقت ريم على الفكرة، وصنعت طائرة ورقية جميلة، ووضعت فيها صورتها، ووقفت فى نافذتها الصغيرة، وطيّرتها إلى السماء، وما أن رأتها الفراشة الخضراء حتى طارت إليها... لكن طائرة ريم أخذت تعلووتعلو.. حتى اقتربت من السماء، ولم تستطع الفراشة الخضراء أن تصل إليها.
فضحكت ريم وقالت:

 الآن أستطيع أن أطير إلى السماء، وأتفوق علي الفراشة الخضراء.

في الصباح ذهبت ريم سعيدة إلي المدرسة، تحمل حقيبتها الزرقاء علي ظهرها، ووردة حمراء علي شعرها، وفراشتها الخضراء تحلق وتطير وتختفي بين أشجار الصنبور والكافور.

ثم تخرج إليها، وتقف علي شعرها وكتفيها.
وما هي إلا دقائق حتى ألقت طائرات العدوبالنيران في كل مكان، فاختفت الفراشة الخضراء بين الأغصان، وانتظرت حتى زال الخطر. وعادت لتجد ريم ملقاة علي الأرض وبجانبها حقيبتها وكراستها ووردتها الحمراء.

ولم يمر النهار حتى طارت كل الفراشات حاملة صورة ريم وطاروا بها إلي السماء.


مشاركة منتدى

  • الفراشة الخضراء قصة جميلة تحكي عن الحرية وتنتهي بالعدوان
    ضد اىطفال الابريا الذين لايحلمون الا بالفراشات الملونة والطائرات الورقية التي تحمل احلامهم البسيطة وتدور فيها في فلك الحلم ليس الا ولكنهم يقابلون بطائرات تمل شتى انواع الفنابل والصواريخ شكرا اسامة ابو زيد على هذه القصة
    سالم شاهين
    قاص من العراق

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى