الأحد ٥ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

الجامعات.. وترتيب الأولويات

تواجه الجامعات في زمننا الحاضر تحديات كبيرة لا حصر لها، كما تواجه انتقادات متزايدة تجعل من الضروري والضروري جدا فتح ملفاتها لكي يتيسر للمواطن أن يعرف الحقيقة، وان يستعيد بعض ثقته المفقودة في مؤسسات التعليم العالي.

نسمع عن تقييمات عالمية وتصنيفات للجامعات، ولكن المواطن العربي يشعر بالخذلان عندما يكتشف أن الجامعات التي تحمل أسماء براقة مستوحاة من التاريخ التليد أحيانا ومن أسماء شخصيات تاريخية كان لها وزنها في زمنها، يكتشف أنها لا مكان لها ولا حتى في ذيل القائمة.

ورغم أن عدد الجامعات ازداد ويزداد وفق متواليات عدديه وهندسية، إلا إنها ما زالت تعتبر في الواقع غثاء كغثاء السيل. ففي أحسن الأحوال أصبحت مطابع للشهادات الكرتونية التي يفاجأ حاملوها أنها لا تعني الكثير في سوق العمل والمنافسة العالمية. كما أنها في أسوا الحالات مؤسسات خيرية للتوظيف بالواسطة لأشخاص شبه عاطلين عن العمل والعجزين عن الإبداع والإنتاج.

ويشعر المواطن العربي بحزن وهو يرى أن معاير الشفافية غائبة في العمل الجامعي، فلا احد يعرف كيف يصنع القرار، والجميع ينتظر فقط إصدار القرارات والتشريعات التي تنزل كالقدر من فوق إلى تحت. ولم يحدث أن سمعنا عن محاسبة أو محاكمة لأشخاص أو هيئات أو مجالس أو لجان ساهمت بشكل أو بآخر عجز الجامعات ماليا وإداريا وأكاديميا، فبقيت بعيدة سنين ضوئية عن أهدافها، إن كان لها أهداف أصلا.

يتساءل المواطن المسكين إن كان لكل جامعة رؤية أو رسالة تعبر عن أهداف سامية، وان كانت هذه الرسالة والرؤية تعبر عن التزام جميع مكونات الجامعة من طلبة وهيئات تدريس، ومجتمع محلي، وجهات داعمة أو مؤازرة. وربما كانت هناك بعض العبارات تعبر عن الرسالة أو الرؤية أو الأهداف، لكن السؤال عن مدى مصداقية تلك العبارات، ومدى مشاركة كل ذوي العلاقة بما فيهم الطلبة في إقرار هذه الرسالة والرؤية والأهداف وإعادة تقيمها وتقويمها ومراجعتها وتعديلها عند الضرورة بين الحين والآخر.

لا بد لكل جامعة من بوصلة تحدد وجهتها، والكارثة أن لا تكون لديها وجهه أو بوصلة ترشدها إلى الطريق القويم. ومطلوب من كل جامعة عامة أو خاصة أن تعلن عن رؤيتها ورسالتها وأهدافها وبوضوح كامل. ومطلوب من كل جامعة أن تكون لنفسها شخصية علمية مستقلة تميزها عن غيرها، وان لا تكون نسخة طبق الأصل لما سمي بالجامعة الأم.

ومطلوب من كل جامعة أن تجيب عن تساؤلات المواطنين والطلبة وهيئات التدريس والموظفين وأفراد المجتمع المحلي ومؤسساته. ومطلوب من كل جامعة أن تبدد كل الشكوك التي تحيط بالية حوكمتها وصنع القرارات فيها. ومطلوب من كل جامعة أن تتبنى مبادئ الشفافية الكاملة في إعمالها ونواياها، وان تنشر للناس خطتها الإستراتيجية، وميزانيتها التفصيلية، وبرامج تنفيذها، واليات إنفاقها.

باختصار، لم يعد كافيا أن تنوح الجامعات وتجوح متباكية على أحوالها العاجزة. ولم يعد مقنعا أن تتخذ القرارات بشان التعليم العالي من دون ديمقراطية وانتخابات ومشاركة من الجميع. وباختصار أكثر، لم يعد ممكنا أن تستحوذ فئات معينة غير منتخبة وغير كفؤة أحيانا، رغم تأهيلها الشكلي، بإدارة دفة التعليم العالي وقيادته نحو مزيد من العجز.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى