الأربعاء ١٥ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم فريد شرف الدين بونوارة

الثالوث التاريخي

حين يروى التاريخ الغابر، والأزمنة الماضية عن الانسان العربي لن تجد خطوط السلبية تسطع في الأفق، ربما تجد في تلك الروايات الكمال البشري الذي يحمل لنا اليقين في الفروق بين الدهرين، أعتقد أنه يخيل للسامع وجود حياتين احداهما مضت والثانية تروى في الزمن الحاضر، قد يصيب حينا غير أن الحقيقة تَروي لنا أنه لا حياة الا واحدة، بيد أنها قسمت لثلاثة أجزاء أنا أؤمن بها

فالأول قص علينا تاريخا عربيا نُحت بأحرف من ذهب على أرقى وأجمل أنواع الأحجار الكريمة، حين رسموا أروع معارك الحياة وأركعوا الأباطرة والملوك ومسحوا الأرض بدمائهم الزكية، بل رسموا دروب الانسانية في الأفق، جابوا جل البلاد وسنوا فيها قانونا ربانيا لا يحوز بين كفيه عدا العدالة الموحدة، تلك هي الحقيقة الأزلية التي لا يمكن أن يمسها بشر، مادام السماء حفظِتها برعاية الله بين سطور دواوينه

أما الثانية فماهي الا تاريخ جافل بور لا يمت بأي صلة للإنسانية، فهو لا يحمل في طياته سوى التمرد والشقاء، العناء والكُبْت، ذلك أنهم صاروا يحبذون الحياة وما تحمله من صفات، ليتها كانت جميلة، عذرا أيتها الحياة فأنت تحملي في جُيوبِك نوعا من القذارة، حتى الحماقة رسمت على جل أيامهم، لدرجة أنهم أصبحوا أكبر حمقا من الحماقة، ان كثر وصفهم لن يَملئ صَدفات البحار والمحيطات ورغم هذا لن يمحو الماضي الجميل

أما الثالثة لم يحدثنا عنها التاريخ بعد، بيد أن طيوره الزاجلة تنقل لنا البشرى بعودة ما مضى، هكذا تروي رسالته التي يقر بأنها ربانية لا يحبكها هو بحبره بل تُنزل مختومة بطابع العصور ليقر لنا بأن الأزمنة ثابتة والنفوس متغيرة، هكذا مرت حياة الانسان العربي، وهكذا ستمر حتما
وبدوري سأصدق رؤيا منامي وأصدق ثالوث التواريخ، كما يؤمن النصارى بالثالوث المقدس، ربما أعيش في احدى العصور غير أني أحبذ أولها، ان حظي عثر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى