الأربعاء ٢٢ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم عبد الجبار الحمدي

الركن ذو الظلمة الخافتة

متى ما امسكت خصري، أراك كنبتة اللبلاب، تلتف حولي بذراعيك، تتسلقتي بكل معنى الكلمة، أصدقك القول... أني أتوق الى تلك اللحظة، لأني أحسك تنتشي تألقاً، كأنك تمسك نصف الكون الآخرالمفقود بداخلك، ذاك هو ما أشعر به حين تحدثني بمفردات متزنة عن عشقك لي، أتصورها لا تطرق باب فؤادي الذي تركته مشرعا لك الى الأبد.

ففي بعض الاحيان ومتى ما أبتعدت عني لشأن ما في الحياة.... أجلس في ركننا المفضل، أنظر الى أشياءك، كل أشياءك التي خلفتها في آخر لقاء جمعنا سوية، فزجاجة الخمر التي تركت نصفها دون أن تحتسيه كعادتك أقلقتني، بعدها أتطلع الى لفائف سجائرك المبعثرة خارج المطفأة، والى أقداح تصافقت نشوة في ظلمة ونور خافت... (أني أموت عشقا بك) هذه العبارة هي سبب ضعفي، مفردات من عيون ناعسة ولهة، شفاه آراها مشبعة بلهيب الشوق ترنو الى شفاهي، لتِذَوب جليد أنتظارها، توقد براعم فورة أنوثتي، أتفجر حمماً بداخلي حين تمسك خصري، أجدني ألتف عليك بدوري، كثعبان يتراقص على نغمات رغبة، طلبا لعزف أناملك متى ما تتلمسني، آه يا حبيبي... أتراك تغيب لمدة طويلة؟؟؟ أم أنك لا تقدر على بعدي؟ هل يصبك فراقي بالجنون كما أنا الآن؟؟ هل تهمس لنفسك وتبتسم حين تتذكر ما كنا نفعل؟ أظنك تفعل!!

هيا يا حبيبي... عد الى حضني، دعنا نتسلق بعضنا البعض، دون الأكتراث بما حولنا، أرقص معي أمسكني بقوة مثلما تمسك زجاجتك التي تفضلها دون غيرها، هكذا قلت لي ذات مرة إنك تحب لوني الخمري، تماما مثل الخمر الذي تحتسيه مجونا، ترتشفني حتى أخر قطرة، ثم تعتزلني لتسحب الدخان من لفافة سيجارة، كأنك تعيد تلقيم صدرك رصاصاً، لتطلقه علي مثل شاب غر، حقا أقول لك... فبعد تلك العشرة، ما أنا بالنسبة إليك؟؟ أم أن سؤالي جاء متأخرا، بعد أن عبرت الايام البيضاء سواد السنين وأزدادت مساحتها، يا إلهي!!! ماذا جرى لي هل جننت!!؟ كيف لي أن أسأل مثل هذا السؤال!؟؟ كيف أشكك بحبه لي؟؟! أتراه الشوق له، أم هي الغيرة؟ تلك التي أراها تتجسد لي متى ما جلست لأعيد صياغة شعري ووجهي، تهجم هي بهواجسها، مطلقة أتون شكوكها مقارعا، تضرب فراغ وحدتي، طول انتظاري، قلعة سكينتي بداخلي، لكن يا حبيبي... كثيرا ما جنحت للسلم هدنة، فقط لأدرأ عواقب غيرة وشك، أتصفح بعض قصص الحب، أروي ظمأي إليك، فأقرأ غيرة العشرين وحب لا يعرف اليأس، أغرق في مرة أخرى في بحر الشوق إليك، لكأني سبحت فضاء البقاء وحيدة من أجلك شوقا جديدا، فأعمل على ترتيب المكان الذي نحب، أفتح ستائر الانتظار حتى عودتك، أُدخل ضياء الشمس ترانيم أمل، أحيط بذراعي كل أشياءك التي أحبها، أعلق ملابسك التي رميتها كطفل مدلل ساعة عودتك، ألملم بقايا أعقاب سجائرك المبعثرة، أمسك بخصر زجاجة خمرك المعتق؟!! أضحك مع نفسي حين أتذكر عباراتك، فأهمس الى نفسي قائلة: أتُرى هذه هي التي أغار منها؟ أيفترض أن أحرمه منها!! أرميها مثلا ...

ولكن... كيف لي الحق أن اتجاهل ما يحب؟ لا ليس أنا من يحكم عليه...، كان لضحكتها بصوت عالٍ ردة فعل غريبة عليها، أتراني أُسكره صبابة، وولهاً مثل هذه الخمرة، متى ما تذوق شفاهي التي اتخمت ولها الى صدره، كم أنا مجنونة!! أُشَبه نفسي بتلك الزجاجة، خاصة حين أمسك بخصرها، هكذا هو الشعور إذن! الاحتواء والسيطرة، عادت ورسمت على وجهها ابتسامة عريضة... هكذا هم الرجال، يحبون أن يحتون الاشياء الجميلة، كل الاشياء، ومن ثم السيطرة عليها، لا يهم.... ما دام يشعره ذلك بالطمأنينة والسكون، يرغمه الشعور لاشك بالعودة الى عشه، الذي يحسسه بجبورته وسطوته، بل برجولته التي يفتدقتها خارجه حين يلتقي نساء غيري، لا يمكن لأيهن أن تشعره كأمرأته التي زُقت ركائز القبح فيه ثم جعلتها مستساغة، شعرت إنها امرأة كاملة الأنوثة، عمدت الى ترتيب كل مساحات الفراغ التي افترضتها هواجسها، جلست... عادت تقرأ من جديد وهي تسمع سمفونية بحيرة البجع، لتسبح في بحيرتها الزرقاء التي شق زورقها مياهها الساكنة، تقلب صفحات قصص الحب، مثلما تُقَلِب نبضات قلبها مشاعر الحب في عمر خريفي بأنتظار عودته، بكل فصوله التي عاشتها معه وذكريات الركن ذو الظلمة الخافتة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى