الخميس ٨ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

وزاره للبحث العلمي..لم لا؟؟

لماذا حشرت عبارة «والبحث العلمي» في ذيل التسمية الخاصة بالتعليم العالي؟؟ ومن قال أن للتعليم العالي في بلادنا شان بالبحث العلمي الجاد والرصين؟؟ يكاد يجمع الجميع على أن جامعاتنا ذات طابع تدريسي بحت، وباعتراف الجميع فان الشيء الأساسي وربما يكون الوحيد في عمل جامعاتنا هو التدريس ومزيد من التدريس ولا شيء غير التدريس.

إن ربط البحث العلمي ونشاطاته وأهدافه بوزارة التعليم العالي قد لا يكون هو الطريقة المثلى لتحقيق طموحات المجتمع المتمثلة في إيجاد وسائل معقولة وذات كلفة مقبولة لحل مشكلاته وهي أكثر من كثيرة. إن وزارة للتعليم العالي كما يدل اسمها من المفترض أن تكون موجهه لسياسات التعليم العالي في الكليات والجامعات والمعاهد التي لا هم لها حاليا غير طباعة الشهادات وتصديقها وبيعها على طالبي الوجاهة والوظائف الحكومية.

تكتظ الجامعات بالطلبة وهيئات التدريس والموظفين والحمولات الزائدة من كل صنف،و تترهل مؤسسات التعليم العالي الرسمية وتنوء بأحمالها الثقيلة من مديونيات متراكمة لا يعرف أحدا كيف جاءت وكيف أنفقت. وتتسابق الجامعات الخاصة في سبيل الربح المادي المتأتي من بيع الشهادات التي في بعض الأحيان لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به.

لا يوجد لدينا ما يمكن تسميته بجامعات بحثية، ولا يتقاضى احد راتبه الشهري إن لم يكن مبررا بما يسمى بالعبء التدريسي المتمثل بعدد الساعات التي يقوم بتدريسها. أما ما يسمى ببحوث الأساتذة وهيئات التدريس فجميعنا يعرف الحقيقة المرة وهي أن هذه البحوث تطبخ على عجل وتنشر في مجلات محلية تدخل الواسطة في أعمالها وأولوياتها.

ينشر المدرسون أبحاثا تحت التهديد بالفصل من الخدمة، ويريدون أن ينجو بأنفسهم من سيف التعليمات، كما ينشر البعض الآخر بحوثا وهم تحت ضغط العبء التدريسي الذي يرافقه ساعات تعليم إضافية يتهافت عليها المدرسون من اجل تحسين أوضاعهم ودفع بعض فواتيرهم، ومجابهة أعباء الحياة العصرية.

وينشر البعض الآخر بحوثا من اجل الترقية التي تفتح آفاقا بالسفر والتفرغ العلمي الذي لا علاقة له بالبحث العلمي حيث يكون في الغالب لمزيد من الفرص المادية بتحسين الوضع المادي لا غير. ويسعى البعض الآخر إلى المنافسة نحو المناصب الإدارية والوزارية التي حصرت بالأستاذية، والتي قد لا تعني أبدا بالضرورة امتلاك أية مهارات قيادية.

كما لا يخفى عليكم أن الميزانيات المخصصة للبحث العلمي هزيلة في أحسن أوضاعها. ومن اجل أن تحصل على دعم منها، لا بد من المرور بإجراءات بيروقراطية كثيرة تجعلك تكفر بها وتتخلى عن السعي لها. ولعل بعضكم سمع عن قيمة المخصصات التي رصدتها كبرى الجامعات لغايات البحث العلمي وحضور المؤتمرات هذا العام. لقد خصصوا ما قيمته مائة وستون دينارا لكل عضو هيئة تدريس ينفقها على البحث العلمي والمؤتمرات كيفما شاء شريطة المرور بكل الإجراءات البيروقراطية المعروفة.

نريد وزارة متخصصة بالبحث العلمي في بلادنا، ونريد أن تكون مستقلة لا محشورة في ذيل وزارة أخرى لا هم لها غير القبول الموحد وبعض الأعمال الروتينية. نريد وزارة نشيطة تسعى إلى الاستفادة من مخرجات البحث العلمي الصحيح، وتتبنى سياسات واضحة وإستراتيجية وطنية للبحث العلمي يعهد لها بمهمة الارتقاء بتفكير الشعب. نريد وزارة تعيد للبحث العلمي مكانته وألقه المفقود منذ عصور.

البحث العلمي في بلاد العرب وفي بلاد العالم الثالث مزحة سمجة وربما كذبة كبرى نكذبها على أنفسنا ثم نصدقها. أنا شخصيا لا أحب المزاح وقد سئمت من الكذب!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى