الخميس ١٥ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم أحمد فراج العجمي‎

شهيد .. وخمسة ملوك

شوقي إلى فتح الفتوح رهيبُ لأكاد من فرط الحنين أذوبُ
وعلى الحدود أخوّتي مجروحة وعلى بلادي النائباتُ تنوبُ
وعلى الخدودِ تأسُّفٌ يجتاحُني والدمعُ خَلَّفَ في الفؤادِ نُدُوبا
يا قدسُ طالَ البُعدُ وانْفَطَرَ العلا فمتى أراني من ثَراكِ قريبا
بانَ الهلالُ، متى يُشعشعُ نورُهُ بدرًا يُجَلّي أُفقَنا المصلوبا
كم أرّقتْنا سكرةٌ وضميرُنا قد غارَ في عمقِ الدُّجى محجوبا
وكرامةٌ جُرحَتْ وأفقٌ نازفٌ والرأسُ كان مُطأطِئًا مغلوبا
لكنَّ جيلَ الفاتحينَ مزلزِلٌ أرضَ الطغاة، فمَن يَرُدّ غضوبا؟
سأرى العدوَّ على أسنّة ثورتي وعلى سياط كرامتي مرعوبا
وأميطُ عن زيتونتي هذا الخنا وأضخُّ من إشراقتي يعبوبا
بدمي أضيءُ على المكارِهِ غُوطتي وأخطُّ في هذا الظلام دروبا
إنّي على أبوابِ قُدسكِ يا دمشقُ مجاهدٌ والدهرُ كان رقيبا
وبذرتُ بذرةَ ثورتي في تونسٍ وسَقَيْتُها والطينُ كان خصيبا
وعجبتُ لمّا أثمرَتْ في لحظةٍ قلبًا على هذا الغباءِ غضوبا
فقطفْتُ من ثمراتِها وغدوتُ في عامٍ أفيضُ على الشبابِ قلوبا
فَجَرَتْ بكلّ عروقِنا صَيْحاتُها وتفجّرتْ فوقَ البلادِ هُبوبا
فزعَ العجوزُ وصارَ يَهذي قائلًا وَلَدي لكُمْ خيرُ الطّغاة نصيبا
ومضى يَصُبُّ بنيلنا أرواحَنا حتّى غَدَا من قُدْسِها مرعوبا
والنيلُ يسقي مصرَ حتّى أُتْرِعَتْ بالحزنِ، يَنْثُرُ في الجنائزِ طِيبا
والشرُّ يجلِدُ أُفْقَنَا وسياطُه رَسَمَتْ على أحلامِنا التّعذيبا
لكنّ في الإيمانِ ما يكفي لِأَنْ يبقى الشبابُ على اللهيبِ لهيبا
فانْهارَ هذا الشّيبُ من تكبيرهم والسّجنُ أحرى أن يكونَ مَغِيبا
سَخِرَ الجنونُ وقال إنّي غيرُهم أنا ثائرٌ لمّا أزلْ محبوبا
مَلِكُ المُلوكِ وذا كتابي ثورة في عالم لا يَقْبَلُ التّجريبا
والشعبُ حاكمُ نفسِه، بُتْرُولُه مِلْكي فإنّي أُحْسِنُ التّنقيبا
فأفاقَ من هَذَيَانِه قَلِقًا على صيحاتُ شَعبٍ أَبْطَلَ التّكذيبا
واستأجَرَ الشيطانَ كي يغتالَهم والشعبُ لمّا يُتْقِنِ التّدريبا
عشرونَ ألفًا أو يزيدُ دماؤُهم سالتْ لتجرفَ صائلًا مجذوبا
كانت نهايةُ أمرِهِ في حُفْرِةٍ تَعِظُ اللبيبَ وتُسْكِتُ التّأنيبا
ذهبَ الثلاثةُ في أذلِّ نِكايةٍ مَنْ بَعدَهم قد يستذلّ شعوبا
يا أيُّها الحكامُ كم ذا عبرةٍ تُرِكَتْ فلم تُدْرِكْ فؤادَ لبيبا
لم يتّعظْ كرسيُّ رابعِهم بهم ومِزاجُهُ قد هدّنا تقليبا
فَهَوَتْ عليه من المآسي زفرةٌ حَرَقَتْهُ إنّ على الصدورِ لهيبا
نهرُ الدماءِ مضى عليهم مُثْقَلًا والبَغْيُ يَسْحَقُ حُلْمَهُم تغريبا
والآن قد هَرَبَ الظلامُ مُؤَمَّنًا ودمُ الضحيةِ لم يَزَلْ مَصبوبا
يا شؤمَ من قد أثخنوا في أرضِنا ثم استقالوا يطلبونَ هروبا
هيّا اهربوا من قبضتي نحو الردى واستشرِفوا يومًا أراه عصيبا
يومَ الحسابِ فلا سياسَةَ عندَه تُنجي الطغاةَ وتُفْلِتُ التّخريبا
يا ربُّ إنّ نساءَنا في الشام قد أدْمَيْنَ قلبي وانفطرنَ وجيبا
أطفالُنا أدركْتُ من صرخاتهم وعيونِهِم قبلَ الأوانِ مشيبا
وإليكَ أشكو مَن تَرَاخَوْا عن دمي وأبَوا إذا حَمِيَ الوطيسُ رُكوبا
أرْسَلْتُ للشام الأبِيَّةِ دعوتي واللهُ خيرُ السامعينَ مُجيبا
والجامعُ الأُمويُّ يَعْرِفُ جُرأتي فأنا الغنيُّ بنجدتي تلقيبا
وأنا الشهيدُ أبيعُ رُوحي طائعًا ما كان سَعْيِي في الرّدى مَرهوبا
أعلو وأسْتَبِقُ الحياةَ مُلبِّيا أَمَلي إلى أُفق أراهُ رحيبا
أَمْضي وأحْمِلُ للأسيرِ مروءَتي وأضمُّ نفسًا للقراع طروبا
إن القصاصَ لنا حياةٌ مَنْ عَدَا يُعدَى عليه كما اعْتَدى تأديبا
إيهٍ دمشقُ من الشجون فإنه ما زال في شرياننا مرغوبا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى