الثلاثاء ٢٧ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم بدعي محمد عبد الوهاب

مصرُ تنعي نفسها

أيُّها الفلاح
عُدْ لتحمل رايتى
 
لا تسألوني من أنا
ولتعلموا هذا أبي..
وإن لم يكن أبي نسباً
ففي عيْنيْه يرقد مولدي..
ومن كفيْه ينبعث الندي
عزاً وشرفاً للبسالة سادتي ..
وفي قدميْه تلمعُ حلَّةٌ
من أرضنا سمراء
بلوْن مصر حبيبتي
 
آهٍ أبي
الضعفُ يسْرى بمعصمي..
كثرتْ قيود الطامعين
إن مات قيدٌ
يحْيا قيدٌ في يدي..
والقوس خان العهود مصوباً
كلّ النبال الي ثوابت كاحلي..
والشمس من خلف السحاب تمنَّعت
سكنتْ إلي غيْباتها
فلم أراها بناظري
 
آهٍ أبيِ
الكلُّ يرفع أغلي أوراقٍ لديْه..
الكلُّ يحمل ألف خنجر في يديْه..
الكلُّ يحلمُ أن يُضاجعني
ويثبِّتُ الأحداقَ
يحمل التاج اللعين
علي أنامل إصبعيْه..
من يحمي التاريخ غيرك يا أبي
من يحمل الأمجاد بعدك يا أبي
علي عاتقيْه
 
بغدادُ تسأل كل يوم
ماذا جني طفل العراق
ذبحوه ظلما بالفرات
علي مشارف ضفـَّتيْه..
ما دام ابليس الرجيم متوَّجٌ
في كل فجر نستعدُّ إلي الصلاه
ترْتب علي أكتافنا كِلتا يديْه..
سيظل مسجدنا الحرام معذباً
يحنو إلي الأقصي
فوا أسفا عليه..
 
قتلوني يا أبتاه
وعلي مشارف كعبتي
صلوا صلاة الغادرين إلي الإله..
قرآننا فوق المكاتب
في كل عامٍ نستعينُ بخرقةٍ
تمْحو التراب وعن عمدٍ تركناه ..
ابليسُ
في كل يوم يستبيح عقولنا
فوق المآذن قد قمنا حملناه..
القلب يخفق بين أشلاء الزمان
نبض الرجال.. بأس الرجال
حلمٌ لقيطٌ تاه يا أبتاه منَّا
قد أضعناه..
أبناءنا أحفادنا أكبادنا
جاءوا إلي الدنيا كغصنٍ
يئنُّ من وطئ اليمام
يئنُّ من وطئ اللئام
وبالعزة قد وعدناه..
أما آن أن ترجع كرامتنا
صوت الصقيع فحيحٌ قد سئمناه..
كل الأفاعي بجوف الليل ترقبنا
صوت الضفادع
بلا أسفٍ صار يرعبنا
صهل الخيول تلاشي ما سمعناه..
فرَّ الفوارس في كمدٍ بخسَّتهم
تركوا النساء للأعداء تهتكهم
فلا أنساب بعد اليوم يا أبتاه..
 
آهٍ أبي
أنا مصرُ ابنتك التي
شقَّ الغبارُ بأرضها سحب السماء ..
أنا مصر ابنتك التي
وقف الفوارس عند بابي في رجاء ..
أنا مصرُ ابنتك التي
ما أغلقت باباً بوْجه السائلين الأشقياء ..
أوأغلقت باباً بوجْه السائلين الأغنياء
فالكلّ في أرضي سواء ..
والكلّ في عيني سواء
آهٍ أبي
رحلتْ مياهُ النيل
ما عادتْ لتحضر حلَّتي في كل عام ..
ماتت ورود الياسمين
وغدت فلول الشوك تحتل المكان ..
فالكل مُختالٌ ودجَّالٌ ومحتال
 
أيُّها الفلاح .. أيا أبي
أخبرتني ان الحقَّ منتصرٌ..
وأنَّ الحبَّ في وطني
وأنَّ الصدق منتشرٌ ..
وأنَّ الجود مكرمةٌ
وأنَّ الظلم مندثرٌ..
حتي تلاعب فوق ظهري بعض فئرانٍ
جاءت تهرول من مخالب للنسور..
أضحتْ علي أرضي نمور
أضحتْ علي قبري صقور..
عُدْ يا أبي
عُدْ يا أبي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى