الأربعاء ١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم حسن الشيخ

الرواية الأسطورية

إعادة قراءة الرواية لاستنطاق جوانبها الاسطورية لا يحتاج الى ضبط مقومات النقد الاسطورى فقط ,بل الى استعادة فهم الاسطورة ذاتها فى اطار بعديها التاريخى والمعاشى , ذلك لان الاسطورة جزء من التاريخ الثقافى للأمم فى الماضى واداء فى آلية التشكيل الذهنى للثقافة المعاصرة , بمعنى ان خيوط التواصل بين منطوق الاسطورة ومفهومها مازالت مشدودة ببعضها البعض .

ولكن كيف لنا فهم المنطوق الاسطورى باعتباره اداة من ادوات التشكيل الذهنى .. والى اى مدى يمكن للاديب توظيف هذه الآلية لاعادة صياغة الواقع الاجتماعى ?, بل وقبل كل ذلك هل يجوز لنا التشكيك في مصداقية الاسطورة ذاتها ?.

واذا ابتدأنا بالاجابة عن ما انتهينا من تساؤل , فإن مفهوم الاسطورة هو غير مفهوم الخرافة , ففى الاسطورة نستطيع تلمس اساس مصداقيتها وشموخها وتحديد أبعادها الاخلاقية والتاريخية , بينما لا نجد فى الخرافة تلك المصداقية وينعدم فى كثير من الاحيان بعداها الاخلاقى والتاريخى تماما .

ولكن يبدو ان استعمال الاسطورة فى العمل الروائى جاء لانتاج العمل التاريخي - إبتداء - لا لإبداع العمل الروائى ذاته , إلا ان المتلقى استحسن استخدام الاسطورة تاريخيا , فوظفها المبدع فى عمل نتاجه الروائى , ففى الادب الفرنسى يذهب (ميشيل زيرفا) فى (الاسطورة والرواية) الى ان قصص بروت , وايناس , وقصة طروادة , وقصة طيبة وقصص اليكساندر هى ؛الآباء الخمسة المؤسسون للرواية الحديثة« لا فى فرنسا فقط بل وفى الادب الحديث عامة .

ومن خلال الفهم العريض للجانب الاسطورى زاد الاقبال على العمل الروائى , فما كان من المبدعين الا تدعيم هذا التوجه وتحميل شخصيات ابطالهم ؛الخرافية« تلك السمات الوجدانية التى يحملها ابطال الاساطير القديمة , وهذا الجانب السيكولوجى فى تقنية الرواية ساعد على انتشار الرواية الاسطورية.

الا ان الاسطورة ذاتها قلبت وتعددت محاورها فلم تعد ذات طابع عسكرى فقد بل اشتملت على البعد الرومانسى والاجتماعى والفكرى وصاغها البعض باسلوب اكثر واقعية مغاير لجوهر الاسطورة ذاتها .
أما كيف يمكن اعتبارها اداة من ادوات التشكيل الذهنى , فلأن المبدعين حاولوا تأكيد واضافة قيم أخرى جديدة لاعادة التوازن بين الفئات المتصارعة على الساحة الاجتماعية , وذلك عبر توظيف العمل الاسطورى فى رواياتهم , بل وساعدت الرواية الاسطورية على هدم قيم أخرى عند المتلقى .. فتكون الرواية من ادوات التوجيه الاجتماعى .
ولعل السؤال الاهم هنا كيف يمكن فهم الاسطورة فى ثنايا العمل الروائى العربى ?.


مشاركة منتدى

  • موضوع كتير حلو ومهم جدا اشكرك ع طرح هيدى موضوع

    فعلا الأسطوره بدل من تقوم ع توجيه الأنسان ومعرفة الأنسان لتاريخه والأحداث التي صارت ع الأرض وتوجيه الأنسان الى تقدم الفكري والأخلاقي في المجتمع اصبحت عباره عن شيء يستند اليه لعمل قصص وروايات جزء كبير منها من الخيال وافساد عقل الأنسان وبث فيهم الأخلاق السيئه

    اتمنى ان يتم اعاده صياغه الأسطوره كما هيه ع حقيقتها

    عبير

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى