السبت ٣١ آذار (مارس) ٢٠١٢
تكريم الشيخ جميل السلحوت
بقلم محمد عليان

للقدس أن تفخر

للقدس أن تفخر.. للقدس أن ترفع رأسها عاليا.. ففيها سور يطاول السماء.. ونجمات ما فتئت تقاوم الظلام.. وفيها حمامتها أمضت سني عمرها في ذهاب وإياب ما بين الصليب والهلال غير آبهة بكل غاز ومحتل ...

للقدس أن تفخر.. فالشمس فيها تخترق كل ضباب وتنسل من بين كل سحاب..

للقدس أن تفخر.. ففيها للأزقة والحواري والشبابيك عبق وتاريخ..

للزعتر فيها مذاق وللنعناع مذاق وللصبح مذاق...

للقدس أن تفخر.. فيها ريشة وقلم.. سيف وحجر.. لا تذبل فيها الأزهار.. ولا تأفل في سمائها الأقمار.. لا تجف فيها الأقلام ولا تخبو في شوارعها الأنوار..

في القدس لا تخفت أجراس الكنائس ولا يصمت نداء المآذن..

لها أن تتباهى وتزهو .. ففي أكنافها ولد الشيخ ونشأ.. شيخ الكلمة والسيف.. صاحب القلم السيّال والحرف القاطع...عميد ندوة اليوم السابع.. جميل السلحوت الذي استحق بجدارة لقب الشخصية الثقافية المقدسية الأبرز لهذا العام.

لم يكن هذا التتويج يا شيخنا عبثا أو من قبيل الصدف... فأنت سور القدس المنيع ونجمها المتلألئ دوما وشمسها التي لا تغيب..

أنت سيّد القلم والسيف.. أنت عنوانها الثقافي الأبرز والأكثر نشاطا .. أنت من حملها في قلبه وجاب فيها في بطون الكتب.. كتب عنها وقرأ لها وعاش همّها وسكن فيها، وأسكنها فيه وطاف بها بكلمته أرجاء العالم.

أنت من بذرت في أرضها بذرة اليوم السابع، ورعيتها حتى أضحت واحة ثقافية فيها تنبت الأقلام الواعدة، وتصقل المواهب وتتبلور الشخصيات.. فيها يكبر الحب ويتفتح الحلم وتزهراللغة..

من هذه الواحة يا شيخنا ما برحنا نقطف الحنّون، ونتنسم عبق الياسمين، ونتفيأ ظلال اللوز والسنديان.. ونستمتع بثمار الثقافة والأدب.. نقرأ ما تيسر لنا من كتب.. نطرب للقصيدة.. ونبحر في محيط الرواية.. وننسج أحداث القصة.. ونرسم حلما حدوده السماء، ونعيد صياغة وطن ضاع منا، وقيم غابت عنا وفكرة جميلة نتوق إليها..

لم نكن لننعم بقطوف هذه الواحة يا شيخنا لولا جهودكم الدؤوبة أنتم الرعيل الثقافي الأوّل الذي روى شجرها ووردها بعرق الجبين، ومداد القلم وجميل الكلمات وعمق الملاحظات وجرأة النقد والانتقاد.. حتى أصبحت واحة اليوم السابع مؤسسة ثقافية هي الأكثر تجذرا وعطاء يرتادها كل عاشق للكلمة ومفتون باللغة ومتعطش للثقافة والمعرفة.. يرتادها الكبير والصغير.. المتمرس والمبتدئ..

ما أشد فخرنا يا شيخنا، وأنت تتقلد وسام سيّد الثقافة المقدسية.. بعد جهد دام أكثر من عشرين عاما.. أمضيتها انت وصحبك في ندوة اليوم السابع في نحت الكلمة وشحذ القلم، وإرساء دعائم الثقافة الفلسطينية في القدس اليتيمة المحاصرة.. القدس التي يقضمها شيئا فشيئا غول استيطان الأرض والثقافة والتاريخ والجغرافيا.. القدس التي بقيت وما زالت وحدها إلّا من خطابات المنابر.. القدس التي كثرت فيها الخيام والتي قال عنها حكيم واحة اليوم السابع ابراهيم جوهر ذات يومية " هي وحدها التي تعرف أنها وحدها.. "

نعم يا شيخنا هي وحدها وما زالت، ولأننا نتمسك دائما بكل أمل، حتى لو كان أوهن من بيت العنكبوت، نقول وبصوت خافت غير واثق لا يسمعه إلّا نحن: عسى أن يشكل تتويجك سيّدا للثقافة المقدسية، بداية لكسر الحصار المضروب علينا.. وأملا في تقويض حالة اليتم التي نعيشها، وإضاءة ولو خافته على ما يحتاجه المقدسيون من دعم وإسناد لتعزيز ثقافتهم وإمدادهم بوسائل العيش الكريم في مدينتهم، وليس فقط حثهم على الصمود.

كن كما أنت يا شيخنا، فالقدس ضاعت بعد.. القدس باقية.. فيها المسرح الوطني ويبوس واليوم السابع ودواة على السور والمقهى الثقافي.. فيها الثقافة تكبر وتنمو .. فيها الكلمة وخيمة أبو العبد.. وفيها، ولنا ولها أن نفخر وتفخر، فيها شيخنا الكاتب المبدع الشيخ جميل السلحوت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى