الأربعاء ٤ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
بقلم ياسر الششتاوي

اعرف نفسك

قد يجهل الإنسان أقرب ما يكون إليه، وهي نفسه التي بين جنبيه، والمشكلة فيمن يجهل نفسه أنه لايعرف أنه يجهل نفسه في معظم الأحوال، فتتوالى عليه الخسائر المادية والمعنوية.
إن الإنسان في حاجة ماسة إلى اكتشاف ذاته، وسبر أغوارها، ومعرفة مكامن الضعف فيها، فيعمل على معالجتها أو السعى إلى إصلاحها، ومعرفة أماكن القوة منها، فيعمل على تعزيزها، والاستفادة منها بأقصى ما يمكن الاستفادة.

ولا يتوقف اكتشاف الإنسان لذاته على مرة واحدة، بل الإنسان البصير يكتشف نفسه أكثر من مرة وفي أكثر من اتجاه، أي يمكن أن نقول أن الإنسان البصير يكتشف نفسه أفقيا ورأسياً بطريقة دائمة.

فهناك من يعيش ويموت، وقد يكون لديه موهبة ما، ولا يعرف ولم يدرك عنها شيئا، ولا شك أن تلك كارثة قد تجعلنا نخسر الكثير من المخترعين والفنانين والمبدعين المحتملين.

إن أي إنسان وصل لنجاح مبهر، لا بد أن تجد في سيرته ألواناً من المكابدة بل والطرائف أحياناً في سبيل الوصول لما وصل إليه من مكانة، سواء على المستوى الشخصي الداخلي أو على المستوى العام وما يحيط به، فعلى المستوى الشخصي هو في تحد ٍ بينه وبين نفسه، ولا بد أن يثبت لنفسه أولاً قبل أن يثبت للآخرين أنه قادر على الانتصار وتحقيق النجاح، وعلى المستوى العام قد يجد من المعوقات ما يلقى به إلى الفشل أو اليأس، أو من يحقدون عليه، ويحاولون عرقلته، ولكن الذي يعرف نفسه ويؤمن بقدراته، لايمكن أن يغزوه اليأس، ويصنع قاعدة عسكرية بداخله، مهما كانت وطأة الظروف.

"اعرف نفسك " تلك هي المعضلة والحل، فالجهل بالنفس قاتل، ويجعل صاحبه فريسة رأي عابر أو فعل طائش أو واقع متقلب، وتنعدم الشخصية الفعالة في حوزته، ولكن كيف يعرف الإنسان نفسه ؟ ليصبح لديه الحل الذي يجعله ينجو من تناقضات نفسه أحياناً وكذلك تناقضات الحياة؟؟

أولاً: طول التأمل في الأمور، وألا يسجن المرء عقله في أي سجن، ولوكان قصراً فكرياً أو مذهبياً مطلياً بذهب القداسة المزيفة.

ثانياً: البحث والكشف سواء في داخل الإنسان أو خارجه فما تظن أنك غير قادر أن تفعله أو تجده، قد تصبح أنت أقدر من يفعله وأول من يجده

ثالثاً: التجريب فالتجربة ما أكثر ما أعطت الإنسان، ومنها طور حياته، ووصل إلى ما وصل له من تقدم ونجاح، وما يصدق على العام الإنساني يصدق على الخاص الفردي، فعلى الفرد أن يجرب، ويجرب لكي يحصل على المجال الذي يستطيع أن يعطيه أفضل ما لديه،ويأخذ منه ما يشبع أحلامه، وينعش روحه وفكره، وإذا فشل في مجال فعليه أن يجرب في مجال آخر،فكما يقول المثل الشعبي " الحياة تجارب "

رابعا: عدم الاقتناع بما وصلت له أو الرضا النهائي عما أنجرت لأن هذا هو بدايه النهاية، فالناجح الحقيقي كلما حقق نجاحاً ينظر إلى نجاح أبعد وأصعب وأروع، وكلما وصل إلى قمة يشتهي قمماً أخرى، ولا يشبع أبداً من الإنجاز.

خامساً: الإيمان بالعمل الجاد والمتواصل، وأن يخلّف الإنسان منجراً لمن يأتون بعده، من خلال مشروع حياتي ّ يدأب على العمل من أجله والتضحية في سبيل تحقيقه.

وأخيراً يظل لكل إنسان طريقته الخاصة في اكتشاف ذاته فما ينطبق عليك، قد لا ينطبق على غيرك بالضرورة، فالحياة أم الاختلاف، وإنما هذه مجرد لافتات على الطريق، وغيض من فيض، على أمل اكتمال الصورة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى