السبت ٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
مصافحة..
بقلم بلقاسم بن عبد الله

الكـتابة لـجـيـل الـغـد

.. وكيف نكتب الآن لأبناء اليوم وجيل الغد؟.. هكذا تساءل صاحبي المعزز قبيل عودة التلاميذ إلى مدارسهم بعد عطلة الربيع .. بعد أن استيقظ الطفل البريء في داخله، وها هو يرافق ابنه العزيز لمشاهدة عرض مسرحي للأطفال، يشتري الحلوى لرفيقه الصغير، وينسى نفسه، ينتظر كما ينتظرون، يدخل ليجلس كما يجلسون، هو كبير صغير إلى جانب أبنائه الصغار الكبار..أعناقهم تشرأب لتلتصق بالحركة البديعة، عيونهم مغروسة في الخشبة، لتستوعب الأضواء والألوان، آذانهم مفتوحة لتلتقط الكلمات المعبرة والأنغام العذبة.

كان الأب ـ الطفل مبهورا هو الآخر بالمنظر الجذاب الخلاب، يتأمل من حين لآخر مرآة وجه ابنه العزيز، وهي تعكس الحياة على الخشبة. عادت به الذاكرة بعيدا إلى الوراء.. تنهد وردد مع نفسه: ليث الطفولة تعود.

ترى.. لماذا لا يقنع هذا الأب بحاضره وبحياته الخاصة؟.. لماذا يحاول أن يفر من أبوته ليعود إلى طفولته؟.. هل الحنين إلى الماضي والذكريات الغالية السعيدة هي التي تشده للعودة إلى الوراء؟.. أم هو يبحث الآن عن تعويض في كبره، عما فقد في صغره؟.. و هل كانت أيام وليالي زمانه أسعد من لحظات الفرح والمرح عند أبنائه؟..

لكن، لماذا لا يرضى بالقليل الكثير بين يديه الآن؟.. لماذا لا يحرص على تحسين واقعه، وترقية وضع أبنائه؟.. ثم ماذا لو حاول واجتهد للنزول من عليائه، لاحتضان هموم الطفل بجانبه؟.. كيف يمكن أن يتراجع ويتواضع في البحث عن لغة بسيطة عميقة لمخاطبة فلذات الأكباد؟.. قد يكون من السهل أن يجد لغة يتكلم ويناقش بها أقرانه، قد يستطيع الكاتب أو الفنان إبداع عمل للكبار فقط ، لكن، إلى أي حد سيحالفه النجاح لو جرب عملية الإنتاج للصغار وحدهم؟.. إذن، كيف نكتب لأطفالنا الأبرياء؟..

لعل أول ما ينبغي أن يهضمه ويدركه جيدا كل كاتب أو فنان هو نوعية جمهوره ومميزاته، ويتعلق الأمر هنا بمعرفة طبائع الأطفال، ومراحل نموهم، وخصائصهم النفسية، واحتياجاتهم الفكرية والجمالية ومستواهم اللغوي، وحصيلتهم من المعلومات والمعارف العامة.

ـ الإعتبارات التربوية: فالكتابة للأطفال هي أساسا نوع من التربية، تكتسي أهميتها البليغة والبالغة في مجال الفعالية والتأثير، ويرتبط المجال هنا بتبليغ رسالة تربوية واضحة.

ـ الإعتبارات الأدبية: فكاتب الأطفال ينبغي أن يجمع بين الموهبة والدراسة، مع الإلمام بأصول التربية وعلم النفس، وبالجوانب الفنية لكتابة القصة أو المسرحية أو الأنشودة.

ـ الإعتبارات الفنية: قد يكون الوسيط الذي ينقل الكتابة للأطفال، كتابا أو مجلة أو مسرحا أو فيلما سينمائيا. إذن، كاتب الأطفال، يجب أن يكون على وعي كامل بالإعتبارات الفنية الخاصة التي تميز كل وسيط من وسائل التبليغ.

تلك باختصار شديد، أبرز الأسس الأولية للكتابة الموجهة للأطفال، وقبل ذلك وبعده، ينبغي أن نحب بعمق هؤلاء الملائكة الصغار، ففي داخل كل منا، يرقد طفل بريء، لنتعلم إذن، كيف نوقظه برفق وحنان، بدلا من الحسرة على طفولتنا التي لن تعود.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى