الثلاثاء ١٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

من نحن..؟؟

نحن قوم رائعون حقا، ولدينا من مكارم الأخلاق ما جعلنا قدوة حسنة لغيرنا من الأمم والشعوب. ونحن ناس لا نعرف القسوة ولا نعرف الجفاء، فاللين من صفاتنا المتأصلة، والدليل أننا نسمي بناتنا بأسماء مثل رحمة، ولين.

نحن رحماء بيننا إلى درجات تفوق الوصف. ولم يكتب التاريخ يوما أننا قسونا على احد منا. ولدينا أقوال وأفعال تتطابق، ولا تناقض بينها، فنحن نقول ما نفعل، ونفعل ما نقول، ولا تأخذنا في قول الحق لومة لائم. لا نعرف الكذب، ونقول الحقيقة ولو على قطع رؤوسنا، ولم يشهد التاريخ أن قطعت رأس منا.

نحن أناس ودودون ونحب الشعوب الأخرى كثيرا لدرجة إننا ملكناهم أمورنا. ونحن متعاونون ومحبون للسلم، فلم يعهد التاريخ أن اعتدينا على احد، أو غزونا احد، ونحن متواضعون مهذبو السلوك، وذلك عائد بالتأكيد إلى أن مدارسنا وجامعاتنا تهتم بالتربية أولا، والتعليم ثانيا، فخرجت ملائكة يمشون على الأرض.

ليس لدينا عنصرية، وقوانيننا من أجمل القوانين، فالجميع يشعر بعدالة لم تعرفها شعوب أخرى. وليس لدينا أدنى تمييز بين زيد أو عمرو، ومن أمثالنا المفضلة: أحب زيد عمروا، نستعملها لتدريس الإعراب في لغتنا العربية المجيدة.

ولدينا لغة عربية سليمة مائة بالمائة. يتكلمها الجميع بسهولة وسلاسة. بل أن معظمنا يحبها إلى حد إننا نقول الشعر على السليقة. أما اللغة العامية فلا شان لنا بها، لأننا نتكلم الفصحى، حيث أننا نباهي بها أمم العالم باعتبارها لغة القران الكريم.

نعتز بلغتنا التي نسميها لغة الضاد، ونفاخر العالم بان ليس هناك لغة فيها مثل هذا الحرف الجميل، ولا نستجيب لأجنبي مهما كانت جنسيته إذا خاطبنا بلغة غيرها، فنحن نحترم أنفسنا، ولا ننتقص من هيبة لغتنا التي أكرمنا بها رب العباد.

لدينا رقي في التعامل، ويشهد على ذلك تعاملاتنا الراقية في السفر، وفي البيع والشراء. ونحترم الجنسيات من شعوب الأرض، ومن لا يصدق فليسال ملايين الخادمات وعاملات المنازل، وغيرهم من العمال الذين شرفونا لنخدمهم ونرعى شؤونهم، فنحن بتنا لا نستطيع الاستغناء عنهم، بعد أن تعلموا منا كل صفات الأمم المتحضرة.

نحن أساتذة الحضارة الإنسانية بلا منازع، وليس بيننا شحناء أو بغضاء، ولدينا من التسامح ما يصلح دروسا لغيرنا، ومن لا يصدق فعليه التأكد بنفسه عند كل إشارة ضوئية، أو دوار يلتف حوله السائقون والسائقات بانسجام كأنه سيمفونية وادعة.

لدينا في بلادنا الأمانة والصدق، وحسن الخلق، ويشهد على ذلك إن كل أمم العالم تستقبلنا بود ملحوظ على أبواب المطارات ومعابر الحدود، بل إننا لا نحتاج تلك البدعة المسماة بالفيزا أو تأشيرة السفر، فنحن مرحب بنا نطا سهلا ونحل أهلا في حلنا وترحالنا.

نحن نحب النظافة ونهتم بها كثيرا، فشوارعنا تخلوا من بالنفايات، وأرصفتنا تسر الناظرين، ولدينا حدائق جميلة في كل حي، وقد بلغ حبنا للزراعة أننا زرعنا الأشجار على الأرصفة، كما أن قوانيننا تجرم البناء على الأرض الزراعية.

عندنا قوانين واضحة ومطبقة تماما وبدون تحيز لأحد. ولدينا مجالس نيابية منتخبة بأقصى درجات النزاهة. ولدينا إحساس فطري بالعدالة، وسيادة القوانين، وجعلنا لها قدسية فريدة. ولدينا كرامة، وحرية، وحقوق إنسان، والجميع منا على نفس المسافة من القانون. إحساسنا بالإنسانية لا يضاهى، ففي جامعاتنا كليات إنسانية تماما، وقد ارتقينا بالعلوم الإنسانية، فأرسلت أمم العالم أولادها وبناتها ليتعلموا منا أرقى النظريات في شتى نواحي المعرفة.
لم يعد عندنا أمية، فجميعنا متعلم، ومثقف، فمنا من يحمل الدكتوراه ومنا من ينتظر، وقريبا جدا سنكون جميعا من حملة الشهادات، ننافس بها بعضنا البعض، وجامعاتنا انتشرت في كل زاوية وفي كل زنقة، فلم يعد بيننا جاهل.

نحن من علم البشرية كيف تبتسم، فوجوهنا نضرة، وسيمانا في وجوهنا، لا نعرف التكشير، وعلمتنا أمهاتنا ومعلماتنا أن نتبسم للآخرين، ومن يشكك في أقوالي عليه مراجعة اقرب دائرة حكومية، ليرى كيف يتعامل من جلس وراء المكاتب مع غيره من أبناء بلده من المواطنين.

نحن فقط من دون الأمم نهتم بالزمن، ونقدر التوقيت، ولا نغفل عن موعد. نحترم النظام الذي تعودنا عليه منذ الصغر، فقطاراتنا تصل وتغادر بدقة متناهية. ولدينا باصات سريعة، لها مواقف محددة، تسير وعين الله ترعاها، فلا يحتاج احدنا لاستخدام سيارته الخاصة إلا في مناسبات نادرة.

باختصار، نحن امة راقية، فلتهنا نفوسنا بما أوتينا من مكارم الأخلاق!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى