الخميس ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
بقلم شاكر فريد حسن

قضية وموقف..!

الكتابة فعل ابداعي انساني يمارسه كل من يمتلك وعياً وروحاً مرهفة، لكن ما نشهده من كتابات هشة وضحلة وما تنشره الصحف والمجلات والادبيات المحلية ومواقع الانترنت من نصوص شعرية ونماذج من الشعر والأدب الرخيص الهابط، الذي يفتقر للكثير من المقومات الجمالية الفنية واسس الكتابة الجادة والحقيقية، يثير حفيظة كل متذوقي ومحبي الشعر الرقيق الناعم والكلمة الصادقة العميقة، لأنه لا يضيف شيئاً للمشهد الثقافي وللذائقة الادبية الجمالية والشعبية.

لقد قرأت قبل فترة وجيزة مقطوعة لمتشائل ينشر تفاهاته منذ سنوات في بعض صحفنا ليقذفها في وجوهنا، يتغزل فيها بامرأة مطلقة، ومقطوعة ثانية لآخر يتغزل بامراة مات زوجها وتعيش مع طفلها، واثناء قراءتي للمقطوعتين تساءلت في نفسي ألم يجدا موضوعاً او قضية تستحق الكتابة سوى الكلام السخيف التافه والرخيص!!.

هناك قضايا حياتية انسانية وهموماً اجتماعية وسياسية تنتظر المعالجة والكتابة والطرح الحقيقي من كتابنا وشعرائنا ومجمل مبدعينا.

ان صحفنا وادبياتنا ومواقعنا الالكترونية مدعوة الى اغلاق نوافذها امام هذه الفطريات والاقلام الرخيصة المزيفة، هذا اذا كانت، بحق وحقيق، تبغي خدمة حركتنا الادبية وثقافتنا الانسانية والجماهيرية، وعدم الترويج للغث والهش، ويجب ان يقتصر نشرها للابداع الحقيقي والنصوص الادبية الجميلة، التي تترك في نفس ووجدان المتلقي والقارئ شعوراً واثراً عميقاً وطيباً، نصوصاً تعتمد على ثلاثة اقانيم هي الصدق والعمق وجودة اللغة.

كذلك فنحن بحاجة الى الناقد النبيه الذي يستحق هذه التسمية وجدير بها، الناقد القادر على مواكبة ومراقبة وغربلة الاعمال الشعرية والقصصية والروائية المتراكمة على رفوف المكتبات والملأى بالغبار المتطاير، التي تملأ اسواقنا بفعل التشجيع وجوائز التفرغ والابداع ودعم دائرة الثقافة العربية.

فتعالوا جميعاً نقف صفاً واحداً امام هذا السيل والاسهال من الادب الرخيص الذي تعج به الساحة الادبية المحلية وتحمله صحفنا اسبوعياً، وانقاذ القراء من السخافات الادبية والمهازل الثقافية.

اما آن لهذا الاستمناء النقدي ان يتوقف..!

وقعت بين يدي في الايام الاخيرة سلسلة من الدراسات والمعالجات النقدية حول عدد من النصوص الادبية الصادرة هنا، وبعد الاطلاع عليها وقراءتها وجدت ولمست ان كاتبيها يستخدمون الفاظاً وتعابير ومصطلحات اجنبية معربّة ويعتمدون على "موديلات" ومدارس ونظريات نقدية اوروبية لاستكناه خبايا النص الادبي المنقود وذلك لكي يظهروا ويثبتوا للقراء وللناس انهم يتمتعون بثقافة واسعة وعميقة، فهذا يقول ان قراءته هي قراءة "سيمائية" وآخر يحاول ان يوظف المنهج التاويلي والبنيوي في رؤيته النقدية ودراسته لملامح العمل الابداعي. وفي احيان كثيرة تكون المحصلة النهائية بعد قراءة هذه الدراسات والمراجعات عدم فهم واستيعاب غاية هذا الناقد وما يريد قوله وايصاله الى عقولنا واذهاننا حتى بتنا نتساءل: فربما اننا بحاجة لدورات في فهم المقروء..!!

الواقع ان العملية النقدية المحلية هي عملية مأزومة، رغم وجود عدد من الدراسات والمعالجات التي تشكل تأسياساً لحركة نقدية جادة وهادفة وبناءة. وفي تقديري ان النقد مرتبط جدلياً بالابداع، فما دمنا نفتقر للاعمال والنتاجات الابداعية الحقيقية فان النقد سيظل يتحرك ويسير ببطء،يضاف الى ذلك ان الكثير من المحاولات والتجارب النقدية كتبت بتأثير العلاقات والصداقات الادبية وعملاً بالمقولة "لقيلي تلقيلك"، ولذلك تميزت بالمجاملة والنفاق وعدم الجدية والموضوعية والصدق.

اننا احوج ما نكون الى النقد الجمالي الواقعي الحقيقي،والنقد الموضوعي والعلمي، الذي يقيس الادب بصدقه وجودته وقدرته على استيعاب الواقع الموضوعي والحياتي المعاش وحركة الجماهير وصيرورتها،وذلك للوقوف امام كل السفسطات والتخريجات والتنظيرات والكليشهات غير المفهومة. وآن لهذا الاستمناء النقدي الذي يغمر ساحتنا المحلية ان يتوقف..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى