الاثنين ٩ تموز (يوليو) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

للجامعات ربيع آت..!!

وإذ تهب نسائم الربيع العربي على الأمكنة التي طال سباتها، لا بد من التفاؤل! ورغم ظلمة الليل إلا إن الفجر سيطل بضيائه ليملأ الفضاء نورا وبهجة. فالربيع العربي ليس سياسيا فقط، ولكنه مرشح ليبعث الحياة في الدماء التي كادت أن تتجلط في جسم الأمة ومؤسساته المتعددة.

وكلمة الحراك هي بالتأكيد الأكثر انتشارا هذه الأيام، فالحراك يدب في الأوصال ولطالما رددنا بان في الحركة بركة! والحراك من الحركة، والحركة عكس النوم والارتخاء والكسل وربما الموت أيضا. والحراك تحرر ونهوض وفرك للعيون الناعسة بعد سبات طويل وعميق!

وفي الحراك رفض للقيود، ودعوة للنهوض، وتمرد على التخلف الذي بات صفتنا المميزة على مدى قرون. وفي الحراك رد قوي على من تفردوا بالقرار وتمسكوا بالسلطة ورفضوا التشاركية في إدارة مؤسسات المجتمع ومن أهمها الجامعات ومؤسسات التعليم.

في الحراك دليل الحيوية، والرغبة في النهوض من مستنقعات الجهل والخرافة. وفي الحراك ملايين الأسئلة لمن تفرعنوا وعاثوا في مؤسسات الوطن فسادا نستشعره عند كل شهيق وزفير. وفي الحراك تنفس الصعداء ورغبة في استنشاق هواء الحرية والديمقراطية باعتبار أن ذلك من حقوق الإنسان الطبيعية.

وباعتبارها من مكونات المجتمع المهمة أو ربما الأكثر أهمية، فهاهي جامعات الوطن تشهد بداية التململ نحو حراك شامل يعيد إليها بهاؤها المفقود منذ عقود. ومع كل حراك يأتي المشككون الذين يشدون بقوة إلى الوراء حفاظا على الوضع القائم الذي يخدم غاياتهم الشخصية ويديم امتيازات اختطفوها دون وجه حق.

هناك حراك قادم من قلب الحزن والشعور بالإحباط كلما التقى اثنان من الأكاديميين أو الموظفين على كاونتر البنك بانتظار رواتب هزيلة. وهناك حراك تبثه نيران المرارة والشعور بخيبة الأمل عند من يعملون بالجامعات. هناك لغط وهناك نقمة متزايدة على الوضع المتردي الذي اتجهت نحوه الجامعات.

هناك حزن وهناك احتقان يعرفه أساتذة الجامعات حول ما آلت إليه أوضاع التعليم الذي كان عاليا يوما ما، وهاهو ينحدر بسرعة تنذر بأسوأ العواقب. وهناك شعور متزايد بالإحباط والتهميش والتقزيم لدى الهيئات العاملة في جامعات الوطن.

ما زال الحراك الجامعي خجولا بعض الشيء وربما مترددا، وذلك مرده إلى ثقافة الخوف المتوارثة أو ثقافة عدم الاكتراث تطبيقا للمثل الشعبي غير الحكيم الذي ينصح بوضح الرأس بين الرؤوس! وما زال الحراك الأكاديمي متواضعا إزاء حجم الحيف الذي يلحق بالعاملين بالجامعات منذ زمن.

لكن المؤكد أن كرة الثلج تشكلت وبدأت بالتدحرج لتكبر. فالجامعات كانت وما زالت وستبقى منارات الأمة، وأساتذتها هم عقل الدولة المفكر ورصيدها الفكري والعلمي مهما اعترى الجامعات من وهن. والجامعات هي التي ستقود المجتمع نحو الرقي والتقدم مهما غطت وجهها غبائر الفساد.

لا يستطيع احد أن ينكر فساد الجامعات، وإلا كيف جاءت المديونيات العالية ومن أين جاء العجز المدمر لمعنويات الجميع. ولمعالجة الأوضاع المتردية لا بد من المناداة بالديمقراطية التي لم تعرف بعد طريقها إلى قواميس التعليم العالي.

لا بد من إعادة الهيبة إلى الجامعات ولا بد من استعادة مصداقيتها في تأدية وظائفها الجليلة من بحث وتدريس وتنوير للمجتمع. لا بد من الصلاة لأجل الجامعات التي باتت تحتضر أو تنزف. لا بد من يد تمتد لتمسح الحزن عن أوجه الكليات والأقسام. ولا بد من الدعاء في ليلة القدر من اجل الجامعات لعلها تستعيد رونقها. ولا بد من وقف تشرد هيئات التدريس، وإعادة المكانة لأساتذة يستحقون منا كل الاحترام.

للجامعات ربيعها القادم بلا شك رغم تمترس أعداء التغيير بمتاريسهم الورقية. للجامعات غضب ساطع سيمر على أحزانها. للجامعات حراكها وفتوحاتها التي ستزيل وجه القوة وستهزم وجه الواسطة، ولن تقفل أبواب الجامعات بمتاريس اليكترونية وكاميرات سخيفة.

الجامعات لنا! لكل أفراد المجتمع. للطلبة وللأساتذة وللموظفين. الجامعات لنا وسنمسح عن وجهها غبار التخلف والجهالة. وبأيدينا سنعيد بهاء الجامعات! فالتغيير آت آت!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى