الأربعاء ١١ تموز (يوليو) ٢٠١٢
بقلم فتاحي حسناء

قصاصات ألم

أناملُ تمتدّ إلى زهرة لتقطفها
أعصر قلبي
يدٌ تجني ثمرةً لتأخذ أجرتَها
أرشف غصتي
جذع شجرة يهوي تحت النصل
أقلّص حنجرتي
مَعْبَر يقاوم اهتراءه في مدخل بلدة
أكاد أحرّر دمعي
لم يُشْعِلْني إلاّ الألم
مهجتي سماء صباحية يقيم فيها غيم أبديّ
لا شعاع يضيء الجوانح، ضباب كثيف يغشى
لا بؤر تشوبه، ليتسلل الضوء
لم أغْرِ إلاّ الوجع
لا ألتق الربيع إلا مصادفة، الخريف يعرفني
الشتاء صديقي القديم، أعشق برَدَه، حين يذوب
تغطي اليابسة لزوجة بلون البُن، هو لون الألم
في الليل أتوسد الألم، أجس نبض سكونه
أقيس ضغطه، أستعجل مزاجه
وأتفحّص ساعة الحائط
قامة الألم تجعّدني، تمزّقني، تشرّحني
تمددني كفِراش طُرحَ على عجل
ترسلني اللحظة إلى سديم سوداوي
هو بشارة زوبعة النفس
أقف حدَّ الصعود والنزول
حدَّ القرب والبعد، أقف حدَّ الحدِّ
 
تحرقني المسافات بيني وبين ذاتي
أمشيها، أدنو من بلسم الألم
نجوى هي إشارات الكواكب تصلني
تمحو آثار رفسة تنّين الحاضر على زهر أيامي
شَخَّصَتِ الرمالُ ألمي، لمع نحاسها، عبس الحراس
ليس من حق الرمال اللمعان في زمن باهت
 
يحنّ تمثال حجري لبلده الأول، يلين لمغازلة امرأة
يسيل شوقا وصبابة، تجتاحه رعشة تُسقط فِلَقَ أطرافه
ينفطر قلبي على ألمي وعلى خشب بشريّ لا يلين
لدموع الأمهات
 
للخروج من سرداب الآلام، أخترع عدّة أبواب
أسمّيها: باب المحبة، باب المعرفة، باب الوصول
انطوت الأبواب، علت الأسوارُ، لا رُتُج تُفتح
لكنني ما زلت أعلّق المفاتيح في سلسلة
وأعلّم عليها بحروف لاتينية
أحتفظ بحروف لغتي لأخطّ للريح ما دقّ عودي من آلام.
 
سألني عابر:
- من أين هذا الحزن الساكن في عينيكِ؟
- من أجسام أطفال أثخنها السغبُ
من أرواح أخمدها العبثُ، من ألم أسْدِلت عليه الجفونُ
رَوّضتُ الألم، طوّعتُه، لينتُه، فتخلى عن غلّه
صار ألما مَرِنًا، ودّيا، يصاحب هوى النفس
يشعّ ويخبو، يحضر ويغيب، يزهر وينطفئ
يضيء وهجي حين أريدُ، يخمده إذا شئتْ
 
انبلج الألم، هجر المبهم وعانق الوضوح
للمتفرجين على الآلام أن يلملموا ما تساقط
من ضحكاتهم ويطيروا قبل أن تُشحّ الطائرات
غادر الألم معقله واعتذر عن سيئاته
وللضحية أن تتصرف في ألمها كما تشاء
تفاوض عليه أو تنصبه تذكارا في الساحة
 
من أين لي برضاب يذيب مرارة هذا الألم
ولو لزمن؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى