الثلاثاء ١٧ تموز (يوليو) ٢٠١٢
قراءة فى ديوان
بقلم فاتن رمضان

«وداعا جبل الأحزان»

رحلة إلى كلمات أحمد عبد السلام خضر

تشعر أنك على موعد مع أناقة الحرف ورشاقة التعبير ... تعبير بالحرف وتعبير بالرسم ؛ فشاعرنا فى الاصل رسام يرسم بالريشة كما يرسم بالحرف ... وبلا مقدمات ينتزعك أحمد عبد السلام خضر من عالمك ليدخلك عالمه وهاهى أسرته تظهر منذ الوهلة الأولى فى إهدائه لديوانه "وداعا جبل الاحزان " ويستمر ذلك عبر ديوانه مرات ومرات تارة فى حواره مع ابنته الطبيبة إنجى ذاك الحوار الطريف الباسم الذى يوجه بتهذيب شديد أهل الحارة أو الشارع نحو أخلاقيات قويمة ثم يأخذك بحنو شديد لقريته إيتاى البارود الذى وببراعة شديدة يجعلك تعتاد لهجتها والتى يعرض من خلال عدة قصائد زجلية لأخلاقيات الريف المصرى الاصيل من شهامة ورجولة وبقبول شديد يهمس للقارئ ولكل قارئ أن الفلاح المصرى ليس موطن سخرية أبدا ؛ فالويل كل الويل لمن تسول له نفسه الاستهزاء به
لو تسألنا عن الأحوال ...
وتود أحبابك يا خال
ونكون دايما كده على البال
نفديك بالروح قبل المال
لكن لو يوم بتطنشنا
أو تعمل أنك نساى
أو بتحاول يوم تخدعنا
بالفهلوة وفاكرناأجفال
وجتها تعرف أهل إيتاى
واللؤم الفلاحى أزاى ........

ويفاجأ بالكرم الشديد ولا نشعر إلا وأصناف الطعام قد رتبت أمامنا بحرفية شديدة فلا نملك إلا افتراش الأرض والإقبال على تناوله بنهم ......... وبعد الطعام نذهب لعم سيد عطوة أو سيد مطوة الفنان الإنسان البسيط الذى يتناول الحياة بلا تعقيد , ويأتى الدور على السيدة سناء والسيدة هويدا والتى تشعر مع الأولى برائحة الكتب المرصوصة على الرفوف , وسناء نموذج لسيدة أرستقراطية فهى هانم أما السيدة هويد فهى نموذج آخر للنساء فى بلادى ؛ فهى السيدة الثائرة الكريمة بنت البلد ... وبعد سناء وهويدا يظهر عم إمام والزنزانة الثقافية ... وعم إمام نموذج للإنسان بجانبه الشرير الذى يخنق الزهور قبل تفتحها .

ونعود مرة أخرى لبدية الديوان وقصائد الفصحى وقصيدة " وعاد الشيخ يغنى " ليسجل فيها الشاعر حيرة الشيخ أمام حب طرق أبواب قلبه بعنف وأصابه بالحيرة
إن تكبرينى سنا
فالعشق يدنيكِ منى
وإن تصغرينى عمرا
كذب العشق ظنى
أصبحت فى العشق طفلا ... والشيخ عاد يغنى
وننتقل بعدها لقصيدة " سأعود يوما يا ابنتى " لنشاركه مرارة معاناة أوطاننا المثقلة بالأوجاع .... وكم كانت موجع سؤاله ... هل من رجوع ؟
وهو سؤال موجه للجميع .... فهل فعلا من رجوع ؟؟؟؟؟
وبمرارة عميقة يعرض إحساسه بالغربة فى معزوفته " عجبت لأمرك يا ذا الزمان "
تعلمت فى الفرح ألا أغالى
تعلمت فى الحزن درس الليالى
ألا أحلق بالأمنيات
ألا أطارد حلم الخيال
ألا أعانق وهم الليالى
إذا الحلم مات
وتتكرر الحكمة والسؤال الحائر فى " قالت "
كيف لطائر عاش سنين بين الغربة والأشجان أن يهجر دفء الشطآن بعد العودة للأوطان؟؟؟
وهو سؤال يستحق التأمل الشديد !!! فى زمن يغتال الإنسان ... على حد تعبيره .
ويأخذنا بعد ذلك ليحلق بنا فوق المحال فى مقطوعته " ستبقين حلما "
دعنا نحلق فوق المحال
دعينى أراكِ بعين الخيال
أما فى " مليكة مملكة الحور" فيكتب لافتة تظل إلى أن يشاء الله
هنا تسكن ليلى
هنا يسكن عاشقها المجنون
ويعود بن للوطن مرة أخرى فى " ترنيمة الفجر الوليد"
يوم نصرك يا عراق للعروبة أغلى عيد
ويترك بغداد ليعزف عزفا منفرد فينزوى بجانب الطريق ويسأل نفسه : لم العتاب أهو الرحيل والفراق والعذاب؟
بقصيدته " أشباح الماضى "
ونصل بعدها مباشرة لسبب تسمية الديوان وقصيدته الرئيسية " وداعا جبل الأحزان " ... قصيدة الوفاء المهداة لروح صديقه الفنان عبد الوهاب مطاوع
فراؤك خلف الأبواب
..................
هل حقا سافر دون إياب ؟؟ من عانق أحلا البسطاء ... من بارك خطو الشرفاء !!1

ونودع الجميل عبد الوهاب مطاوع لنعود مسرعين ومكللين بالحزن لرحيله لقصيدة " سنلتقى " وقصيدة " أنغام اللقاء " لنزع بتلة أمل تزهر فتملأ الدنيا فرحة وبهجة ... ومنها نرحل " لترنيمة عاشق " و " أشتاق إليكِ معذبتى "و " لم أتيت ِ الآن "
قد آن للطير الجريح ... أن يريح ويستريح
لم أتيتِ الآن يا أملا توارى من سنين ؟؟
وحين تدق ساعة الرحيل لانخرج صفر الأيدى بل يرحل بنا ببراعة شديدة نحو السماء ليهمس بالنهاية أن عشق الله ةهو الأحق والأجدر ...

رحلة شيقة وقراءة متواضعة كانت فى عالم أحمد عبد السلام خضر وديوانه "وداعا جبل الأحزان "
وترسو بنا السفينة على شواطئ دواويين أخرى مغلقة حتى الآن ... لكنها ستفتح وتشرق لننهل من عذوبة نبعها .

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى