الأربعاء ٨ آب (أغسطس) ٢٠١٢
بقلم إبراهيم جوهر

كلّه عدس!!

ما الذي أحضر العدس إلى ذهني وأنا متوجّه إلى المستشفى صباح اليوم؟!
أمضيت وقتا ليلة أمس في حوار مع الشاعر (محمد ضمرة) حول رموز الأرقام وآيات (سورة الإسراء) الأولى. هو واثق من حدوث تغيّر إيجابي طمأنني بأن جيلي سيشهده وسيكون شاهدا عليه.

نحتاج جرعة من الأمل ولو من أمنيات.

منذ ليلتين وأنا أتوق لشوربة العدس واقترحت إفطارا من ثريد العدس والفجل والزيتون فقط. إفطار تقشفي بالمعنى الحقيقي. العدس صار طعاما غائبا عن مائدتنا اليومية بعدما كان دائم الحضور ومدعاة للتأفف والاستهزاء....فيه قال الشاعر (إبراهيم طوقان): "عدس عدس عدس، وبه الأولاد قد غطسوا ".

اليوم بات العدس نادر الحضور على مائدتنا.

أحب العدس بهيئته ؛ وجهان متعادلان لا تدري أيهما الوجه وأيهما الظهر! فيه قال المثل الشعبي: (مثل حبة العدس لا تعرف ظهره من وجهه) وهو يشير إلى المنافق المتلوّن غير محدد المواقف!

هو (لحمة الفقراء) المتوفرة في الأسواق وفي متناول اليد. الحبة المنخورة بفعل (السوس) تطفو على السطح حين تغرق بالماء...تتكبّر متعالية مثل السنبلة الفارغة الشامخة.
(ما العلاقة بين إنساننا المعاصر وحبة العدس المسوّسة؟!!)

صباحا توجّهت إلى المشفى لمراجعة عيادة العيون. منذ أن صوّرت عيني اليسرى في بدايات شهر تموز لم أراجع إلا اليوم. تركت الجبل، والقدس، ومشفى المقاصد، ومشفى العيون ورائي وتوجهت إلى مشفى (شعاري تصيدق) في القدس الغربية. المشفى الذي وصفته من قبل بأنه (حديقة). اليوم وجدت البناء الجديد الذي بني ليستوعب المزيد من الأقسام والمرضى قد قارب على الانتهاء. مشفى المقاصد في قدسي قارب على الإغلاق!

هنا تجد لافتة تحمل اسم كل من تبرّع بزاوية، أو جزء من استراحة، أو غرفة. لافتات عديدة يصعب إحصاؤها. هنا يتم التحقيق مع (رئيس الوزراء) بتهم الاختلاس والكسب غير المشروع. ويتم التحقيق مع مسؤولين في المخابرات والأجهزة الأمنية المختلفة بتهم التحرش والفساد، ويتم إيقافهم عن العمل. هنا يقوم بناء جديد كل يوم. هنا يتم التخطيط لكل شيء...

عندنا تسير الأمور وفق المقولة التي تحملها عربات النقل العام: (سيري فعين الله ترعاك)!!

في طريق عودتي ظهرا التقيت صديقي الشاعر المقموع (لؤي زعيتر) فأنبأني بأنه في طريقه للهجرة إلى كندا. ضاقت به السبل هنا في بلاد لا تحتمل صدقا وانتماء حقيقيا!
(لؤي) صادق مع نفسه، وكلمته. لا يقول إلا ما يشعر به.

عدس... ومناصب، ورواتب مقطوعة، أو مجزوءة، وجوع...وصراع على الفراغ والهواء، واختلاف على جنس الملائكة، وهل (إبليس) اللعين من الجنّ أم من الملائكة، ومباهاة بالرصيد البنكي الأضخم...

عندنا عدس! كلّه عدس!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى