الثلاثاء ١٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم محمد شاكر

بابُ الخُروج.....

إلى
مقهى المَحَطة، بالرشيدية
زمنٌ ينْسكبُ، من شاشة هذا اليومِ
بيْن صُعود الخُطى
ونَحيبِ العَجلات ِ
تَلحسُ جلدَ الطريقْ.
زمنٌ أحْدبٌ
وخُطىً أعْرفهـــا
مِن رنينِ زجاجات ٍ، تدحْرجتْ، في هَلع ِ الصَّباحْ
هكذا تشرقُ العَوراتُ:
شمسٌ مفقوءة العين ِ
ترشُّ عَماها الأصفرْ
أحْذيةُ تعرجُ فوق تضاريس الغيابْ
خُطى تآكلتْ من ألفِ عامْ
في فَـلكِ الزِّحامْ
رجالٌ فارغينَ، مثل سحابة الجنوبْ
أطلَقَت ِ الأسرَّة ُ البيضاءُ سَراحهم
فَهُمْ ينحدرونَ عبرَ مساربَ تفضي إلى الوظيفة ْ
وللأنين ِ حَفيفَـــهْ
تتقاطعُ الأشكالُ، والأحجامُ
صناديقَ زجاجات ٍ فارغةْ
وأكوامَ رجال ٍ هابطينَ
في السَّلالم ِ
والمَكانـة ِ
والحَنيـنْ.
ثم لا يبقى ، بعْد حِين ٍ
من عُبور ثخين ٍ
غير َمقهى، عِند ظهيرة غمٍّ
يلفظُ ساكنيه ِ...انْسربوا
بَعد احْتراق التَّبغ ِ
واللَّغْوِ المُعتَّق ِ
في سُويْداء قلبٍ حَزينْ .
مقهى يرحلُ بي، في وجَع الإنْصات ِ
صوْبَ جِهاتي السُّفلى
مُتعثراً بأقـفية الكَـراسي
فقدتْ كلَّ الرؤوس ِ
بعْد طول الجُلوس ِ
في شَلَلِ الأيَّامْ.
لا أحدٌ يرسُم عنوانَ متاهته ِ
بَعْثَروا مَلامِحهمْ فوْق مَنافِضِ الرَّماد ِ
وانتشروا، ذراتٍ، في عرض البلادْ.
لا أحدٌ يذيبُ جليدَ تفاهته ِ
ساعةَ يخْتنقُ المكان ْ
أدْخنة
أبْخرة
ومُواءْ....
الذينَ يخرجون من عَتماتِ البُيوتْ
مذبذبين ، في الخطى
كما ترجفُ الخيوطْ
تحْت أرْجل العنكبوتْ
والذين انْتشروا عَبْر الخُطوطْ
يرْتقونَ بَرْدَ المَسافاتْ
بضَوء ِ عين ٍ تخونْ
وخيطِ قلب ٍ نسجتْهُ الظنونْ
والذينَ تبلَّلوا بالسُّكوتْ
في مطر ِ الكلامْ
والذينَ، بين مواخير الليلِ، والأعقابِ، ينكسرونْ
شظايا زجاج ٍ
كسرَ الهويةَ ، والأنينْ
والذينَ تقاعدوا في الإجازة ، والعملْ
شهودَ أطْراف ٍمُتَرجِّلة ْ
على عتبات ِ نهار
غير مُرتَّب ٍ، كما في ذاكرة الموْتى
دلَّني َمقهى ، يدورُ عليهمْ
في سَفرِ الحافِلات ِ
ولا يلدُ الرحيلْ
لهمُ المقاعدُ أحصنة
والبارودةُ...
دخانُ رخيصْ
كلما سحبتُ الحلبةْ
ِمن تحْت أوهام ٍ راكضِةْ
توزَّعني صَهيلْ
سَمعتُ للخيل ِ عويلْ
برغوتِها جاشتِ الأرقامُ
والطاولاتُ انزوتْ
تنزُّ ما تبقى من همٍّ يسيلْ
هؤلاء
مُشتبكينَ بي، عندَ بابِ الخروجْ
مثل أغصانِ سرْوٍ عتيقْ
لفَّهُ صمتُ ماءْ
نتحادثُ في تقاطُع الرَّغبات
نَبذرُ في يباب ِ اللحظاتْ
حَبَّاتِ الكلام ِ المُرِّ
نُزيحُ سَحابَ اغترابْ
لعلَّ الماءَ، يُرجعُ سيرتهُ الأولى
لعلَّ َورْدَ الحُبِّ
يَعلو على أدْخِنة المَقهى
يُطاول الزَّمن الأحْدبْ
لعلَّ بابَ الخروج
يكونَ إلى زمنٍ أرحبْ .

من نصوص نِهاية السَّبعيناتْ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى