الأربعاء ٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم فراس حج محمد

قليل من السياسة لن يفسد الحب يا شهرزاد

قليل من الكلام في السياسة لن يزعج قراءنا يا شهرزاد، ولن يفسد أرواحنا وعشقها النبيل الطاهر، إنه كلام لازم يلحّ على الذاكرة ليجد نفسه مجسدا عبر الألواح الإلكترونية، يقرأها المرتادون، فيتأملون ويتدبرون ولعلهم يقررون أن قليلا من كلام السياسة يجلو وهن التصابي ويبعد شبح التغابي، فالعالم من حولنا مشتعل، فهل يصح لنا أن ننأى عنه ونظل نسبح في خيالات المنى؟! يلزمنا بعض راحة واستراحة، ولتكن راحة على دبابيس السياسة!!

كيف لها أن تكون راحة على دبابيس السياسة؟ وهل هي دبابيس أم خوازيق يا شهرزاد؟ إنها فعلا كوارث سياسية وأنا أرى العالم يسبح في أنهار الدم، وتلّمَظَ الساسة دماءنا وقوت عيالنا، وتركونا نعاني الأمرين من اجتراح سياسات ماجنة أفقرتنا وأضاعت حقوقنا التاريخية.

لعلها قد أزعجتك كما أزعجتني تصريحات أبطال الفنادق والبذلات الرسمية والأحذية الملمعة، تصريحات أقلّ ما يقال فيها إنها غبية وغير منمقة حتى، ولم تخرج مواربة ليكون له طعم من التأويل والتفسير، وعلى الرغم من أنها لا تحمل جديدا ممن أصدرها، ولكنها تعيد القول للشعب المقهور شعبنا المغلوب على أمره، ها أنا أبصق في وجهك أيها الشعب، فلتحمد الله على أنني منحتك بصقتي وشيئا من لعابي يسيل على وجنتيك المجرودتين الفقيرتين لحما ودما والممتلئتين وهما وتعلقا بأمانٍ مسكوبة في إستراتيجية بلا هدف سوى أن نظل خداما للغريب!!

يتلاعب بنا القادة السادة يا شهرزاد، فيعزفون لنا من غريب الألحان وسقيمها ما يزعج الفكر والروح، ويفتت القلب ويحرقه في جحيم التردي والهزائم النفسية، لقد أشاعوا فينا الخور يا شهرزاد، لقد أحرقوا أضابير الأمل، لقد قطعوا أوصالنا وحرمونا حتى من جميل الأحلام، إنهم يحاولون أن يسرقونا من المستقبل، إنهم شياطين تمادت في نهش أيامنا فمتى الخلاص؟

كنت أنتظر ذلك الربيع القادم من الشرق، وإذا به خريف قاس حمل ما حمل من أوهام التغيير وأهال التراب والأشواك على الرؤيا والرؤية، فلم نعد نرى شيئا، لا أفق في الآفاق، والسماء بلا فضاء، والغيم كثيف، والناس في مراجل حزنها وشقائها وقعت بين فكي السبع؛ بين قتل وشتات لا يرحمان أو بين جوع وسجن يتكاملان، فيقتات الوتر على لحن السراب في صحراء الربع الخالي الخاوية من سعادة منظورة.

كنت أرقب الربيع ليزهر واقعا نتخلص فيه من الرويبضات، فأعطى ألف رويبضة وفرخ أقزاما في الفكر والسياسة، وصارت مقدرات الشعب تصرف على نقل صلوات الرئيس في يومه وجمعته وعيده وحله وترحاله، أرأيت كيف صار الدين مخدرا وأداة للضحك على الذقون وكأننا كنا نفتقد إلى سجود الحاكم وركوعه!! وكأن آمالنا في العزة والكرامة والتعامل مع أصدقائنا الألدّاء من أعدائنا قد تحققت.

يا لغباء شعب صدق صلاة حاكم متراء وغض الطرف عن سيول من الكرامة المهدورة كل لحظة، يا لغبائنا إن صدقناه وهو يتلو القرآن والقلب معلق بالبيت الأبيض وبالنجمة السداسية، يا ليتنا نستطيع تصديقه يا شهرزاد يا ليتنا نستطيع!!

كلام قليل في السياسة لازم يا شهرزاد، لنستطيع فتح الجرح ليظل أخضر، لا نريد له أن يرم على فساد، لأننا لسنا أطباء فاسدين، إننا صوت الأغلبية الصامتة التي أكلها البؤس واليأس ودود تراب الانتظار، قليل من كلام السياسة يحدد بوصلة الروح لتتابع مسيرتها، فهذا النزر اليسير من نبض الناس سيجعل حضورك أبهى وأجمل ولن يفسد الحب الذي اشتعل في حنايانا جامعا ورده وطيوبه لنتعطر به مزهوين عندما تحين لحظة الخلاص ويقرع جرس الانتصار، ساعتئذ يحلو لنا الحب يا شهرزاد ويعذبُ، ليسكب في كؤوس من العناق على صنع حياةٍ، روحُها الكرامة، ودماء أوردتها السعادة الأبدية، فقليل من السياسة لن يفسد الحب يا شهرزاد!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى