الأحد ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
المدونــــة الأربعون
بقلم فاروق مواسي

البديل من العبريــــة

تحيات ومجاملات مع العبرية وبدونها:

سأعمد هنا إلى ألفاظ عبرية من تحيات ومجاملات (جامل فصيحة، وهي بمعنى عامله بالجميل) تتردد في نسيج لغتنا، وكل منا يعرف ترجمتها، ولا ريب، ويعرف كيف ينطقها عربية مشحونة بالوجدان، ولكني أثبتها للتذكير ليس إلا، ومن يدري فقد تكون ذات فائدة بعد عشرات السنين، فأرجو تقبل طرحها، أو الاهتمام بها لأجيالنا الشابة!

عندما دخلنا المطعم في المدونة السابقة كان هناك أكثر من تحية يسميها فلان (براخا)- בְרָכָה منهم من يفضل (شالوم)- שָׁלוֹם= سلام (السلام عليكم)، ومنهم من يبدأ بقوله للطاعمين (بِــتيـئبون)- בְּתֵאָבוֹן= صحتين!

وكان صاحبي يجيب في كل مرة بمودة: (تودا)- תּוֹדָה= شكرًا!

ملاحظة: هناك من يأكل، ويقول: والله ما عندي (تيئبون)- תֵאָבוֹן= شَـهِـيـــة، فله ندعو أن يهبه الله الصحة والعافية.

قال صاحبي لشخص وُلد له ولد: (مزال طوف)- מַזָל טוֹב- مبروك (الترجمة الحرفية: حظ سعيد، والأصل الفصيح في اللغة أن نقول: مبارَك).

وقال آخر يهنئ العائلة: (شعا طوفا)- שָׁעָה טוֹבָה= ساعة مباركة أو سعيدة!
مرت أعياد عبرية كثيرة في أيلول وتشرين الأول، فكانت تتردد بين عمالنا أيضًا: (شنا طوفا)- שָׁנָה טוֹבָה= كل عام وأنتم بخير (الترجمة الحرفية: سنة خير!)

ومن العجيب أن بعضنا يخاطب بعضنا الآخر: (بوكر طوف) و (عيرف طوف)، و (ليلا طوف) ناسيًا أن يتحدث العربية- لغة أمه وأبيه، فيقول بدل: בּוֹקֶר טוֹב = صباح الخير، وبدل
עֶרֶב טוֹב= مساء الخير، وبدل לַיְלָה טוֹב= تصبحوا على خير (ليلة سعيدة).

لاحظ أن كل عبارة عبرية يكون الرد عليها بالعبارة نفسها، فشلوم جوابها العادي شلوم، وأحيانًا قليلة (شالوم وبراخا)- שָׁלוֹם וּבְרָכָה، وذلك خلاف العربية، فإن قال أحدهم: صباح الخير، كان جواب الشخص الآخر: صباح النور، صباح الفل، صباح الخيرات وغيرها.

وإن قال: تصبح على خير أجيب: "وأنت من أهله" أو (تلاقي الخير)، ونحوهما.
دخل رجل وسأل النادل: (ما نِشما "نشْمَع")- מַה נִשְׁמָע= ما أخبارك (كيفك في الدارجة، والسؤال هو بمعنى ماذا نسمع عنك من جديد؟

أجابه: (بروخ هشيم)- בָּרוּך הַשֵׁם= الحمد لله.

وعندما ودعه قال له: (يوم طوف)- יוֹם טוֹב= نهارك سعيد!

في هذه المدونة سأتوقف على هذا الثراء اللغوي في التحيات والمجاملات بيننا نحن أهل الشام مع اختلاف يسير هنا وهناك، وليست اللغة العربية في سائر البقاع العربية ببعيدة عن هذه الروح اللطيفة، حيث لا تضاهيها أية لغة أخرى في طاقتها التواصلية الحميمة مما أعرفه على الأقل، بل لا يستطيع المترجم أن ينقل العبارة بشحناتها الوجدانية، فلنخرج قليلاً عن مسارنا الذي اختططناه في هذه المدونات، واسمحوا لي أن أدون لكم ما يحضرني من أدعية إيجابية دون السلبية، وأرى إثباتها للأجيال الجديدة بلهجتها، وهي ليست ببعيدة عن الفصيحة:

 عند الطعام:

تفضلوا! منهم من يزيد ويقول: تفضلوا عَ الميسور!

الرد: - صحتين أو يزيد فضلك!

وكذلك إذا أقبلنا على من يتناول طعامه فنقول: صحتين! (أو صحتين وعافية!)

الرد: على قلبك! تفضلوا!

سنستمع إلى قول القائل بعد أن شبع: الحمد لله!

فيجيب السامع: صحتين! صحة وهنا! أو والنعم بالله!

الترحيب المتواصل عندنا في كل مناسبة: أهلاً وسهلاً، وتتردد العبارة ترحيبًا وتحية.
الرد: أهلاً بكم! أهلين!

الترحيب: (مرحبا) وارد كثيرًا (كما ورد في الشعر العربي القديم، وما نُسب إلى الحديث الشريف)

الرد: مرحبيتن أو مراحب، يا هلا أو غيرها.

نقول لمن سيسافر: تروح وترجع بالسلامة!

والرد: الله يسلمك!

منهم من يلجأ إلى الفصيحة في حال السفر بالطائرة: على الطائر الميمون!

أما الحاج فعند وداعه نضيف: حج مبرور! وسعي مشكور! تقبل الله طاعتكم!

الرد: الله يطعمك! الله يعطيك إياها!

نقول لمن أنهى صلاته، تقبل الله!

الرد: منا ومنك!

 نقول لمن عاد من سفرة أو لمن أبلّ من مرض، أو لمن نجا من حادث : الحمد لله على السلامة! سلامتك! وفي حالة الحادث: الله قدّر ولطف!

من الردود: الله يسلمك! الله يحفظك! تسلم! بارك الله فيك!

نقول لمن رحب بنا في بيته: عمار! ونحو ذلك – محلكم عامر /عمار،
والرد: البيت بيتك!

ولا ننس أن نقول بعد شرب القهوة: دايمة. (منهم من يقول: دايمة، وأصحابها سالمة!)
والجواب: بوجودك! ولا ننس: صحتين وعافية!

وعندما انتهينا من الطعام نقول: سفرة دايمة، أو عمار، الله يكثر عليك الخير!
والرد هو صحتين! أهلاً وسهلاً!

وعندما خرجنا قلنا مستأذنين: بخاطركم!

والجواب: مع السلامة، اجعلوها بعودة!

نقول لمن شرب وحمد الله: هنيئًا!

الرد: هناكم الله!

نقول لمن عطس وحمد الله: رحمك الله!

الرد: وإياكم! أو رحمنا ورحمكم الله! وهذا يسمى في العربية: تشميت العاطس.
هناك من المتعبرنين من يقول (لبريئوت) לבְּרִיאוּת = صحــة!

وقد يستخدم البعض (صحة) فيجيب المخاطَـب بالعربية: على قلبك!

نقول لمن حلق وجهه أو رأسه، أو لمن خرج من الاستحمام: نعيمًا!

الرد: الله ينعم عليك!

نقول لمن خرج من المرحاض: شُـفِيتم!

الرد: عوفيتم!

نقول لمن أفاق من نومه: صح النوم!

وقد تستعمل للسخرية لمن تأخر عن واجبه، أو لمن نام طويلاً!

نقول لمن أنهى عمله الشاق: صح بدنك!

الرد: وبدنه، الله يسلمه!

وعند العمل أو بعده يمكن الدعاء: الله يعطيك العافية!

الرد: الله يعافيك!

نقول لمن يتوضأ: زمزم!

الرد: جمعًــا!

إذا أردنا تخفيف غضب أو إسكات أحد نقول له: صل على النبي!

الرد أن يصلي السامع على النبي: اللهم صل على سيدنا محمد!

بالطبع للنصارى أدعية مقابل ذلك، توافق المصطلحات الدينية لديهم.

لا ندخل بيتًا دون الاستئذان، وكانوا سابقًا يعلنون عن الحضور برفع أصواتهم: دستور!
والرد بالطبع: تفضلوا!

إذا استأذن أحد بالخروج يقول: تسمحوا لي....أو أنا أستأذن!

الرد: إذنك معك!

إذا عثر أحدهم يقول الناظر: الله معك! (كان القدامي يقولون للعاثر: دع دعْ، وأقال الله عثرتك!
 عند اللباس الجديد نقول للابس: مبروك/ تعيش وتهريه، وأما الحذاء الجديد فيقال لمنتعله: مبروك ع الأرض!

والجواب في كل: الله يبارك فيك/ على حسابك!

بعد الزواج نلتقي أهل العروسين ونقول: مبارك ما عملتو!

الرد: الله يبارك فيك! عقبال أولادك! (أو لمن هم في مستقبل الزواج)
في العيد نهنئ: كلُّ عام وأنتم بخير! الرد: وأنتم بخير (الزيادة: أعاده الله علينا وعليكم سالمين)،

أو: كل سنة وأنت سالم!

يكون الرد: وأنتو سالمين!

للمريض: سلامتك! ما عليك شر (باس)! تقوم بالعافية! سليمة!

الرد: الله يسلمك!

في التعزية: العوض بسلامتكم!

الرد: الله يسلمك!

أو: عظّم (أعظم) الله أجركم!

الرد: شكر الله سعيكم!

أو أن نقول لقريب الميت: يسلم راسك!

الرد: وراسك سالم / وحالك سالم!

أو نقول في المصافحة: الله يرحمه،

والرد: آجركم الله!

كما تكثر كلمات الشكر، بالإضافة إلى (شكرًا) نحو: ممـــنونك، ممنونين!

والجواب نحو: عفوًا! تكرم عينك! خدمتك على راسي! لا شكر على واجب!

ما أكثر دعواتنا التي تبدأ بلفظ الجلالة : الله وبعدها فعل مضارع: يخليك، يحميك، يديمك، يعزك، يبارك فيك، يطول عمرك، يقويك، يسهّل عليك، ييسر أمرك، يرضى عليك، يعلّي مراتبك، يهديك، يحنّن عليك، يجيرك.......إلخ

الرد: الله يحفظك! الله....

أما الدعاء الشائع (الله يستر) فنقوله عند ترقب أمر نخشاه، أو عند مخاطبة النساء: الله يستر عليك، والمقصود أن تكون محفوظة مما يريب شرفها.

نبارك كل شيء جديد في لغتنا الدارجة: (مبروك)، فإن كان لباسًا جديدًا أو سيارة، أو جهازًا فالرد: على حسابك!

وإن كانت دارًا فالرد: الدار دارك، بيتك الصغير!

وخطابنا للشيوخ فيه رجاء: الله ينفعنا ببركتك! والرد: الله يحفظك!

ثم لا ننس خطاب المحترمين في التوجه: لطفًا! تسمح! اعمل معروف! بالله...!

والردود: بدنا خدمة! تكرم! عفوًا، واجب!

ولمن نعجب بكلماته: يسلم هالثم! والفصيح منا يقتبس: لا فض فوك!

وقد نقول معجبين: يا عيني عليك! يخزي العين! ما شاء الله!

لاحظتم أنني تركت الأدعية السلبية، وهي ليست قليلة، بل هي أكثر، فليبحث عنها من يهتم بها!
حمانا الله منها!

سأنهي بالقول: وفقكم الله وهداكم!

أرأيتم أن العبرية تعجز كلماتها هنا عن الإتيان بمثل لغتنا، وأن لغتنا فيها الثراء والغَناء، وحسن الدعاء!

أعجب أحدهم بهذه العبارات وقال لي: (كُـل هَـكَـبود)- כֹּל הכָּבוֹד= عظيم! (أصل الترجمة: كل الاحترام)، والتعبير شعبي بالعبرية، لذلك ارتأيت أن أخرج عن الترجمة الحرفية، وأصف ما يدهشني ويعجبني: عظيم!

ومع ذلك يمكن أن نقول: احترامي!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى