الاثنين ١٢ أيار (مايو) ٢٠٠٣
بقلم سليمان نزال

أبواب و خيبات وعزائم..

الباب الأسود

للخوف فريسته,بداية الدرب البرتقالي لم ترسل للنهاية السوداء أفقا من ضوء و شموس عربية, بكى الفرات,ذرفت صفحات التاريخ العباسي دموعا و حروفا حزينة مضرجة بالبهاء المفقود, فصنع أبو جعفر المنصور من صيحة الأسى و الإستهجان زنزانة لجرحه و أسئلته,و أرسل يديه لأيام حرة, كي لا يضطر مجبرا, فيمدهما لطغمة غازية,و يسألها عن هواء هو له, عن حرية هي ضلوعه, عن مياه هو نبعها, عن نخيل هو حقله, عن نفط هو أعماقه..

للخوف أنياب و طائرات عمياء و تحالفات ذئبية, و تقلبات على ساحل الضد الذي ينسى صديقه غريقا, و يهب لنجدة النقيض الشرير, ينقذه من الغرق..للخوف أسماء معدنية, تلمع مثل الخديعة في رابعة النهار المقهور..

للذعر أسراره المعلومة, و علاماته المكفهرة, و القابه الهاربة, و صفقاته العارية,و خونته الذين يحملون فوق صدروهم السمينة-زورا و إغتصابا- أوسمة ونياشين الفروسية و الشجاعة..للرعب جهات مباعة, أقاليم منهوبة,خرائط عامرة بالتشظي و التجزئة و النزيف..حكومات تابعة,رعديدة, تنتظر أن تعطي لها الجغرافيا ظهرها حتى تسارع إلى رشقه بسهام التواطؤ الكالح, وطعنه بخناجر الخسة و التدجين..
للكبرياء صقورها, فرسانها,لم يدر هارون الرشيد بسجن قريبه المنصور حتى إنصرف إلى جرحه, علمه كيف يكون خندقا في لحظة إستعداد و إستنفار لمواجهة الزمن الإمبريالي المسعور. و إطلاق سراح الأمة و حضارتها و ثرواتها المنهوبة.

باب الأرجوان

لسنا خانعين و مرعوبين حتى نسلم أرواحنا للعدو فيصنع منها بالونات يطلقها في سماء فلسطين المحتلة و إبتهاجا بذكرى تأسيس الكيان الصهيوني و بمناسبة تشريد شعب فلسطين و إغتصابه لأرض الرباط و التحدي..ما زال للأرجوان الملائكي كلمته التي من حجر و صمود و رشقات..

إرتفع صوت لأمية , شقّ عنان الظلم و الحصار..صاح عبد الملك إين مروان بمن حضر في مجلسه: لسنا خانعين لأحد. لا خصومات بيننا-الآن في هذا المنعطف التاريخي المصيري- و بين أخوتنا و أحبتنا من بني العباس.. و قال أيضا: هبوا بني أمتي نحرر المنصور من سجنه, نطلق سراح الرشيد و المأمون و المعتصم..وكل أخوتنا و أبناء عمومتنا في فلسطين و العراق.. تعالوا نطلق سراح هذه الأيام العصيبة, نكرس وحدتنا, نتجاوز كبوات هذا السقوط الغريب لبغداد, نحارب العدو المشترك, نصنع حريتنا على مقاس واقعنا و عاداتنا, نحرر ديننا الحنيف من المتعصبين, نجدد نهضتنا, نواكب التقدم, نعيد صياغة العقل العربي و الإسلامي على أسس علمية, نملك التقنيات بكل ما أوتينا من عزائم و أرادات و عناد.. تعالوا أخوتي نحمي الفلسطينيين و إنتفاضتهم..و نردع كل المحاولات التي تقدم للفسطينين البواسل مشنقة أهداف و رؤى و تطلعات سيادية, على هيئة خريطة طريق!

باب الأخطاء القاتلة

أفكار بربطة عنق مربوطة إلى مخالب المتغيرات,تغرق في طيات التراجع المهزوم, فتخلد إلى الغياب و العجز, تفرغ موازين الأصدقاء من أسباب القوة و المنعة, تحاول أن تصب القمح و الخير الذي تملكه جهات العز و الصبر و المقاومة في طواحين العولمة و موازيبن شارون السفاح الدموي..و تجعل من مقولة الحرص على مصلحة الشعب حصان طروادة, كي تعبد بعجلات الخنوع و النذالة سبل المحرمات و الخطوط الحمراء,فتسهل على عربات الفتنة و الخديعة والتواطؤ..إختراق ميادين العمل الوطني الفلسطيني..وصولاً إلى دهس الإنتفاضة و أهدافها, و تسهيل مهمة شارون في تحطيم إرادة الفلسطينيين البواسل و فرض حكم ذاتي مع إضافة بعض الديكورات و التصاميم المعادية, على أصحاب الرؤى و النشاطات النضالية المباركة, من جماهير و فصائل مقاتلة, فتقصر قامة السنديان الفدائي-كما تقضي سيناريوهات الإذعان و الإستفادة من الدروس.. و نزع أسلحة الإنتفاضة- الذي يتمسك بأهدافه و ثوابته الوطنيةو المتمثلة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة, ذات سيادة كاملة, عاصمتها القدس الشريف, و تمكين كل اللاجئين و النازحين من العودة الكريمة إلى ممتلكاتهم و بيوتهم و حقولهم في المناطق التي احتلت عام النكبة.48 وهذا الحق ينطبق على الفلسطينيين الذين إجبرتهم إسرائيل بممارساتها و جرائمها الوحشية على النزوح من مناطق عام 67 ..و هذا لا يتأتى إلاّ إذا أرغمت إسرائيل على تنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية ذا الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي..و إنسحبت من كافة الأراضي العربية,حتى حدود الرابع من حزيران عام 1967, عند ذلك فقط, يمكن الحديث عن سلام و أمن و تعاون بين شعوب المنطقة..كمدخل لتشكيلات و صياغات أكثر عدلا و إنصافاً..حيث تشكل الشعوب بإراداتها وأفعالها الناهضة, خريطتها الدائمة, التي تعمل رغم كل التحولات الصادمة و الغير عقلانية, و المتوحشة, على مناهضة خريطة الإذعان و البطش و القوة العمياء, ومكاييل الرعونة و التحيز و الظلم.

باب الضغوط و الإملاءات

باب التازلات المجانية و المصالح الشخصية و الفئوية و العشائرية..باب يترك زيتون شعبه,و يتجاهل مشكلات و هموم جماهير الإنتفاضة, فيصنع من رغوة النفس القصير و الهباء المستورد باباً لدولة مزعومة لا تريدها إسرئيل العنصرية أكثر من جدار هش لحكم ذاتي ذليل.هو باب مفتوح لأعداء الشعب الفلسطيني يدخلون منه متى أرادت أحقادهم, لإرتكاب المزيد من المجازر و الإعتداءات ضد الشعب الفلسطيني و لا يبرحونه إلا تحت ضربات و رشقات ابطال إنتفاضة الإستقلال و العودة و تحرير المقدسات من دنس الإحتلال الصهيوني..باب مرعوب, خاصة بعد إحتلال العراق, دخلت منه الكوارث و الهموم و الأزمات, كأن للنائبات و الشدائد تحل بشعبنا-في ذكرى إغتصاب فلسطين و إنشاء الدولة العبرية- أبواب مكفهرة , متلاحقة الضربات..تفرخ نوافذ تفريط ومهانات و ربما إنقسامات مقيتة..إن لم تتسلح فصائل و تنظيمات و سلطة الشعب الفلسطيني, برنامج نضالي مشترك, يحقق وحدة وطنية أصلب و أمتن,في إطار واقعي و عملي, كنتاج حوارا ت صريحة, واضحة, و إحداث إصلاحات جذرية تنبع من إرادة الفلسطينيين, لا من جهات التحيز و الغزو.

و تمر الأحداث العصيبة, و يعيشها شعبنا في الوطن بمعظم فئاته و شرائحه, نزفا و فقرا و مواجع وخسائر باهظة, و بينما تصمد جموع الشعب الصابر في مختلف المدن والمخيمات و البلدات الفلسطينية, تودع قوافل الشهداء الأبرار و تتمسك بسلاح الإنتفاضة, تحافظ على وحدتها, تكنس كل تهديدات الفتن و الصراعات الداخلية, و لا تطلب من أحد أن ينطق ذلا و إنبطاحا نيابة عن دمها, عن صوتها, عن مستقبلها السيادي, و تضحياتها الجسام..

الباب الأسود

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى