الأربعاء ١٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم رشا السرميطي

جلدُ الذَّات 2012

فلسفةٌ تنبيهيَّةٌ

لماذا يصعب على شفاهنا أن تعترف بالحقيقة، بينما لا يوجد أسهل من قول الأحاديث الباطلة، وبثِّ الإشاعات حولنا، دون خوف أو تردد ممن يسمعنا ويرانا ولا يخفى عليه شيء من أمرنا. نصاب بالنُّعاس، ويعمُّ التَّشتُّت موسماً طويل الأمد على أفكارنا حين نهمُّ إلى الصلاة، وفجأة، عندما ننتهي، تستيقظ حواسنا نشيطة يملؤها الحماس. نسهر يومياً لساعات متأخرَّة من الليل، نشاهد فلماً أو مباراة رياضية أو مسلسلاً أعجمياً ولا يكون سهادنا لتلاوة القرآن أو قيام للذي لا تأخذه سنة ولا نوم.

لماذا نستيقظ مبكراً من أجل العمل، ونضع بحساباتنا رب العمل وردود أفعاله على سلوكياتنا، ولا نستيقظ لأجل رب الفجر وصلاة الفجر؟ نخشى مراقبة الناس لنا، ولا نخشى مراقبة الملك، ولا نحاسب أنفسنا رغم عزمنا على تصفية حساباتنا الدنيوية يومياً. ننفق الأموال بسخاء مستمتعين في الدُّنيا الزَّائلة، ونبخل على أنفسنا في صدقة تعكَّز رحلة الخلود إلى الله رغم يقيننا ببقائها ونمائها في يوم لا ينفع فيه مال إلا من أتى الله بقلب سليم.

جميع المسلمين غالباً لو سئلوا: هل تحبون الله؟ لقالوا: نعم. أنحبُّ الله ونعصيه ولا نقوم بما أمر وننتهي عما عنه نهى؟! نطأطئ رؤوسنا لحكامنا وذوي السلطة في زماننا ولا نخشى الله ساجدين وراكعين له! أيُّ حب هذا الذي ندَّعي في صدرونا!

بات العديد منا ينفر من سماع خطبة وموعظة لشيخ ما، وصار القرآن صوته صداحاً يعلو حينما يكون هناك بيت فيه عزاء، حتى أيام العزاء باتت للتواصل الإجتماعي وتناقل الأحاديث، والأسوء من ذلك، مدُّ الولائم والتحليَّة، هل صار الموت حادث طبيعيٌّ في زماننا؟ حتى المآذن صارت تخفض أصوات مكبرات الصوت حتى بالكاد نسمع صوت المؤذن ينادي عليها: حيَّ على الصلاة.

نسمع الأغاني، ونقول بكل وقاحة: إنَّ لنفوسنا علينا حقاً، ساعة لربك وساعة لنفسك! وما أدراك يا عبد الله كم بقيت لديك من الساعات لتتوب منيباً لله.

صارت مساجدنا مهجورة خاوية تملأها المناسبات فقط، والمظاهر التي تعكس الإسلام، كأنَّ الاسلام عاد غريباً في جيلنا، يفتّش عن المسلمين والمسلمات! والمقاهي تعج بالفحش والمنكرات، والشباب تالف يهدر أوقاته بما لا نفع فيه، وكذا الفتيات سافرات وعاريات في فكرهِّن وعواطفِّهن، بكت على حالهَّن نساء المسلمات. إن قابلت ناصحاً للدين ومبشراً بسبيل الجنة نفرت، وإن صادفت مستهتراً يلهو اجترك وراءه لاهثاً خلف الرغائب.

أيها الإنسان المسكين، دعني أخبرك بأن سكين الوقت صارت سيفاً حاداً، وكل ساعة تنقضي من يومك تنقص من عمرك. هيَّا شمِّر عن سواعدك، وتطهر بوضوء من الدنيا يخلصك من دنس الفكر، وشرور العقل، وشوائب القلب الذي ملأه حب الدُّنيا وشهواتها. دعنا ننسى عيوب الناس، ونتذَّكر عيوبنا. لنتوقف عن البكاء، ولنبكي على حالنا المتردي خشية من الله والحساب.

لا أطالبكم سوى بالإنصات لدواخلكم فقط، ولتسمعوا نصحي بنياح كلماتي كي تمسحوا دموع
قلوبكم بمناديل التوبة الصادقة.

إنّه عام جديد، ليكن عنوانه التَّجديد

كل عام ونحن لله أقرب

غرَّة الأول من محرم عام 1434 هـ

فلسفةٌ تنبيهيَّةٌ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى