الأربعاء ٢٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم موسى حوامده

سَنُسوي البحرَ أرضاً

*إلى أبطال المقاومة في غزة

سَنُسوي البحرَ جيشاً
ونسوي الغيمَ سداً
ولحمَنا ملاجئْ
سَنسوي الماء عاصفةً
تراتيلَ نصر
ونرفع ظلمةَ الشاطئْ.
نُعيدُ الزهوَ إلى لون البرتقال
والنور إلى وجه الضحايا
كي لا تواري الحقيقة وجهها في التيه
وتصغي لسوء النوايا.
إجلسي هنا أيتها الغائبة عنا
نحن لون وجهك النقي فلا هروب من سطوة الشمس
ومعنى الحكمة القديمة
وتفسير الجلالين
ونبوءات البساتين والجدات الراحلات.
سنسوي رموزهم فتاتا وشظايا
سنسوي صوت الرمل شعرا
والسماء صدى قصائدنا
نسوي البيوتَ قلوبنا
والشهداءَ أشجاراً وندى
سنسوي الضيق متسعا
ونرفض أن نهادن.
سنسوي المدى
حدودا
والفضاء حديدا
ومعادن.
سنسوي لحمَنا الحيَّ بلادا
أحلامنا وطناً
ذكرياتِنا حاضرا
وغدا.
سندير وجه الشمس صوب الأفق قليلا
ونعيد حق اللاجئين في مفاتيحهم
وأحزانهم
وذكرياتهم البعيدة.
سنغسل صدأ المفاتيح
بحرير دمنا
ونعطل سمومَ الري في حقلهم الرعوي.
سنعطي الفضاءَ جزيل الشكر
ونمنح المحبين بيارةً للصبر.
بكينا كثيرا على دروب التأويل
ولم ترأف بحالنا أمهاتُ الضجر
ولا أمهات الغجر.
تزوجنا الأرضَ وبعنا قلوبنا للسماء
ولم ترأف بحالنا الطقوس
والمنافي والمشافي
والعواصم.
سنسوي لحمَنا خنادق
ودفاترَ أطفالنا حدائق
وأصابع الجميز فدائيين
وبيوتنا غباراً في وجه الشياطين.
ونحزن إذ نقصف بلادنا هناك
وترابَها الندي
فهي أجدادُنا وذكرياتُنا
لكنها حكمةُ الرموز تفرُّ من كتب الطغاة إلينا
ونُعيد ترتيب الصفات
والصفحات والخاتمة.
خذ بيدنا يا إله اليهود
يا إلهنا الحيَّ
يا إله الكون
ولا تُخفِ وجهَكَ خشيةَ الجدل
كنْ عادلاً مرةً
واخفض صوتك لنعرف رقصة الحجل
وأول الطريق إلى الجليل
ورعشة الأقدام تسري إلى رفة الجبل
إلى باب الخليل
ودرب المسيح إلى آلامه
حائط البراق
وحائط القيامة.
خذ بيدنا
سنسوي البحرَ ملاذا
والطيورَ صواعق
وكلما داهمنا الحبُّ في تشرين
فتحنا له حدود الألم
مرَّغنا وجه العجز في حديد يأسنا
حديد بأسنا
انتصرنا على الموت
انتصرنا على دود الأرض
على حرائق المخطوطات
على خيانة التاريخ
ورموز الكهنوت.
انتصرنا قليلاً
انتصرنا ولسوف ننتصر
لا نحلم بحق الضحية في إبادة الخصم
نحلم بحقنا في الغناء فوق جنازات العابرين بلا أثر
ستنضم فلولُكم لجموع الغزاة
وتعداد المارين فوق صدورنا العارية
وتكبر بياراتنا كما تكبر حبة الخردل
وتكبر تلك النطف
كي تروي
للغد
بعض الجراح
تروي كثيرا من الزلل
وقليلا من الأمل.
لم نسقط عن المألوف كثيرا
تشتتنا مليون شظية ومخيم
تششتنا مليون قبيلة وتنظيم
تشتتنا مليون خارطة ومنفى
تشتتنا وظلّ طين الأرض يغري لحمنا بالعناق
عناقا مع الأرض يعلو الشهيد منا
عناقا مع الروح يطفو دمنا على وجه السماء
ملائكيا يحاور سبع سماوات
ويهبط بنا
إلى ذاكرة العشب
ذاكرة التين والزيتون
ذاكرة القش الغزي
والفخار الأبدي
وشارع عمر المختار
وتل الهوى
وأبراج الحمام.
سنسوي لحمَنا الحيَّ وطناً
دموعَ أمهاتنا خنادق
قبورَ أطفالنا معجزة
وأيديهم بنادق.
سنسوي كلَّ حبةِ رملٍ بلداً
ونقسم باسم الفجر
أننا عشاق فلسطين
حجارتُها
دمها
طيور النصر فوق ركام الحرائق.
سَنُسوي البحرَ سداً
ونسوي الغيمَ جنداً
ولحمَنا خنادق
سَنسوي الأرض بركاناً
تراويدَ نَصْرٍ
وأغصان الليل بنادق.
كتبنا على درج البحر
على حيطان الصبر
أسماء البنات
وأسماء الأمهات
وصور اللجوء والنزوح والنكبات
وعلَّقنا في سقوف السماء
خارطة فلسطين
وأسماء القرى
وأسماء الشهداء.
سنسوي البحرَ أرضاً
والحواجز نارا
سنسوي الصفيح سدودا
والعصافير قنابل
وبلحمنا العاري
بدموع أطفالنا
نقاتل.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى