الأربعاء ١٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢

الفنان التشكيلي محمد العلمي

نجوى الحساني التائب

إن إبداعات الفنان التشكيلي المغربي محمد العلمي، تعكسُ حواراً متصلاً مع كل شيء بداية من حوار الإنسان مع ذاته،وحواره مع ألآخر، فرشاته تعمل بإصرار على كشف الحقيقة،وألوانه تبحثُ عن الصدق..يرسمُ العلمي بفطريته هذه الوجوه وهذه الحالات الفلكلورية ليكشفُ المكنون والدفين فيها ويؤكد هذه الحميمية مع الذات ومع الآخر المُكمل لها، أو المُتنافر معها، في لُغة تشكيلية بسيطة ومُباشرة من ناحية،وثائرة مُحطمة من ناحية أخرى فالوجوه والناس في أعمال الفنان هُم نحن لا كما نعرفُ أنفسنا أو نريد،وإنما كما يرانا الفنان،ويعبرُ عنها دون زخرف أو تملق أو إدعاء..عشق الفنان العلمي الخطوط العشوائية التي تحملُ براءة ملائكة ألرحمن وهو صبي أحب وارتبط بالغن ألتشكيلي بحُب وعفوية، متأثراً بإبداعات أخيه الذي فارق الحياة تاركاً أعمال خالدة جعل الفنان العلمي يتحمل مسؤولية الرسالة الفنية التشكيلية بإحساس صادق وفاء لأخيه، صقل موهبته بالبحث ودراسة تاريخ الفن التشكيلي العالمي،وتأثر بأعمال فنانين كبار من إسبانيا التي يعيش بها،أمثال: بيكاسو و سالفادور دالي وآخرون.
ارتبطت دوافع التعبيرعند الفنان العلمي بواقع بيئته المغربية بجميع عاداتها وتقاليدها، وبجذوره التاريخية والتراثية والجمالية والفلكلورية، فأخذ من الفلكلور المغربي عامة وشماله خاصة. ليوظفه على إبداعاته بإحساس صادق ليقرأ المُتلقي لوحاته التشكيلية مُميزة الحكايات، الأزياء الشعبية وخاصة لباس العروس التطوانية يقوم بتوظيف مختلف عناصر التعبير توظيفاً واقعياً بما يخدم محتواه الوطني، كما يختار الموضوعات المُستمدة من تاريخنا المغربي العربي الإفريقي الإسلامي، محافظاً على هُويته الراسخة، وتكشفُ واقعية العلمي الصوفية بحركات قوية على أعماله الفنية تتركُك تتأمل وكأنها تحكي لك حكايات وروايات بألوان زاهية ومؤثرة، شكلت وشائج تعبيرية تحققت كإنجاز تشكيلي عبر موضوعات مُتنوعة ومستقاة من الواقع ومن الطبيعة، ومن الحركات البشرية، متمسكاً بطقوس وطنه وخاصة البعة والولاء يركز على مواقف إنسانية ماتقيشي ولدي ويوثق بالألوان وإحساس صادق لتخرج اللوحة للوجود بتلقائية وعفوية، تُحير المُتلقي وتُحاوره بجدية وجمالية.
هذا الإنجاز التشكيلي التلقائي جعل الفنان العلمي يُطور واقعيته باتجاه توظيف عناصر الواقع توظيفاً رمزياً، وهذا يجعلُ المُتلقي لإبداعاته يكتشف شيئين أساسين هما:

ـ الحس الشعري.

ـ الواقعية التراجيدية.

فالشاعرية هي أساس موروث من طبيعته العميقة، وهي الشكل الأكثر عفوية حين يجد الفنان نفسه مغرماً جوقة تسوية لطرب الأندلسي، منسجما ًمع مشهد رائع بموسيقاه الراقية والعريقة، أو بالطقطوقة الجبلية التي تحيي فيه ماضيه الجميل والدفين، يفتحُ أعماق ذاته، متشبثاً بطقوس وعادات مدينته طنجة التي تراها في جُل أعماله، والمتلقي لإبداعات الفنان العلمي يُلاحظ أن تطوراً شمل أساليب التعبير والمواقف ألاجتماعية لذلك استمر هذا التطور في تجربة العلمي نحو الجمالية الشاعرية والدراما الإنسانية بأسلوب يحمل من الواقع بقدر ما يحمل من الحُلم. والأمل.

تؤكد معظم اللوحات الفنان العلمي على هاجس خاص بالمرأة كقيمة تتجاوز الدلالة الواقعية لصالح الرمز، بمعنى آخر، أن للمرأة قيمة عالية في فن العلمي لأنها تُعبر عن عدة مُشكلات إنسانية لذلك اعتمد على المرأة ليُقدم عبرها المشكلة. وهذا ما نشاهده في لوحاته. حيث حملها مسؤوليات جسيمة، حتى يرمز إلى الواقع الذي وضعت فيه،وقدم انعكاس هذا الواقع عليه، والمرأة يرى فيها كل شيء جميل ويضعها في مرتبة عالية.

وحدد العلمي عناصره في وجوه وأجساد حزينة تحكي لك حكايات ومشاهد اجتماعيه جريئة، وجوه تُعاني ولا تستطيع الصراخ.

و يرسمُ أشخاص ووجوه ذات إحساس وتعبير صادق،هذه الأجسام البشرية تبحث عن بعضها البعض فتتلاقى وتتباعد في دوامه لا نهائية تنتصر فيها ـ دائماً ـ رغبة ومُعجزة الحياة.
تجدُ في إبداعاته التشكيلية يحضى الإنسان بفلسفة الوجود، ويستثمر طاقاته المُتعددة والمُتنوعة،وأن يجد نفسه واثقاً ومُطمئناً، يعيشُ على أرض مدينة طنجة الراسخة في دهنه كأرض التعايش والتسامح،برؤية العيش الواحد والمُشترك.ويُوظف العلمي عناصر بشرية، تتلاقى من أجل الحُلم بالحُرية والسلام والتعايش، ويحنُ الفنان إلى زمن مدينته طنجة الجميل والحضاري.إنه العاشق الولهان بجمالية التراث المغربي الأصيل، أبدع بإحساس صادق، العادات والتقاليد والرقصات، وأتقن عروس الشمال، التي تميز ذاطرة أهلها الفولكلورية. طنجة المدينة الفاضلة والمُفضلة تسكنُ قلبه وتستقرُ داخل وجدانه.

يعتمدُ الفنان التشكيلي العلمي في أطروحاته الجمالية التشكيلية، على أساس الواقعية المُطرزة بإشراقات حليمة. قوامها عناصرها التشكيلية، حيث جذر الواقع المُعاش للإنسان..مُجسداً تطلعاته الفنية التلقائية،على شرفات مدينة طنجة العالية عروس الشمال،وأبدع الحي الشعبي الطنجاوي، طنجة مدينته التي يحملُها في طيات حضوره التشكلي داخل الوطن وخارجه،

وظف العلمي أساس موروثاته الجمالية، من طبيعة حياة جماليات به، فصارت في أعماله..طبيعة عميقة..ووجوه صارخة صامدة ضد رياح التغيير، مُرتبطة بأهمية الزمان والمكان..وفترة الإيحاء والتعبير الصادق باللونية..المُتسمة بالعفوية والشفافية،ووحدة الانفعال اللوني التي يُجسدها رهافة الحدس اللوني في محصلة تفجرانه..حيث الإبداع والتميز و الأصالة والإيقاعات المُترقرقة للأشكال والألوان، حيث التوظيف الأمثل..لبداهة الحس الجمالي والمُكونات البصرية،المشعة بوهج شفافيةالحُلم..الإيمان وسيكولوجية إدراكاته الذهنية في أبعاده الصوفية. لماهية عشق ترنيمات اللون..وفق منطق إحداثه الجمالية المُضاءة بالمًؤشرات السيادية لإبداعاته الفنية بروح وإحساس صادق تحمله اللوحة، التي ينتجها الفنان التشكيلي المغربي محمد العلمي في روح تجربة أصيلة ونادرة في نسيج الفن التشكيلي المغربي وفي عُمق حركة الفنون التشكيلية العربية.

نجوى الحساني التائب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى