الاثنين ٣١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم توفيق الشيخ حسين

شجون ومواجع عناقيد آخر الليل

عناقيد تستنفذ حالات من لوعة الزمن.. وفي هدأة الليل تفجر الحزن العميق.. وتختزل الذكريات في سكون ليل ٍ مظلم ٍ.. وتنسج الحروف والكلمات في ظلمة الليالي الحزينة، وتحمل المشاعر الدفينة نحو قرار الصمت.. وتمتد بأبصارنا في ليل يلفه الألم بوشاحه.
عناقيد آخر الليل المجموعة الشعرية الرابعة للشاعر عبدالزهرة لازم شباري وتضم (36) قصيدة ترسم ظلا ً قلقا وتملأ كل الدفاتر شدوا ً، وخيوطا ً من الدفء وروحا متوهجة وإصرارا ً رغم الموت.. أسطورة الزمان وقسوة الأيام مع اختصار الكلمات..
تعزف نبضات القلب لحنها الحزين وتتكلم العيون بالدموع ونغرق في الذكرى ويقتلنا الظلام في وضح النهار..

كانت أشباح النخيل..
كخيط عنكبوت دقيق،
يمر بالذاكرة ويحرك..
أشجان الصدور،
غير أن أسراب النوارس..
توقظ ما تبقى..
من جذاذات معلقة..
فوق أشرعة المرافئ

وطن ينزف دما.. ودموع تكتب حرفها الأخير.. يلفنا دخان الصمت.. صوت انفجار.. شظايا تحرق العيون.. طفلة من ورد ودمية من قماش.. فقد الحنان ولم يبقى للأطفال غير دمى ً فوق الأطلال يلفها الحزن المؤلم...

طفلة أودعة دميتها..
في الفراش،
خوفا ً عليها من الدمار،
لكن عاصف القصف
ألقت بها في حضن
الشظايا والجدار!

حين يشد الرحال.. وحين يكون غريبا.. يعيد إلى القلب نارا.. ويلمس الظل بأعماق النهار.. ويستدرج الموت لكي يزهر في دمانا أوجاعه..

أغلقت بابي..
ولملمت وريقات..
تبعثرت من حولي،
وألجمت براعم قصائدي..
واليراع!
واتكأت على أوجاعي،
ثم عاودت الخطى..
كي أرحل!

هذا هو الشاعر الذي تأمل الزمن الذي نعيش فيه.. تتميز فصائده بنبرة موسيقية صافية حيث يتحول مع القصيدة إلى زمن جديد..الصدق الذي يؤدي دائما إلى الحقيقة.. ويعود غريبا لوطن يحتضن العابرين.. واقع مرير وحياة كئيبة.. ومهما امتدت الأحزان لا بد للشمس أن تشرق حتى يتجدد الأمل في قلوبنا.. وتبقى شمس الوطن أملا ً يكبر كالطيب..

السنين الطويلة..
وذاك العمر الهزيل،
الذي ينز ويلات والآم،
المزروع بالنقائض والأيام،
المشحون بالهاجرة..
وصهيل الصحراء،
الممتد في عمق الجرح..
ودموع وحداء..
في آخر الليل،

ذئاب الليل وحدها تتسلل ليلا.. خوف وقلق يحرق المشاعر.. وأحلام سئمت سرابها عن زمن ملئ بالأحزان والآهات.. تسللت من بين الأطناب..

تحمل المتاع،
وتلتقي الحبيب
بقلب ملتاع،
يفترشون الأرض بساطا..
والسماء غطاء،

تجيئين وفي وجهك حلم.. أحدثك بلغة الحزن.. وآتيك برقا يضئ الروح.. وتعبرين ليالي الأرق وحزن الأيام المنسية.. نلتقي والليل يتبع خطانا وفي عيوننا فرحا أخضر..

البحر يتنهد والريح تتكسر ويستنشق عطر الزمن في عينيها ويغرق في صمتها.. إنها كل أفكاره...
يراودني الحلم..
وآتيه بالقنوط !
غير إن عينيك..
تدغدغ حزني..
وآتيه في عطر كآبتي،
الحياة بعدك..
قصيدة بلا عنوان،
لا تجعلي أجنحة الريح..
تهزأ من حلمي..
وتذكري..
فأن موعدنا المساء !!!!
لحظات قاتلة مزقتها دروب الغربة.. وبعثرتها السنين.. دوامة الصمت وأعماق الحنين.. صار الحزن غريبا..
ومضيت أستجدي الدروب..
لعلني أقفو إلى مدني..
فباعتني السنين،
فبكيت معزولا ألف ُ
قصائدي..
وأضمها للعشق..
مأوى التائهين !!
لوعة الفراق توقف الزمن.. تبكي العيون وتغمرها بالدموع.. تنتزع الروح وتحملها في قافلة الرحيل وتتجه نحو الغياب لتسجلها في ذاكرة الأيام.. ونتناسى لكي لا تتوقف الحياة وترسم للجسد والروح أجنحة إلى ما بعد الموت..
أيها الخيال الأبدي
أناشدك بلسان الموت..
المختبئ بين ثناياك،
لعلي أرى شبحا يوهمني
وأعبر فوق قشة طافية..
عند بساط الموج،
الدموع التي تترقرق في المآقي..
بحثا عن النجوم،
سوف تورق الصدى..

أصدقاء الغربة ضماد للجرح.. مطر يغسل القلوب.. تعانق الذكريات من وجع السنين.. وتسافر لزمن يبحر بنا عبر عالم تسكنه الأشواق..

من أيام السنين،
يوم كنا نجرع الهواء،
ونعبر الليل الذي..
يناغي الأصدقاء
هكذا أضم أجنحتي..
إلى ما بعد الموت،
لأعانق سحب وجهي القديم،
وأسمو كملاك..
في حقل الأشواق !!

من صمت البحر.. ومن حزن الأرصفة المبتلة بالدمع.. وعبر ظلال الوطن الممتد فوق خارطة الضوء.. تمسح الحزن من رحم الأرض.. ونلتقي في صباح مضاء جديد.. وفي قلوبنا ينتظم النبض حين يكون المسير.. وشمسا أحلى من كل الشموس للوطن الآتي من موجات القلب...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى