الأحد ١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٣
بقلم سليمان نزال

سجادة الصبر

-صرخة ضد تهويد المسجد الأقصى-

تمهلْ قليلا...
تمهلْ قليلا يا أبي
ضعْ على كتفيكَ سجادةَ الصبرِِ
و لا تنكرْ نَسَبي..
إنتظرْ برهة الآن
قبل رفع الأذان..
قد صليتَ سبعين عاما و نكبتين
لم يزل مقيماً في محرابِ الحزنِ
فؤادكَ الذهبي...
تمهلْ يا أيها الباسل الشريد ..يا أبي
في باحة المسجد الاقصى
سيدخلُ الزناة..
بإسم الصلاة..
كيف يصلي دمي مع مُغتصبي؟
أ يدخلونَ المسجدَ القدسي
دون أن تنشقَ الأرضُ عن معجزةٍ
فتتبعها السماءُ بأخرى
تخلطُ لهيبي مع غضبي؟

كيف أبي يدنسون الوقتَ والصخرةَ و المكان
و ما تركتْ دماءُ و ثبتي زلزالا..
و ما تركَ وريدي صحبة البركان
ما تركتْ روحي صهيل عنفوان
و تلونت بدمائي سُحبي
أنا الذي ركعتُ للخالق أجيالا
حتى بليتْ مرافقي و تشققتْ ركبي..

إنتظرْ. يا ابي
فقد تمسكَ أطرافَ خجلي
بكفيكَ المتشققة..
و تصنع للشكِ من نار إحتجاجك
موقدا أو محرقة..
و قد تبدل رأيكَ في جرحي
وتهدي له زنبقة..
و تصير لمواجعي أماما مرشدا
يحمل معي مطرقة..

تمهل يا أبي..
و إعدْ لو شئتَ تهذيب وجداني..
و إنزلْ بعض التساؤل المر
من أعالي أحزاني..
فعليّ أن أظلَّ طريح الشكوى
و عليَّ أن اعاني..و أعاني..
لماذا إذا عاتبتني
على هجرتي و شتاتي الثاني
و حملتني فوف ما تطيق أشجاري
و أوراقي و أغصاني؟
إن كنت أنتَ أصل وقيدها
ماذا ذنب نيراني؟

إنتظر قليلا يا أبي
حتى أسترسل في عتبي
قلْ أي شيء لي
عن جرحي لكَ..
و لا تقله لعربي..
لا يحمي زيتونة في الأقصى
يرقدُ في ظلها تاريخٌ أبيّ
من أنا يا أبي؟
كأن المذلة شطبت ميلادي
فأخرجتني من أرضها بلادي
إن لم أزنرْ بالرشقا ت فؤادي
لأنافحَ عن مسرى النبي

من أنا يا أبي
بعد أن كان النخيل شعري
و كانت الخيول
عواصفي التي أمتطيها
فتسير إن أردت بأمري..
و كان الفتحُ مجدي و أدبي..
بعد أن كنتُ رمحاً بيدِ الشموخِ
يدمي المعتدي الأجنبي..
بعد أن كنتُ بأندلس العظام
أحملُ الحضارةَ في قبضتي
وأسيرُ إلى الأمام..إلى الامام
أضمّ الضياءَ إلى حقبي..
و ترسل لي بغداد و الشام
مخطوطة نجوم لكتبي..
من أنا الآن..من أنتَ
من نحن كلنا..يا أبي..
إن لم نقاتل كالرجال
عن مسرى النور النبي؟

ها أنا أغرسُ سهمَ شكوكي
في صدر عذابي..
لكي أبوح بالحقيقة..
أم أن موتي و إستشهادي
بأرض الرباط و الفداء
مرثية في كل دقيقة!...
لتغوص صرختي
في بحر مأساتي
كأنها سفينة غريقة..
عصبيٌ ساحلي الكئيب
يلطمُ أمواجه بكفيه..
كي تظلَ صديقة؟

تمهل يا أبي..
و تذكرْ القدسَ و طوباسَ و عنزةَ و لوبيةَ و طبريا و الزراعة..
و دعني أنسجُ بعضَ الخيوطِ العنيدة لضياعي
فلا يبقى ضياعا..
تمهل يا أبي
قد يضيع الأقصى
قد تضيع الإنتفاضة
أما الصلاة فنقيمها جماعة..

تمهلْ يا" أحمد" لم أعدْ صبيا
ماتَ من زمان ذاك الصبي
أخافُ أن يُجرَّ تاريخي من يديه
و يؤخذ كالسبي..
من أنا
من انت
من نحن
إن لم نقاوم يا أبي؟

سنقاوم يا أبي..
سأناضل يا أبي
لن تنكر نسبي.

-صرخة ضد تهويد المسجد الأقصى-

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى