الخميس ١٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم أحمد توفيق أنوس

خباء المطر

أحْتالُ لِرُؤْيَاكِ عُمْرَ الْطُّفوْلة
وطيْش الْشّبَابِ وَحِلْمَ الْكُهُوْلَة
****
كطفْلٍ رضيْع الْنّدىْ لا يفرّ
وليْثٌ وضُرْغامَ فيْهِ اسْتقرّ
 
أعانقُ يوْمَ هطوْل الْمطَرْ
قطْر الْسّحابِ كَطَفْلٍ أغرّ
 
وَتبْدوْ بعيْنيَّ تلْكَ الْرّوَابِيْ
كجنّاتِ عدْنٍ بها الْمُسْتقرّ
 
وتلْكَ الْجِبال شموْخٌ لها
تسيْحُ الْدّرُوْبُ بِهَا أوْ تقرّ
 
كأنّ الْسّمَاء تُسبّحُ غيْثاً
تُنَاجِيْ الرَبّ بفيْضٍ وبِرّ
 
وتعْرش بيْن الْخبايا غيوْماً
لتعْصر منْها رحيْق الْبكوْر
 
وَثَكْلَىً تَغَادُوْا كَرِيْحِ الْهَبُوْلِ
تحيْل الْبقاع دماراً وعرّ
 
فكمْ منْ عَظيْمٍ سقتْه الْمنايا
وكمْ منْ فقيْرٍ بِخيْرٍ يسرّ
 
وتغْرف منّيْ سويْعات عُمْرٍ
بَهٍ أجْتبيْها لِبَاقِّيْ الْدّهوْر
 
فأغْرف منْها دقائق حُلْمٍ
ترائى إليّ بماضيْ الْعصوْر
 
كأنّ الْجداول تَفْريْ جروْداً
تَفِيْضُ لِتُرْقَيْ اخْتِضَاب الْزّهُوْر
 
كَأَنِّيْ ويَوْمَ ارْتَويْنَا صبوْحاً
نَدِيْم الْحقوْل وضَيْف الْوَبَرّ
 
أعانق نسْماً تبدّى خريْفاً
روتْه الْمروْج بفيْح الْسّمر
 
وتلْك الْبراريْ غوتْها الْنّدايا
فَصَاغَتْ ثَرَاهَا خباءاً وبُرّ

مشاركة منتدى

  • ...خباء المطر....كم جميل أن يحملنا الحلم الطفولي لذاك العناق الأولّ مع المطر لنتظللّ به كخباء ...وهل نستطيع نسج خباءا من المطر ...استعارة رائعة بشعور ورؤية طفل أغرّ يعانق حبّات المطر...انّه الانتشاء الروحي ...انّه الاحياء لهذا السحر الطبيعي ...انّها عملية ازهار وانعاش حين لقاء الأرض الضمآى لحبّات المطر الأولى ...لتخرج ما في جوفها ...انّه الكشف عن عذرية الطبيعة ...صور شعرية رائعة تنساب بسمفونية السفر الى سحر الطفولة الأولى ..انّها العودة للفطرة والشفافية والعذرية الجامعة بين روح طفل وطبيعة لم تدنسها الآلة بعد...نص ايقاعي ورمزي لذاك المحيي والمدّمرّ في حين ...الماء...ذاك المنعش والمميت في آن ..ولكن يبق على الدّوام رمزا للديمومة والترحال ...شكرا على الابداع

  • ....قصيد يحملنا على ايقاع موسيقى المطر لذاك الطفل الكامن فينا ...ذاك الطفل الذي يفتح ذراعية ويبسط كفيه لعناق حبّات المطر الأولى ....في مغامرة لالتحاف السحاب والسماء...لارواء ذاك العطش لاكتشاف سحر هذا الفيض من الماء...صور شعرية أبدع الشاعر في تصويرها ولما فيه من دلالة ورمزية لمفعول الماء الذي يحمل الأضداد ...احياءا واقبارا...انماءا وتدميرا ...ولكنّ الأكيد الاكساء للطبيعة العذراء....قصيدة فيها من الصور والايقاع حملتنا للاانصات لهمس المطر بل والتجاوب مع ايقاع الماء...شكرا لهذا الابداع

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

شاعر وكاتب لبناني
مؤلفاتي الحالية: ديوان خبريهم فاطمة 2014، رواية: سعاد والخريف2015، قصة: سلوى 2015، ديوان: قصائد للذكرى "اللورد بايرون" 2015، ديوان: صكوك غفران 2016.

من نفس المؤلف
استراحة الديوان
الأعلى