السبت ١٦ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم حاتم جوعية

«عبير الورود» للشَّاعر نيقولا مسع

مقدِّمة ٌ: الأستاذ ُ الشَّاعرُ «نيقولا مُسعد» من الشعراءِ الكبار المُبدعين محليًّا (داخل الخط الأخضر – عرب ال 48)، يكتبُ الشعرَ منذ أكثر من 35 عامًا، أصدرَ عدَّة َمجموعاتٍ شعريَّة، وهذا الديوان هو المجموعة ُ الرابعة ُ التي يُصدرُها. إشتهرَ «نيقول»ا في الشعر ِالغزلي وأبدعَ فيهِ أيُّمَا إبداع ٍ... فأطلقَ عليهِ البعضُ لقبَ «نزار قبَّاني الثاني».

مدخل: يقعُ هذا الديوانُ «عبير الورود» في (124 صفحة) من الحجم المتوسط، مطبوعٌ طباعة أنيقة وفاخرة ً ويضمُّ مجموعة ً من القصائد معظمها في الغزل وبعضها في المواضيع ِالإجتماعيَّة وغيرها... وجميع قصائد الديوان موزونة (كلاسيكيَّة). ولنيقولا ُمسْعَد أسلوبٌ ونهكة ٌ وأريجٌ خاصٌ مُمَيَّزٌ متفرِّدٌ في الشعرِ يختلفُ عن معظم ِ ما يكتبُهُ الشُّعراءُ المحليِّين. فشعرُهُ عذبٌ مموسقٌ والموسيقى الشِّعريَّة عندهُ جميلة ٌ جدًّا وساحرة ٌ، وأعني بالموسيقى ليسَ فقط أوزان الخليل التقليديَّة (العروض)، بل الموسيقى الداخليَّة أيضًا ومدى وقع الكلماتِ الجميلةِ الرنانةِ وجرسها على القلبِ والوجدان. فهو فنان ٌ فذ ٌ في كيفيَّةِ اختيار ِ المعنى الجديد المُشِع والكلمات والعبارات الجميلة والمُعبِّرة ذات الوقع والجرس الموسيقي الساحر الذي يخلبُ اللُّبَّ والخيالَ ويُحرِّكُ أعماقَ...أعماقَ القلبِ والوجدان. فنيقولا مسعد بحقٍّ وحقيقةٍ ظاهرة ٌ شعريَّة ٌ مُتفرِّدة ٌ مُتميِّزة ٌ على الصعيد المحلِّي. هو شاعرٌ غنائيٌ وجدانيٌّ من الدرجةِ الأولى وشعرُهُ صادقٌ يعكسُ أحاسيسَهُ ومشاعرَهُ ووجدانهُ... إنهُ يُجسِّدُ ويُلخِّصُ تجربتهُ الحياتيَّة َ والذاتيَّة... وهذا ما يلتمسُهُ القارىءُ المُطَّلعُ على كتاباتِهِ. وشعرُهُ بحدِّ ذاتهِ يحملُ رسالة ً إنسانيَّة ً واجتماعيَّة ً وفنيَّة ً رائعة ً، وسيبقى هذا اللونُ الذي يكتبُهُ من الشِّعر ِ خالدًا مدى الأزمان مهما تغيَّرتِ الأوضاعُ والظروفُ الإجتماعيَّة أو السياسيَّة.. على عكس الكثير من الشعر ِ المحلي الذي معظمُهُ يفتقرُ إلى العذوبةِ والشَّفافيَّةِ والرومانسيَّةِ وللوزن ِالشعري وللقيمةِ الفنيَّةِ وللمصداقيَّةِ والموضوعيَّةِ فأغلبُهُ أدبُ شعارات أو مُجرَّد حَبْكٍ وَرَصٍّ لكلماتٍ مُبهمةٍ وغامضةٍ تبدُو للبسطاءِ ولمحدودِي الثقافةِ أنها فلسفة ٌوفيها عمق ٌ وتجديد، ولكنها في الحقيقةِ خزعبلاتٌ وُترَّهَاتٌ وكلامٌ تافهٌ عقيمٌ (قسمٌ لا بأسَ بهِ من الشعرِالمحَلِّي) ولا تتحدَّثُ قصائدُ هؤلاء الشعراء عن موضوع ٍ واضح ٍ ومُحَدَّد لأنهُ لا يوجدُ لديهم في فكرهِم وثقافتِهِم وموهبتِهِم الشِّعريَّةِ الضَّحلةِ بالأصل ِ أيُّ موضوع ٍ أو أيَّة ُ رسالةٍ إنسانيَّةٍ وفكريَّةٍ كما يبدو. وكتاباتُ هؤلاء الشعراء الذين أعنيهم ليسَ لها أيُّ وقع ٍ أو تأثير ٍ سواءعلى الصعيدِ الإنساني أو النفسي والذاتي والوجداني أو الوطني على نفوس ِالقرَّاءِ مهما كانت نوعيَّتهم. بيدَ أنَّنا نجدُ بعضَ المُتفذلِكين الذينَ يدَّعونَ أنَّ لهم باعًا وإلمامًا في النقدِ الأدبي فيكتبونَ المقالات الطويلة َ من منطلق ٍ شخصيٍّ ولمصالح ومآرب شخصيَّةٍ فيُكِيلونَ المديحَ الرَّخيصَ للدواوين ِ الشِّعريَّةِ التي تصدرُ لأولئكَ الشعراءِ المزعومين الغامضين والتافهين والسخيفين الذين أعنيهم.

وممَّا يُلفتُ الإنتباهَ أنَّ الأستاذ َ والشَّاعرَ المُبدِعَ "نيقولا مُسْعَد" لم يكتبْ عنهُ وعن دواوينهِ المطبوعةِ أيُّ ناقدٍ وأديبٍ محليٍّ... ربَّما مقالة واحدة كانت لأحدِهم بعيدة كلّ البُعدِ عن عالم ِ النقدِ الأدبي الموضوعي. ولكن بالرُّغم ِ من هذا فقد حَقَّقَ "نيقولا " شهرة ً وشعبيَّة ً كبيرة ً وواسعة ً، وشعرُهُ يستحقُّ أن يُلحَّنَ ويُغنَّى لأجل ِالأبعادِ الجماليَّةِ والغنائيَّةِ التي تشوبُهُ. وهو يُذكِّرُنا بروائع ِ الشَّاعر ِ الغنائي المصري الكبير ِ "أحمد رامي" وبعمالقة الشِّعر ِ الغنائي في العالم ِ العربي الذين غنَّى قصائدَهم كبارُ المُطربين، مثل: أم كلثوم، وعبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وغيرهم...

إنَّ شعرَهُ غنيٌّ بالصُّور ِالجميلةِ الجديدةِ وبالتعابير الحلوةِ المُستقاةِ من الواقع ِ ومن تجاربهِ الذاتيَّةِ ويرفلُ بالأبعادِ الإنسانيَّة ِ والفكريَّةِ وبالنظرةِ الإيجابيَّةِ المُشرقةِ للحياةِ ومُسَرْبَلا ً بالحُبِّ والأمل ِ والإشراق ِ، فهو حُلَّة ٌ رائعة ٌ تكلِّلُ هامَ الشِّعر ِ ودنيا الفنِّ والإبداع ِ.

وأخيرًا - سأختارُ نموذجًا من شعر ِ نيقولا مسعد - (مقطع من قصيدة على بحر السريع):

("حبيبتي يا توأمَ الفَرقَدِ كريمة َ الأنسابِ والمُحتَدِ
أحِبُّ منك ِالرّوحَ في طهرِهَا شبيهة َ اللآلىءِ الخُرَّدِ
أحِبُّ منك ِالروحَ في صِدقِها صافية َ الينبوع ِ والمَوردِ
حبيبتي، للحُبِّ، في شرعِنا، مبادىء للعاشق ِ المُبتدِي
فإنَّ حُبَّ الروحِ ِ زادٌ لنا، كأنَّهُ القربانُ في المَعبَدِ
جمالهُ باق ٍ على صورة ِ الباري تعالى، إنَّهُ سَرمَدي:
فهوَ النعيمُ الحقُّ، في كونِنا وَجَنَّة ُ المحبوبِ والمُسْعَدِ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى