الأحد ٣ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم عبد الزهرة شباري

عوالم في رحاب الناقد حسين سرمك

الحديث في مخاض السنين والأواصر الزمنية المتاحة للمساحات التي يملأها الأديب في كافة المجالات الأدبية والاجتماعية والسياسية وقراءة أسئلتها واستشراف التحري عن معطياتها ومردوداتها وسلبياتها وتجليات المخاض الذي يبدو كائناً بين شغاف الأنزياحات التي تتخلل حنايا تلك المخاضات الأليمة والتي تنبو عن ولادة جديدة مشرقة ذات انعكاس جوهري ورائد يسيَر الحركة الثقافية المبدعة لدى الأدباء والنقاد على حد ٍ سواء!

وبرأي المتواضع أرى فيهما المجذاف الذي يحرك قارب الحركة ويتجه به نحو الجهة السليمة الصحيحة، لأن التحولات التي حدثت بالمخاضات الأدبية والثقافية في عموم الساحة العربية والعالمية إذا ما قلت الكونية عموماً: سببها هذا الحراك والتجاذب الذي يبديه النقاد في صراعهم الدائم مع أواصر تلك المخاضات الأليمة التي تنشأ عن عراك واضح لدى الشعراء والكتاب!

لأن في هذا التجاذب والحراك ينشأ حتماً أنزياحات واضحة وضهور علامات ونجوم لامعة وصعود جمهرة في المجال الشعري والنقدي وبالتالي يتجلى المشغل الشعري والنقدي من ولادات ومخاضات جديدة ترفع من الفكر الأدبي والثقافي في عموم الوطن، وتتحف المكتبة العربية بمدن جديدة خالدة!

وهنا وبعد هذه المقدمة الوجيزة لابد من المرور السريع على سمة من سمات نقادنا المبدعين وهو الناقد المبدع الدكتور ِحسين سرمك وما أنجزه وبناه من المدن الشامخة في الإنتاج الأدبي وما تمخضت إرهاصاته في الوغول بين حنايا مبدعينا من الشعراء والكتاب في كافة المجالات الأدبية
وتحليل نتاجهم ومدلولات كتاباتهم نقداً وتحليلاً ودراسة وافية لتعطي للدارسين منهجاً نقدياً غير مقتبس من المناهج الغربية وما سارت عليه المثل من ناقدي العصور السابقة وحتى عصرنا الحالي إن لم أقل مجمل كتابنا في هذه المرحلة.

فالناقد حسين سرمك أتحف المكتبة العربية حقاً بكتب جاءت دليلاً واضحاً على قدرة كتابنا على مطاولة كل المنجزات المترجمة من كتاب أجانب، سهر الكثير منا على مجاراتها في مجمل كتاباتنا وفي كل الألوان التي سارت عليه تلك المنجزات!

فسرمك أستطاع بتطاوله على عصا كتاب الغرب السحرية التي سحبت مبدعينا إلى مجاراتها، أن يكسر طوق طلاسم السحر الموجودة فيها ويضفي آيات الناقد المبدع ليمحو إلى الأبد تلك الشعوذة التي أوهمت بعض كتابنا على السير عليها، بالرغم من سيل الهجمات التي يشنها الكثير من الكتاب وعلماء الدين والنقاد عليها!

كيف لا وناقدنا الدكتور حسين سرمك قدم للمكتبة العربية ما لا يقل عن ثلاثة وثلاثين كتاباً ودراسة نقدية وأدبية، حلل فيها لنا وللمتتبع العربي أسمى آيات السير في مجاهل الكتب الأدبية، موضحاً ومسبراً أغوار تلك الكتابات، ومسلطاً شمس المعرفة والتحليل السليم عليها كي يمهد الاستدلال على حل رموزها ومجاهل عباراتها ليقدمها سهلة واضحة على طبق من ذهب لقرائنا ودارسينا، وما كتاباته التي تناول فيها بالنقد والتحليل مبدعينا أمثال الروائي القدير المرحوم محمود عبدالوهاب، فؤاد التكرلي، لطفية الدليمي محمد خضير، مهدي عيسى الصقر، ودراسته المبدعة عن تحليل رسائل الشاعر بدر شاكر السياب وملحمة كلكامش، كذلك كتابه الذي صدر عن دار الضفاف للطباعة والنشر (الثورة النوابية) وهو دراسة أسلوبية متفحصة عن الشعر العامي (الشعبي) للشاعر المبدع والمدرسة النوابية التي سار على نهجها شعراء كثر في عصرنا هذا وهو الشاعر مضفر النواب، ودراسته في تحليل رواية الروائية (ذكرى محمد نادر) (قبل اكتمال القرن) بكتابه الموسوم (رواية قرن الخراب العراقي العظيم) الذي وضح فيه بإسهاب ما تصبو إليه ذكرى من توظيف الحالة المأساوية والأكثر دموية في تاريخ العراق، وكذلك كتابه الذي صدر عن دار الينابيع بسوريا عن الشاعر المبدع يحيى السماوي (إشكاليات الحداثة في شعر الرفض والرثاء) وكتب أخرى أبدع فيها ناقدنا حسين سرمك في مجالات أدبية واجتماعية وسياسية، وهذا دليل واضح وملموس للفكر النير القدير على المساحة الواسعة لما يعانيه أولاً من الحزن والألم على ما تعانيه كوادر شعبه وأمته من ضغط واستهانة بحقوقهم المهضومة من: فلسطين السليبة حتى دموية بلاده في العراق وسوريا والبحرين وغيرها!

ثم الضنك والاستغلال القهري والقيود الظالمة التي تفرضها قوى الاستكبار والجهل على مبدعينا!

وإذا أردنا التوغل في أبداع ناقدنا الجسور وما خرج من تحت يديه يطول البحث بنا، حيث وبلا شك أتحف المكتبة العربية برذاذ عطره الذي هب على ديار الفكر والأدب وأنعش كتابنا ودارسينا ومتابعي أزهار حدائق الأدب في عموم وطننا العربي!

وهنا في هذه العوالم أرى على ما يبدو لي أن الحديث عن الناقد حسين سرمك يتمحور لدى القاريء والمتتبع والدارس في تمثيله الصادق وقراءته للصور التي تتيح له أن يدخل في مسارها الدقيق ويقف على النقاط الدالة بها دون أن يتعرف على كاتبها أو يلتقي به، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على إشارة يجب الانتباه إليها وهي: حب هذا الرجل الصادق وميله للخير دائماً، ورفع أصوات كتابنا وشعرائنا عالياً كي يكون مسموعاً في أرجاء المعمورة، وهذا بالطبع من القيم الإنسانية العالية التي يجب أن نفتخر بها ونزداد عنفواناً كلما مررنا به وبنتاجه الذي حاول به إظهار هذه السمة الفريدة التي نتلمس من خلالها عطر الأبداع والمبدعين الذين هم سمة رائدنا الناقد حسين سرمك الأولى!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى