الحقيقة في جوف القبر

فتح عينيه في الصباح فوجد تابوتا بجانبه. فتح باب المرحاض فوجد يدا مقطوعة تحمل سكينا تسيل دما. فتح دولاب ملابسه فوجد رأس كلب مسعور. فتح باب منزله للذهاب إلى العمل فوجد عظاما مبعثرة في شوارع المدينة. فتح باب مكتبه فوجده مليئا بالدم. فتح باب مكتب المدير فوجده يقطع شرايين كاتبته التي تقطع شرايين زميلتها التي تقطع شرايين زميلها. فتح فمه للصراخ فخرجت منه أمعاء امرأة. فتح صدره ليرى ما فيه فلم يجد إلا الحجر.

عاد إلى منزله. فتح الباب فوجد مقبرة بداخله. فتح باب بيته فوجد أشباحا ما إن رأته حتى هربت وهي ترتعش. خلع ملابسه وفتح دولابه فوجد فيه جلد الأفاعي. فتح باب الحمام فوجد فيه جثة تغتسل. أراد فتح فمه للصراخ لكنه لم يجده. فتش عن نفسه فوجد نفسه ممدودا في تابوت.

فتش عن قبره ليدفن نفسه فيه فوجده مليئا بجثث حيوانات غريبة. فتش له عن مقبرة محترمة ليكمل ما تبقى له من الموت. فتش حتى أضناه التعب وفجأة تذكر أنه ميت لا يمكنه عمل أي شيء فكف عن البحث وبقي ممدودا في التابوت منتظرا من يأتي لدفنه. وطال الانتظار ولم يأت أحد فنسي انه ميت منذ زمن طويل وراح يبحث له عن قبر. فجأة تذكر أن المدينة خالية وأن أشياء غريبة تقع فيها. فتح فمه ليصرخ طلبا للنجدة فخرج حفار القبور من داخل صدره وحفر له قبرا محترما ثم عاد من حيث آتى بعد أن طلب منه الإسراع في دفن نفسه قبل أن يتذكر أنه ميت فيقع في ورطة مرة أخرى.

دفن نفسه بسرعة وبقي قابعا في قبره ينتظر مجيء جلادي القبر. وذات ليلة سمع صوتا غريبا يخرج من أحشاء التراب يخبره أنه هو الذي عليه القيام بتعذيب نفسه لان الزبانية مشغولون بجلد ملايير الموتى.

أعجبته الفكرة فأخرج سياطا جهنمية من عينيه وبدأ يجلد نفسه ويسألها عما ارتكبه في حقه وحق جيرانه وعائلته ودينه ووطنه. في البداية كان يضرب نفسه دون قسوة لكن اللعبة استهوته فبدأ يقسو عليها ليعترف بكل ما ارتكبه.

سأل نفسه عن ذ نوبه وأجاب إجابات لا لبس فيها. وفي الأخير بدأ حسابا عسيرا معها ليرى هل يستحق العقاب أم العفو أم المغفرة.

وبعد أخد ورد ودراسة ملفاته من جميع الجوانب اقتنع أنه مذنب فأضرم النار في نفسه امتد لهيبها إلى كامل تراب ومقابر الوطن العربي