الجمعة ٣١ أيار (مايو) ٢٠١٣
بقلم سمر الجبوري

قراءة في ديوان «كان نبياً خلف الباب»

حين نتحدث عن النقاط التي تؤدي بالنصوص الى كونها نصوصا صورية في الوهلة الأولى ثم نستدرك التعمق اكثر بالمعاني في القراءة الثانية والثالثة ، نجد بما لايقبل الشك اننا اتجهنا الى قرار هاديء ومثابت تجلى ببعض ماسنوضحه لاحقا بأن التطور الفكري الذاتي الذي تاسس على أساس تربة تربوية علمية خصبة أدت الى إكتمال القرار التكويني للفرد الشاعر تخطت مراحل الأخذ بالتطبع وأثبتت بجدارة أولوية الإحساس المتفرد بريادة التمعن فالحساب ومن ثم القرار

فهل لمثل هذه الرؤى من أول نقاط الإلهام في الذكرى حتىآخر حرف في القصيدة :أن تعيش بصمت؟! لا أظن ، وفي الحب بالذات حين يكون هو الذات والصوت بل والعصا التي تضرب برشاقة على الفوارق التافهة التي أوجدها المتاخمون لعترة الشيطان في فوارق الحياة .فالرمزية المتكاملة في قصائد (كان نبياً خلف الباب) كانت عاشقة للتفاصيل الصغيرة التي ربما كادت تكون عند الماديين مجرد سرديات تعلل بعض أيام الطفولة والشباب عند القراءة الضاهرة الممتدة بالجمال وفن الحوار مع الوجوديات مثل قول الشاعر:ّ_

والآن يا(لِزَّابُ)(2)
أنتَ معلَّـقٌ مثلي
على حبلِ النقائضِ...
كلُّ شيءٍ مائلٌ
كحكاية الشَّجَنِيِّ
حتى الباب!
هل هذا هو المعنى
لأتركَه وأمضي

لكنه باختيار بعض المشتركات بين الحياة والموت مثل (الأزاب) كما أوضح معناه في هامش الديوان: يكون تخطى مرحلة الظاهر ليدخلنا معه الى حتمية مابعد الصورة الى أوجه المقارنة واختبارات الحس و المنطق ثم الى السؤال المكين والمُرابط في أن: هل يكون الموت انقطاعا وعدماً بعد الحياة؟ أم هل يكون نعمة وحياة أخرى لما بعد الحياة وهنا يتجلى الطابع الفكري والنمط الصوفي متراصا مع المنطق في جهد القصيد ثم يعلل كل ذلك بما يتناسب وهذا التوغل المهيب ليَستل لنا السؤال الأكثر جدارة بأن جوابه سيكون لصالح قرار الشاعر حين قرر في سؤاله وبكل ثقة ان ما بين الحياة الموت بابا وإنه نبي كان يستمد هداه مما تعمق من آلهة تُوصي ببعض الذكريات كرسائل هُدى كان ومايزال يؤمن بجدواها لترقي الإنسانية أكثر من بعض الهوام اللابشريين الائي يقطعون سبيل الطريق بفتاوى لاتمتد لأكثر من جيوب التافهين...
ثم يعود للحب والفطرة وماحوله كوسيلة لتقريب الإله في معنى البشر
على ان هذا الجزء بالذات اعجبني جدا بل وأجد فيه ماليجعل التفكير مهيأ للإبحار بالروح في ظل حفيف يحتوي الروح المتقدم في منطق انتماء الإنسان للإله حيث رسم الشاعر بعض التقاءات مهمة يستبيّن فيها نقطة الوصل مابين ان يكون الشاعر :هو نفس وروح الإله ومنه والذي يؤمِن به وبين تأثيره كمنسك إلهي بين باقي الخلق..طبعا سؤال كبير وثقة تنقلنا لما بعد الانسان النبي الى تعيين مهمة النبي الانسان وكذا يحدثنا بأكف الإندماج ويخاطب نفسه الإله فيقول:_

إنما أصبحتَ أنتَ حكايتي...
وأنا يَدَاكَ
فلا تقلْ شيئاً لجارتِنا،
ولا تُغْضِبْ أبي
هذا الصباح
أضاعَ قهوتَه
ففتَّشْنـا القصائدَ كلَّها
والياسمينَ،
وضحكةَ الزُّوارِ،
والمرآةَ،
والبابَ الذي مازال يُطرَقُ،
صوتَ جدي وهو يسأل:
هل تؤثر في مزاج (السُّمَّيـَاتِ)(3)
تقلباتُ الطقسِ
والإيقاعِ؟؟

وبعد هذا النور من الوجد المحدق بكل شك مشترك أقول: ان كانت الضروف تفرض على بعض الناس ان يعيشوا عبيدا باختيارهم حيث بطنوا ادمغتهم بالموت وهم احياء فليس هذا الشاعر منهم بشيء حتى ينزعوا عن عقولهم اغلال الشياطين

معاني من هامش الديوان:

2_(اللِزَّاب): ويسمى أيضاً (الأُزاب) و(الإِزاب)، وأما (اللِزَّاب) فبلهجة منطقة الشاعر، وهو من النباتات العطرية التي لها حضورها في الثقافة الشعبية اليمنية إلى جانب نباتات عطرية أخرى، مثل: (الشذاب) و(الشقر)، خصوصاً في مناسبات مثل: (المولد، والموت).

3- (السُّمَّيَات): جمع (السُّمَّاية) وتعني الحكاية الشعبية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى