الخميس ٤ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم عبد الغني موعكيس

قَـــرَابِــيـــنُ الــرِّيــحِ

أَرَاهُم يُسَافِحُونَ الْمَنِيَّةَ،...
وَيَأْتَلِفُونَ حَوْلَ نِكَايَةٍ انْتَحَلَتْ أَسْمَاءَهَا،
مَا الَّذِي يَلِيقُ بِالأُرْجُوَانِ فِي ظَهِيرَةِ الثَّلْجِ؟
حَطَبٌ بَارِدٌ، غُزَاةُ لاََ دَم يَفُكُّ طَلاَسِمَ خَطْوِهِم،
مَوَاعِيدٌ تَبَرَّجَتْ وَتَرَكَتْ لِلْوَقَتِ أَنْ يُرَوِّضَ سِيقَانَهَا...
كََلاَمٌ أَلَذُّ مِنْ زُكَامِ الْغُمُوضِ عَلَى فَوْهَةِ قَصِيدَةٍ.
 
عُمْراً أَبْيَضَ الأَحْلاَمِ...
أَحْمَرَ الرُّؤَى، عِرْبِيداً فِي الْتِوَائِهِ، بَرِيقاً بَيْنَ ثَنَايَا
الْهَزَائِمِ الْمُبَلَّلَةِ...
تَرَكْتُهُ خَلْفِي يُنَقِّبُ عَنْ مَنْفَذٍ إِلَى سَمَاءِ الأَمَلِ،
قُلْ أَيُّهَا الرَّمْلُ الْمُوحِشُ كَيَقِينِي:
مَا الَّذِي كُنْتُ أَحْرُسُهُ عَلَى تُرْعَةِ السَّمَاءِ...
نِدَاءُ الضَّبَابِ لِلنَّدَى، جُرُوحُ الظِّلِّ،
خُدْعَةُ مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ، صَدَاقَاتُ الصَّدَى لِلصَّدَى
ضَمَّادَةُ الْوَعِيدِ، نُزَلاَءُ الرِّيحِ، سُعَالُ الْعَثَرَاتِ...
قَلْ مَا الَّذِي كُنْتُ أَتَعَقَّبُهُ دَامِيَ النَّوَايَا،...
قُلْ لِمَا كُلَّمَا انْتَهَى طَرِيقٌ، تََفَتَّقَتِ الْبِدَايَاتُ الغَامِضَةُ أَكْثَر ضَرَاوَةَ
مِنْ تَمَائِمِهَا الضَّرِيرَة.
 
ضَعْنِي فِي حَقَائِبِ الْبُخُورِ...
أَوْ لُفَّنِي فِي حَنِينِ بُذْرَتَكِ أَيُّهَا الْعَوِيلُ الْمُتَأَهِّبُ لِنَذِيرِ
الْغَيَابَةِ...
رَأَيْتُ الْعَاصِفَةَ وَحِيدَةً تَبْكِي فِي إِزَارِ صَفْصَافَةٍ...
رَأْيْتُ شَبَحاً يُرَتِّبُ النِّهَايَاتِ،
وَرَأَيْتُ قَدَمِي تَزِلُّ مِنْ فَوْقِ هَاوِيَةٍ...
ضَعْنِي ...
مُزَوَّداً بِمَرَاسِيمِ الْغَنِيمَةِ الْبَكَمَاءِ، لَنْ تَقْفُرَ مِنْ طَيْشِهَا وُحُوشُ الرَّدَى.
 
يَا بَاكُور الذَّبَائِحِ، لَوْ أَجْذَبَتْ مَوَاقِدُ اللُّهَاثِ...
هَلْ يَتَّسِعُ لَكَ تَلُّ كَيْ تُعَدِّدَ حَسْرَةَ النُّعُوشِ، أَوْ تُلَوِّنَ الْفَجِيعَةِ مِنْ جَدِيدٍ،
وَالْمَلاَئِكَةُ عِنْدَمَا يِأْتِي الشِّتَاءُ، لَنْ يَلْمَسُوا أَعْنَاقَهُم
كَيْ يَرَوا مَا فِي سُتْرَةِ الأَحْلاَمِ مِن نِيرَانٍ...
وَحْدَهَا الْحِيطَانُ تَسْتَوْصِي الآنَ بِالنَّدَمِ، وَتَتَلَصَّصُ عَلَى جَدَاوِلِ الْغِيَابِ..
بِأَيِّ الْمَطَبَّاتِ أُهَذِّبُ هَذَيَانِي،
مَرَّتْ جَنَازَةٌ مُلَثَّمَةٌ وَلَمْ يَسْتَقِمْ فِي الْعَرَاءِ وَحْيٌ مُبَجَّلٌ...
إِلَهِي هَلْ أَنَا بَعْضُ خُرَافَتِكَ، أَوْ نَذْرٌ مِنْ زَلاَّتِ الْغَسَقِ؟
 
أَرَاهُم يَتَأَبَّطُونَ مَا يُشْبِهُ شَفَقاً، وَيَتَعَقَّبُونَ الْمَدَى...
فَاْكْتُبُ لِلسَّمَاءِ وَدَاعَهَا، مُوقِنٌ لَنْ يَنْسَكِبَ خَرِيرٍ مِنْ رُضَاضِ عَرَقِهِم ...
لَقَدْ رَأَيْتُ غَدَهُم فِي وَسْوَسَةِ نِزَالٍ يُقْرِضُ الْفَرِيسَةَ زَفِيراً لِلثَّنَاءِ عَلَى رَائِحَةِ الْبَارُودِ،
رَأَيْتُهُم عُرَاةً مِنْ بُكَاءِ الْبِدَايَةِ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي:
هَلْ عَشَّشَ بُرْهَانُ النُّحَاسِ فِي لَيْمُونِهِم...
أَمْ تَبَدَّدَ الْعُمْيُ الْمَحْبُوسُ فِي قِنِّينَةِ الْخِتَامِ...
 
زَرَعُوا النَّوْمَ...
فِي الْغَابَاتِ وَقَالُوا لَهُ:
كُنْ ثَوْمَ ارْتِقَائِنَا الْمُؤَجَّلِ...
رَسَمُوا غَيْماً وَقالُوا لَهُ: كُنْ فَتْحاً أَوْ قِبْلَةً...
تَبَادَلُوا بَعْضَ الأَشْوَاقِ وَتَسَاءَلُوا: كَمْ يُشْبِهُونَ لُؤْلُؤَ الظَّلاَمِ؟
 
لِلْحُبِّ زَرَافَاتٌ تَعْبُرُ الشِّفَاَه عَنْوَةً، لَكِنَّهُم تَأَخَّرُوا...
دَخَلُوا جَرَّةً، وَقَالُوا فَلْنَكُنْ تِبْنَ الْمَاءِ الْبَاكِرِ...
فَتَّشُوا أَصَابِعَهُم لَمْ يَجِدُوا عَرْشاً لِخَمْرَةٍ تَرْسُمُ مَلاَمِحَ الأَوْلِيَاءِ مِنْ جَدِيدٍ، وَعَادُوا...
عَادُوا كَفِضَّةٍ زَائِفَةِ الْبَرْقِ، وَالأَلْوَاحُ انْمَحَتْ إِلاَّ مِنْ مَأْتَمٍ أَبْيَضَ.
 
هَلْ أُخْبِرُهُم:
تَوَسَّدَ الطَّيْرُ أَجْنِحَةَ الرُّفَاتِ...
وَمَاتَ.
 
هَلْ أَكْتُبُ فِي شَخِيرِ الْمَاءِ عَزَائِي،
وَأَقُول : كُنْتُ أَرَاهُم يَمْتَطُونَ ذُيُولاً عَمْيَاءَ،
لَكِنَّهُم لَمْ يَجْرُؤُوا عَلَى قُبَّعَةٍ مُجْهَدَةٍ...
كَانُوا حَفَدَةً مِنْ زُجَاجٍ، كُلّ عِيدٍ عِنْدَمَا تَشُكُّ الْمَآذِنُ فِي خُصُورِهَا،
يَتَوَارَثُونَ أَحْزَانَهُم ....
ذَاتَ خَرِيفٍ خَبَّؤُوا تِينَةً تَحْتَ الضُّلُوعٍ، كَانُوا خَائِفِينَ،
لَمْ أَرَ فِي عُيُونِهِم نُهُودَ الأَرْضِ الدَّفِينَةِ،
لَمْ أَشُم فِي عَرَقِهِمْ نَبِيذَ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ...
وَحْدَهُ ارْتِيَابُ الصَّقِيعِ كَانَ يَعْوِي فَوْقَ الْمَآذِنِ.
 
هُنَا فِي لُجَّةِ الْمَكَائِدِ..
حَتَّى الْخُطَى لاَ تَتْرُكُ أَثَراً لِلشَّهِيقِ...
لاَ حَقَائِب تََدُلُّ عَلَيْهِم،
لاَ وَصَايَا أَوْ رَسَائِل تَحِيكُ إِشَارَةً...
تَحَلَّلُوا ...
سَأَلُفُّ عِظَامِي وَأَصْحَبُ السَّجَّادَةَ نَحْوَ النُّذُورِ.
 
هَلْ يَتَوَضَّأُ قَاتِلٌ لِلضَّحِيَّةِ؟
أَمْ يَعْتَذِرُ رَعْدٌ لأَصْدِقَائِهِ...
هَلْ تُنْذِرُ قَامَةُ الصُّيَاحِ بِمِيلاَدِ فَرَاشَةٍ
وَنَحْنُ هُنَا أَشْبَهُ بِحُفَاةِ الْعُشْبِ
يَسْحَبُنَا الصَّدَى مِنْ فَضِيحَةِ الضَّلاَلِ
كَيْ يَدَّعِي أَمَامَ الْقَبَائِلِ الْعَطْشَى لِخَجَلٍ بَنَفْسَجِيِّ الرِّمَاحِ:
أَنَّنَا لَسْنَا فَصِيلَةً مِنْ سُدْرَةٍ النَّجَاةِ.
لاَ ذَنْب لِعُبُورِ اللَّهَبِ،...
وَهِمَتْ مِرْآتُنَا نُبُوءَتَهَا
أَمَّا الْخَرَائِطُ فَخُرَافَةٌ فِي حَديقَةٍ شَيْطَانٍ...
أَنْزِلُوا عُرُوشَكُمْ عَنْ قَبَابِ الأَوْلِيَاءِ، لَنْ تَجِدُوا لُغَةً لِتَحِيَّةِ غُرُوبٍ لاَ يُلاَمُ.
 
تَرْفَعُنَا الرِّيحُ أَبْعَدَ مِنْ خَرِيرِهَا...
آهٍ لَوْ كُنْتُ ضِفَّةً لأَوْهَامِ الغِيْلاَنِ، لَنَسَجْتُ لِلأَطْفَالِ بُرْعُماً يُجَلِّي الصِّرَاطَ
وَالْحَجَرُ يَصْطَلِي دُوَارَهُ...
وَوَحْدَهُ نَزِيفُ الْبِئْرِ يَتَجَرَّعُ الْغُصْنَ مَفْقُوداً بَيْنَ الْغَمَامِ.
 
تَذَكَّرْ...
فِي عَشِيَّةٍ خَرْسَاءَ
لَنْ يَصْطَفِيكَ الرَّاحِلُونَ إِلَى بِدَايَتِهِم،
وَلَنْ تَرْفَعَنِي الشَّمْسُ إِلَيْكَ تَابُوتاً...
لَكِنْ رُبَّمَا أَجْدَبَتَ قُفُولُهُم....
رُبَّمَا رَمَّمُوا شَاَيَهُم، رُبَّمَا تَجَعَّدَ الظَّمَأُ، رُبَّمَا أوْحَلَتْ خُدَعُ الْحَطَبِ...
رُبَّمَا عَادُوا مِنْ جَدِيدٍ...
وَامِضِينَ...
وَرُبَّمَا أَعْلَنُوا حِصَاراً، أَوْ مِيلاَداً، أَوانْدَثَرُوا.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى