الخميس ٣٠ آذار (مارس) ٢٠٠٦

محمد توفيق الصواف

محمد توفيق الصواف باحث وناقد أدبي وقاص

عربي سوري، من مواليد دمشق 12/3/1953.

بعد تخرجه، عام 1976، من قسم اللغة العربية في كلية الآداب، بجامعة دمشق، بدأ حياته العملية باحثاً متدرباً، في مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية، ثم أصبح باحثا متخصصاً في نفس المؤسسة، وظل متفرغا للعمل فيها حتى عام 1992، لينتقل منها إلى العمل في إذاعة دمشق باحثاً في السياسة الإسرائيلية، ومعداً لثلاثة برامج إذاعية أسبوعية، مازال اثنان منها يبثان باللغة العبرية، من إذاعة دمشق، حتى اليوم، أحدهما سياسي واسمه (متابعات)، والثاني ثقافي اسمه (قراءات). هذا بالإضافة إلى عمله كمعد لبرنامجين باللغة العربية، بدأ بث أولهما عام 1996، تحت عنوان (للحقيقة)، كان يتناول فيه الحدث الإسرائيلي الداخلي بالتحليل والتعليق، وقد ظل بث هذا البرنامج مستمراً، مرة مساء كل خميس، من قناة البرنامج العام في إذاعة دمشق، حتى نهاية عام 1999.

أما البرنامج الثاني الذي كان يعده بالعربية، فكان برنامجا عن العنصرية في إسرائيل، بعنوان (تحت الأضواء)، ظل يبث ظهيرة كل اثنين من قناة البرنامج العام في إذاعة دمشق، أيضاً حتى نهاية عام 1999.

وبالإضافة لاستمراره في عمله الإذاعي والصحفي إلى الآن، ما يزال الباحث أستاذ مادة اللغة القديمة التي يُدرِّسها لطلاب السنتين الأولى والثانية، في قسم اللغة العربية، بكلية الآداب، في جامعة دمشق.

خلال عمله الطويل في مؤسسة الأرض، ثم في إذاعة دمشق، نشر الباحث ما يزيد على مئتي دراسة وبحث ومقالة، في المجالات السياسية والأدبية، بالإضافة إلى عدد من القصص القصيرة، وذلك في مطبوعات عربية عديدة، منها على سبيل المثال:

مجلات: (الأرض، الآداب اللبنانية، شؤون الأوسط/اللبنانية، صامد الاقتصادي/الأردنية، الموقف الأدبي/السورية، العربي/الكويتية، صوت فلسطين، جيش الشعب، أوروبا والعرب، الضحى، الكاتب الفلسطيني)، وغيرها؛

وصحف: (الكفاح العربي، السفير، الديار، السياسة الكويتية، الأسبوع الأدبي، تشرين، المحرر/اللبنانية، المجد/الأردنية، البيان/الظبيانية، جيش الشعب، الأخبار/الصادرة في لوس أنجلوس باللغتين العربية والإنكليزية، الدعوة الإسلامية/الليبية، النصر/الجزائرية الصادرة في قسنطينة)، وغيرها.

صدر أول كتاب للباحث عام 1997، عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق، وهو كتاب في النقد الأدبي، بعنوان (الانتفاضة في أدب الوطن المحتل ـ دراسة في القصة القصيرة). وقريباً سيصدر له، على أجزاء، كتاب بعنوان (ظاهرة الأدب الإسرائيلي)، وهو أو ل كتاب موسوعي باللغة العربية عن الأدب الإسرائيلي. وللباحث مجموعة قصصية، قيد الطبع، بعنوان (ميت في إجازة).

شارك الباحث في العديد من الندوات والأمسيات والمؤتمرات التي عقدت لمناقشة بعض قضايا السياسة والأدب الإسرائيليين، وأجريت معه عدة أحاديث إذاعية حول قضايا أدبية ونقدية عامة، في إذاعة دمشق وغيرها من الإذاعات العربية.

أجرى الحوار الرسام الكاريكتير
خالد قطاع

س1- عرفناك كاتب قصة و شاعراً و ناقداً أدبياً لاذعاً و باحثاً في مجال الأدب العبري .. في ظل هذا التنوع، أين تجد نفسك؟

ج1 ـ أجد نفسي في كل هذه المجالات معاً، لأن كلاً منها يعبر عن جانب من جوانب هذه النفس، لا يمكن التعبير عنه بأسلوب آخر.. فأنا حين أتألم، ويدفعني ألمي إلى حد الصراخ أو البكاء، لا أستطيع أن أعبر عن هذا الألم، أو أن أفتح فمي وأصرخ ملتزماً الموضوعية، بل لابد من اصطناع لغة الشعر ليوصل صرختي، وكذلك حين يخفق قلبي حباً، فلابد من الشعر لأشرح عواطفي وأعبر عن خلجات نفسي. ومحال بالطبع، أن أستخدم لغة الشعر لكتابة بحث موضوعي رصين موثق بالإحالات المرجعية، وهكذا، فإن كل موضوع أو حالة نفسية أو حالة ذهنية، تحتاج إلى ثوبها التعبيري الملائم.

بتعبير أدق: أنا، بالدرجة الأولى، باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين، وقد عملت في هذا المجال، بشكل يومي تقريباً، منذ نحو سبع وعشرين سنة. أما بالنسبة للشعر، فأنا مقل في هذا المجال، كما أنني لم أنشر من كتاباتي الشعرية بيتاً واحداً، بل كنت أكتب ما أكتبه لنفسي، ولا أطلع عليه إلا المقربين من أصدقائي الذين رأوا فيه كلاماً جميلاً، وقد يكون وصفهم هذا له من قبيل المجاملة وعدم كسر الخاطر، وقد يكون صحيحاً، والله أعلم. على أي حال، أنا لم أكتب الشعر لأنني كنت أتصور يوماً أنني سأكون شاعراً، فما تصورت هذا أبداً، ليس لأنني لا أحب أن أكون شاعراً، بل لأنني أظن أن الوصول إلى لقب شاعر أمر بالغ الصعوبة، لا أقوى على بلوغه ولا أجرؤ على ادعائه، ولهذا كتبت ما كتبت مغنياً به عواطفي عندما كنت شاباً، كما يفعل معظم الشباب، وما كتبته منه احتفظت به ضمن أوراقي التي ليست للنشر.

أما القصة، فقد استهوتني أكثر، ربما لأنها لم تكن تقيدني بأي قيد سوى القدرة على التعبير الصادق، ولهذا كتبت الكثير من القصص، وما أزال، في موضوعات كثيرة، وقد نشرت الكثير منها، ولكن لم أجمعها في مجموعة واحدة حتى الآن، وأرجو أن أفعل قريباً.

وأما بالنسبة للنقد الساخر، فما أطلقَ قلمي بكتابته سوى تهافت ما صرنا نقرأه اليوم على صفحات الجرائد والمجلات من سخف امتد حتى إلى الكتب التي صارت تصدر، وحرام ثمنها. لقد آلمني أن ينحدر أدبنا العربي إلى هذه الدرجة من الانحطاط الشكلي والمضموني، فقررت أن أطلق لألمي العنان، وأن أطلق للساني العنان أيضاً، وأنا بطبعي امرؤ ساخر، دون تكلف، فجاء نقدي على ما قرأتَ لي، مما نشر في سورية أو لبنان، والذي كان آخره ذلك النقد الذي كتبته في قصيدة النثر، ونُشر في مجلة الآداب اللبنانية، العام الماضي.

إذن أنا كل هؤلاء، بل هذا التنوع هو تنوع الجوانب للكائن الواحد، وإن كان أحد هذه الجوانب أكثر ظهوراً من غيره. وفي حالتي، يبرز الجانب البحثي ليطغى على غيره في شخصيتي وإنتاجي، وكذلك هناك اهتماماتي اللغوية التي باتت تستقطب الكثير من وقتي، في الآونة الأخيرة، وخصوصاً في مجال المقارنة بين اللغتين العربية والعبرية، بهدف إثبات أن العربية هي الأصل، والحيلولة دون سرقة تراثنا اللغوي منا أيضاً، بعد أن سرق الإسرائيليون كل ما لدينا من أرض وثروات وحتى تراث وماض وانتساب إلى أجدادنا، بل حتى ساميتنا التي ورثناها أباً عن جد، منذ آلاف السنين، ها هم يصبحون، وبقدرة افتراء عجيبة، هم ورثتها، ونصبح نحن أعداء للسامية، فتصوَّر!!!

س2- بكلامك هذا وفرت لي مدخلاً ملائماً لأطرح عليك ذلك السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل من يعرف أنك باحث في الأدب العبري، وهو: هل هنالك أدب عبري أصلاً؟ وإذا كان يوجد مثل هذا الأدب فعلاً، فهل استطاع أن يشكل هوية مميزة له، بعد مرور أكثر من نصف قرن على الاحتلال الصهيوني لفلسطين؟ وهل يحق لنا الاعتراف بهكذا أدب؟

ج2 ـ هذا سؤال صعب ومعقد وطويل، ولا أبالغ إذا قلت أن الإجابة عنه تحتاج إلى صفحات كثيرة، إذا كنتُ أريد أفيه حقه، وإذا كنت لم تملَّ سماعي، ولن تغضب إذا أطلت عليك، فسأسمح لنفسي بأن آخذ راحتي في قول ما أريد دون تقيد بمساحة الإجابة، لاسيما وأن كلامي هذا سينشر في موقع على الانترنت التي لا تتقيد بعدد محدد من الصفحات، كما هو الحال بالنسبة للمجلات الورقية. وعلى هذا، أرجو أن تسمح لي بأن أفيَ الموضوع بعض حقه، فأقول:

أولاً، دعني أقل لك إن سؤالك هذا الذي يُطرح علي أينما ذهبت، هو دليل غياب معرفي واسع، من قبل العرب، بأدب يُفترَض بهم، كأناس في حالة صراع مع أصحاب هذا الأدب، أن يكونوا أكثر الناس معرفة به وتحليلاً لمضامينه ومراميه وأهدافه؛ وهذا ما فعله أعداؤنا اليهود بالنسبة لأدبنا، على أي حال، لا حباً بنا وبأدبنا وأدبائنا بالطبع، ولكن ليتعرفوا علينا من خلال هذا الأدب، وليتمكنوا من البحث عن الثغرات التي يستطيعون النفاذ، من خلالها، إلى نقاط ضعفنا الاجتماعية والسياسة والثقافية والدينية والفكرية وسواها، ومن ثم ليهاجمونا منها. نعم هم فعلوا هذا منذ وقت مبكر، قد تعجب إذا قلت لك أنه منذ بداية قيام كيانهم السياسي المسمى إسرائيل. وعلى سبيل المثال، فمنذ أربعينات القرن العشرين، كما أذكر، ترجمت رواية (يوميات نائب في الأرياف) للأديب المصري المشهور توفيق الحكيم إلى اللغة العبرية. وها نحن اليوم، وبعد أكثر من قرن على بداية الهجمة الصهيونية الاستيطانية على وطننا، ومرور أكثر من نصف قرن على بداية الصراع العسكري مع يهود إسرائيل، ما زلنا نسأل هل لديهم أدب؟ وأبادر إلى الإجابة مباشرة بالقول:

نعم هناك أدب عبري، ولكن أبادر إلى التحذير قائلاً: لا أقصد بقولي هذا الاعتراف بهذا الأدب ولكن الإقرار بوجوده كشر لا بد منه، تماماً كالإقرار بوجود الكيان الصهيوني المسمى إسرائيل، في قلب وطننا العربي، كسرطان يمرض جسم هذا الوطن من محيطه إلى خليجه. كما أن المقصود بقولي أنه يوجد أدب يسمى أدباً عبرياً هو الإشارة إلى وجود أدب لليهود تمت كتابته باللغة العبرية، مع التنبيه إلى أن هذا الأدب المسمى بـ (العبري)، ليس الأدب الوحيد الخاص باليهود، بل هو أحد أربعة ألوان أدبية تنتمي جميعاً لليهود، ويتوهم البعض خطأً أن لا فوراق بين أي منها والألوان الثلاثة الأخرى، مع أن كلاً منها يختلف عن الآخر اختلافاً كبيراً، في جوانب معينة، ويلتقي بها في جوانب أخرى، دون أن يعني هذا اللقاء فقدان التمايز والاختلاف، أو يعني الترادف الدلالي أبداً. وبالتالي، فإذا كان هناك قاسم مشترك بين هذه الألوان الأدبية الأربعة، فهو أولاً، أن الغالبية العظمى من مؤلفيها يهود، وثانياً، أن من هؤلاء المؤلفين نفر قليل من غير اليهود، آمنوا بالصهيونية أيديولوجية لهم، لأسباب نفعية حيناً، وربما للنجاح في تضليلهم حيناً آخر.

وقد أشرت إشارة موجزة إلى هذا الأمر في مقدمة بحثي (صورة العربي في الأدب الصهيوني) الذي نشر في الآداب اللبنانية، ثم أعيد نشره في موقع العنقاء الذي أشرف عليه، وقبل ذلك في بحث مطول لي نشرته في مجلة الأرض للدراسات الفلسطينية، في أول عقد التسعينات المنصرم. ففي كل هذه الكتابات، نبهت إلى عدم جواز توهم الترادف بين أربعة مصطلحات هي: (أدب يهودي، أدب صهيوني، أدب عبري، أدب إسرائيلي)، مؤكداً أن توهم الترادف بينها خطأ محض، ذلك أن لكل منها دلالته الخاصة على نتاج أدبي محدد، وبالتالي، فإن ما يدل عليه ويحدده أي منها هو بالتأكيد غير ما يدل عليه ويحدده أي واحد من ثلاثتها الباقية.

ولتجنب الوقوع في الالتباس والتشوش قدمتُ تعريفاً موجزاً بكل منها، فذكرت أن أهم ما يميز مصطلح (أدب يهودي) هو أنه شمولي وعام جداً، بسبب افتقاره إلى المحددين الجغرافي واللغوي اللذين يعدان الأساس في تحديد الهوية القومية لأي أدب، والأدب اليهودي يشمل أدب اليهود في مختلف البلدان التي سكنوها، على مر العصور، وأياً كانت اللغة التي كتبوا ذلك الأدب بها..

ومثل هذا التعريف، ينطبق، إلى حد كبير، على مصطلح (أدب صهيوني) لافتقاره، كسابقه، إلى المحددين الجغرافي واللغوي، واقتصاره على المحدد الأيديولوجي الذي يدل على اتجاه مؤلفيه ومضمونه، بغض النظر عما إذا كان هؤلاء المؤلفون يهودا أم غير يهود، وبغض النظر عن انتمائهم القومي واللغة التي كتبوا أدبهم بها.

أما مصطلح (أدب عبري)، فيتميز عن سابقَيه بدلالته على أن اللغة العبرية وحدَها، هي القاسم المشترك الأهم بين النتاجات الأدبية المنتمية إليه، على اختلاف جنسيات مؤلفيها وأماكن إقامتهم وأديانهم وانتماءاتهم الفكرية والسياسية.

وأما مصطلح (أدب إسرائيلي)، فالمقصود به ذلك النتاج الأدبي الذي كُتب في الكيان الصهيوني، بعد قيامه، عام 1948، سواء نشر داخله أو خارجه، شريطة أن تكون مسائل بنيته المجتمعية الاستيطانية ومشاكله، في واقعها ومكوناتها، هي المحور الرئيس لمضمون هذا النتاج، بغض النظر عن موقف مؤلفيه تجاه هذه المشاكل، وبغض النظر، أيضا، عما إذا كانوا مناصرين لسياسة الكيان أو كانوا ضدها، كما هو حال من يسمون بأدباء الاحتجاج. وسواء ألفوا ما ألفوه باللغة العبرية الحديثة التي كتب بها معظم هذا الأدب، أو بغيرها من اللغات الأخرى المستخدمة في الكيان، كما هو الحال بالنسبة لكتابات الروائية (ياعيل دايان) مثلاً التي رغم إقامتها في فلسطين المحتلة، تكتب بالإنكليزية أدبا يتحدث عن واقع الكيان الصهيوني.

والآن، وبعد هذا التعريف السريع بكل من المصطلحات الأربعة آنفة الذكر، وبينها مصطلح أدب عبري الذي ذكرتَه في سؤالك، أنتقل إلى الشق الثاني من هذا السؤال، وهو: هل استطاع الأدب العبري أن يشكل هوية خلال نصف القرن المنصرم، من الاحتلال الصهيوني؟ وهل يحق لنا الاعتراف به؟ فأقول لك:

إن أياً من ألوان الأدب التي تشير إليها المصطلحات الأربعة الخاصة بأدب اليهود أو بنتاج اليهود الأدبي، لم يستطع الارتقاء ليكون أدباً قومياً، أي أدباً ذا هوية مميزة، على غرار تميز آداب العالم الأخرى، وذلك لأسباب عديدة، من أهمها على الإطلاق افتقار اليهود إلى أهم محددين لأي أدب قومي في العالم، وهما المحدد اللغوي المشترك، والمحدد الجغرافي المشترك. وهذا واضح من مراجعة تعريف كل من المصطلحات الأربعة.

وبإيضاح أكثر أقول: إن الأدبين اليهودي والصهيوني يفتقران إلى كلا المحددين اللغوي والجغرافي، بينما يفتقر الأدب العبري للمحدد الجغرافي فقط، ويفتقر الأدب الإسرائيلي للمحدد اللغوي المشترك فقط. ونقص هذين المحددين أو أحدهما فقط في أي أدب، يجعله خارج دائرة الآداب القومية، وبالتالي، يحرمه من امتلاك هويته القومية المميزة، لتيبقى تميزه من خلال ملامح دوره المرتبط بالدور الوظيفي الاستعماري لإسرائيل في المنطقة العربية.

بقي أن أجيبك عن الشق الأخير من سؤالك الطويل هذا، وهو هل يحق لنا الاعتراف بالأدب العبري أو بغيره من نتاج اليهود الأدبي؟

في الواقع، لا.. ليس فقط لأننا على الطرف الآخر من خندق الصراع مع أصحاب هذا النتاج الأدبي، بل لأن هذا النتاج يفتقر، كما ذكرت آنفاً، لهوية الأدب القومي ومحدداته أولاً، خصوصاً وأنه يعبر عن أمة غير متجانسة من مختلف النواحي، وثانياً لأن هذا الأدب هو أدب موظف لترويج معطيات أيديولوجية معينة هي معطيات الأيديولوجية الصهيونية وطروحاتها، وللدفاع عن أهداف كيان عدواني توسعي يخدم مصالح القوى الاستعمارية التي أوجدته وما زالت تدعمه. أي أننا لا نعترف به، ولا يجوز لنا ذلك، لأنه أدب غير إنساني، بل هو مجموعة كتابات براغماتية ساقطة مضمونياً وإنسانياً، مهما علت درجة إتقانها الفني. وكيف لا نصف الأدب العبري أو الإسرائيلي أو الصهيوني مثل هذا الوصف، وهو في جله، يسعى إلى غسل دماغ قرائه من يهود وغير يهود، وإلى تعمية أعينهم عن حقائق الجغرافيا والتاريخ، وعن رؤية حقوق الآخرين، ويروج دعائياً لأهداف ذات طابع عنصري بغيض، في عصر ينفر معظم أهله من العنصرية. وما دام أي من نتاج اليهود الأدبي على هذا النحو، فكيف يمكننا أن نعترف به؟ بل من أي زاوية يمكن أن نعترف به؟ أمن زاوية الإتقان الفني، أم من زاوية المضمون؟ ثم كيف نعترف بأدب أهم سماته الافتقار إلى الواقعية، ليس بمعنى البعد عن التخييل، ولكن بمعنى الافتراء على الآخرين والدس عليهم وتشويه صورتهم الواقعية لتبدو شديدة القبح والتنفير، كما فعل هذا الأدب بالنسبة لصورة الإنسان العربي الذي أبرزه في غاية القبح، وجمع في شخصه كل الخصال السيئة، ونفى عنه كل الخصال الحسنة، حتى بات هذا الإنسان مثال السوء الذي يمشي على قدمين!! ولا شك أن هدف الأديب الصهيوني أو الإسرائيلي من كل هذا هو حقن نفسية قارئه اليهودي بشكل خاص، بالكراهية والحقد على الإنسان العربي، لكي لا تأخذ هذا اليهودي به رحمة ولا شفقة، إذا التقيا مرة في ساحة معركة ما. وهذا ما يفسر وحشية الجنود الإسرائيليين الذين رضعوا قيم الأدب الصهيوني، العبري وغير العبري، منذ نعومة أظفارهم، فشبوا على هذه الكراهية العنصرية المنفرة من العرب، وصاروا لا يشعرون بأي تأنيب ضمير عندما يقتلون عربياً أو يهدمون بيته أو يشردونه بعيداً عن أرض وطنه... إلى غير ذلك من ممارسات لا إنسانية يقومون بها ضد العربي، في جميع الأوقات.

س3- الأديب إنسان حساس يميل بطبعه إلى الرؤى الإنسانية، بالتالي هل استطاع الأديب العبري الصادق أن يولف و يوازن بين مواهبه وبين المعتقدات العنصرية الصهيونية؟

ج3 ـ أجبت عن جزء كبير مما يتضمنه هذا السؤال، وذلك في سياق إجابتي عن السؤال الذي قبله. مع ذلك، أضيف على ما قلته آنفاً فأقول: نحن هنا أمام ظاهرة خاصة، معقدة وغريبة إلى حد كبير، يمكن تسميتها بظاهرة أدب اليهود وأدبائه، وخصوصاً الذين يعيشون منهم في إسرائيل، أو الذين يعيشون خارجها، ويتخذون من الصهيونية عقيدة ومنهج حياة. فهؤلاء لا يصدرون في معظم ما كتبوه، وخصوصاً عن العرب، من منطلقات إنسانية، أو تلبية لأحاسيس طبيعية أحسوها تجاه العرب، بدليل أن عدداً منهم كتب عن العرب والأرض العربية من وحي خياله دون أن يرى عربياً أو يأتي إلى المنطقة في زيارة واحدة، وربما هذا ما دفع النقادة الإنكليزية (رايزا دومب) إلى القول عن صورة الأرض الفلسطينية في الأدب العبري أنها صورة غير واقعية، ولا يمكن أن تعثر في ملامحها على أي أثر للصورة الواقعية التي لم يرها الأديب الصهيوني، ولا مرة في حياته. وهذا كله يقود إلى الاقتناع بصحة الرأي القائل أن الأدباء الإسرائيليين لم يكتبوا عن العرب وأرضهم وواقعهم من منطلق معرفة بهم، بل من بنات خيالهم، ومن استيحاء ما حقنوا به من مشاعر الكراهية الصهيونية العنصرية للعرب. بتعبير آخر: لقد وظف هؤلاء الأدباء مواهبهم لتشويه صورة العرب والحض على قتالهم بأي وسيلة، التزاماً منهم كصهاينة بالأيديولوجية الصهيونية، وإسرائيل، وصدوراً عن عنصرية واضحة تأكل قلوبهم ضد العرب، كما نجد ذلك بارزاً، بوضوح، في أدب كبارهم من أمثال شموئيل يوسف عجنون وشاؤول تشيرنحوفسكي وحاييم نحمان بياليك وغيرهم من جيل المؤسسين للأدب العبري الحديث، وفي كتابات المحدثين أيضاً من أمثال الشاعرة نعمي شيمر والروائية نعمي فرانكل وغيرهما كثير ممن برزوا في عقد التسعينات من القرن الماضي.

وهؤلاء جميعاً موظفون في اتجاهين، بآن واحد معاً، الاتجاه الأول خدمة أهداف الصهيونية وترويج منطلقاتها ومبادئها وطروحاتها في صفوف اليهود على اختلاف شرائحهم، وثانياً الدفاع عن إسرائيل فكراً وممارسة، وتبرير عدوانها الدائم والمستمر على الأمة العربية جمعاء، وعلى الفلسطينيين بشكل خاص. ولأن بعض الأدباء اليهود كان يعجز أحياناً عن تنويم ضميره الإنساني، أو عن إسكات صوت الحق في أعماقه، فقد كان يتعذب إلى حد كبير، وأحياناً يعبر عن عذابه هذا في أدبه، بشكل سريع وخائف، كي لا تكمّ إسرائيل فمه مع أنها تزعم ليل نهار بأنها واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط.

بقي أن أقول لك، أنا أصر على اعتبار الأدب العبري أو الإسرائيلي أو الصهيوني، أو سَمِّهِ ما شئت، مجرد ظاهرة أدبية، وليس أدباً، لأنني متأكد أنه سيزول بمجرد زوال الظروف التي استدعت ظهوره من جهة، وبمجرد تلاشي الغايات الوظيفية غير الإنسانية التي من أجلها كتبه مؤلفوه من جهة ثانية. وربما لن يذكره أحد بكلمة حسنة، متى انتهى الكابوس الإسرائيلي، وما يرافقه من إرهاب فكري لكل من يفتح فمه منتقداً، في العالم، سياسة إسرائيل أو أدبها أو حتى جرائمها الواضحة مثل الشمس، ويتمثل هذا الإرهاب الفكري بالمسارعة إلى اتهام المنتقد، أيا كانت جنسيته و دينه أو لونه، بأنه معاد للسامية، حتى ولو كان سام بن نوح نفسه.

س4- ماذا نستفيد من معرفتنا للأدب العبري، أو للأدب الإسرائيلي بشكل خاص؟

ج4 ـ إذا كنت تؤمن معي أن إسرائيل ليست مجموعة من الدبابات والطائرات والصواريخ والبنادق وغير ذلك من الأسلحة، بل هي البشر الذين يقودون هذه الأسلحة ويستخدمونها، أقول لك فوراً إن أهم من معرفتك لعدد الدبابات الموجودة بحوزة عدوك، أن تعرف نفسية الجندي العدو الذي يسوق إحدى هذه الدبابات، ونفسية الرامي الذي يطلق النار منها على بيوت الفلسطينيين العزل فيقتلهم بدم بارد..

وكذلك أهم من معرفة ميزات الطائرة التي تملكها إسرائيل، أن نعرف نفسية قائد هذه الطائرة، ولماذا يحاربنا، وأي حقد أسود ذلك الذي غرسوه في سويداء قلبه على العرب، حتى تمكن أن يضغط زر القصف ليصيب بقذائفه بيتاً أو يقتل طفلاً أو امرأة أو شيخاً عجوزاً، وهو يعلك اللبان في فمه، أو يضحك ملء شدقيه. بل علينا أن نعرف أي سمٍّ عنصري هذا الذي يجري في دماء أولئك الشبان الإسرائيليين الذين قاموا بتكسير عظام أطفال الانتفاضة، أو حرق بعضهم أو دفنهم وهم أحياء.

ومعرفتنا للأدب الإسرائيلي، العبري أو غير العبري، الصادر في فلسطين المحتلة، تقدم لنا الكثير عن نفسية الإسرائيلي وتركيبتها، ولذلك فهي معرفة ضرورية جداً، لأنها سبيلنا إلى معرفة نفسية من يحاربنا، وقديماً، قال أحدهم أن الأدب يعتبر وثيقة مخابراتية من الطراز الممتاز. وعلى هذا كله، وفي ضوئه، إذا اقتنعنا أنه لا يمكن تحقيق انتصار على عدو ما، ما دمنا نجهل عنه الكثير، وخصوصاً عن نفسيته وطرائق تفكيره، أفلا يكفي السعي إلى الانتصار عليه مسوغاً لدراسة أدبه؟

س4- ألم تؤثر متابعتك اليومية لوسائل الإعلام الإسرائيلية على اختلافها، في أعمالك الأدبية؟

ج1 ـ بالتأكيد، وذلك لعدة أسباب، لعل أولها أنها جعلتني أكثر وعياً وأنا أقرأ صفحات الأدب الصهيوني، أو الإسرائيلي، كما جعلتني أكثر نفوراً من هذا الأدب المليء بالسموم التي تفتك بنفسية اليهودي الموجهة إليه، قبل أن تفتك بنفسية غيره من بني البشر.

لكن من ناحية الكتابة الأدبية، ومن ناحية الصياغة اللغوية، فلا أظن وجود تأثير مباشر لاحتكاكي اليومي مع اللغة العبرية في أسلوبي الكتابي الذي يرى البعض أنه شديد الإخلاص لنقاء الأساليب العربية القديمة.

على أي حال، ليس مهماً أن أقف طويلاً عند تأثير أو عدم تأثير قراءاتي في الأدب الإسرائيلي، أو متابعتي اليومية لوسائل الإعلام الإسرائيلية، في أسلوبي الكتابي، أو في مضمون كتاباتي الأدبية، بل المهم هو دراسة تأثير الأدب الإسرائيلي في نفسية المتلقي العربي الذي من المحتمل أن يقرأ بعض نتاجات الأدباء الإسرائيليين، وخصوصاً إذا كان هذا القارئ العربي غير واعٍ أو غير محصن معرفياً ضد أغاليط الإسرائيليين وافتراءاتهم على جميع أمم الأرض، وعلى العرب بشكل خاص. إن التأثير في مثل هذه الحالة، سيكون سلبياً بالتأكيد على نفسية هذا القارئ، ولكن الاعتراف بهذه الحقيقة لا يعني أبداً اتخاذها سبباً لرفض الإطلاع على نتاجات الأدباء الإسرائيليين بالمطلق، أو نفي وجود أدب لدى الطرف الآخر المعادي، شأن من يدفن رأسه في التراب، هرباً من الصياد، بل يجب توعية القارئ العربي قبل عرض الأدب الصهيوني أو الإسرائيلي أو العبري عليه ليقرأه، وليس أي توعية، بل توعية نوعية مدروسة تقيه شر الانزلاق وراء طروحات مؤلفي ذلك الأدب أو تصديق افتراءاتهم التي يتقنون صياغتها.

على أي حال، هذا حديث يطول جداً، ويصعب الإلمام به في عجالة لقاء صحفي، مهما أوتي الضيف من وقت، ومساحة، ولذلك أحيل إلى ما نشرته بهذا الصدد، في الصحف والمجلات، وما سأتوسع في الحديث عنه ضمن كتابي (ظاهرة الأدب الإسرائيلي) الذي أرجو أن يصدر قريباً.

س6- إذاً نلاحظ أن الكتابات العبرية تساهم في تشويه صورة الإنسان العربي في داخل الكيان الصهيوني و خارجه، كيف من الممكن برأيك أن نقاوم هذا التشويه؟

ج6 ـ سامحك الله، فهذا سؤال مزعج ومؤلم في آن واحد..

فهو مزعج لأننا حتى الآن، لم نطَّلع على هذا الأدب، مجرد اطلاع، رغم معرفتنا بأن العدو قد شوه صورتنا فيه وفي صحافته، ليس في أذهان قرائه اليهود ومخيلاتهم فقط، بل حتى في أذهان الآخرين غير اليهود في العالم. وأظنك تذكر كيف قابل الناس حديثي عن صورة العربي في الأدب الإسرائيلي، أثناء مؤتمر حوار الحضارات الذي عقد أواخر العام الماضي في دمشق. لقد كان الاستغراب هو السمة الأكثر بروزاً على وجوههم وهم ينظرون إلى صورتهم كعرب في مرآة العدو الصهيوني، هذه الصورة البالغة التشويه، كما نقلت لهم ملامحها في محاضرتي التي ألقيتها عليهم.

وعلى هذا، وانطلاقاً منه، فإن أولى خطوات التصدي لاستمرارية هذه الصورة المشوهة، هي معرفة الأدب الذي رسم هذه الصورة أولاً، ومن ثم قيام عدد من كبار الأدباء والنقاد والباحثين الجادين والملتزمين بنقد الافتراءات الإسرائيلية والصهيونية التي افتراها أدباء إسرائيل وإعلاميوها على العرب، وهم يرسمون لهم تلك الصورة النمطية البالغة القبح والتشويه.

نعم نحن بحاجة إلى كوكبة من هؤلاء الأدباء الذين ما زالوا يحبون العروبة والإسلام، ويؤمنون بحق العرب في الحياة الكريمة، بحاجة إلى أدباء ليس همهم الحصول على ثمن الدراسة التي يكتبونها أو الفوز بالشهرة والمجد من وراء ما يكتبون، لكي يتصدوا وبجد، لما نشره الأدباء الإسرائيليون من تشويهات لصورة العربي في أدبهم، وخصوصاً الموجه للأطفال من هذا الأدب. وأنا من هذا المنبر أدعو جميع الأدباء العرب والمسلمين، وحتى أدباء العالم من غير العرب والمسلمين إلى تشكيل ما يشبه الرابطة لتصحيح التشويهات الإسرائيلية لصورة العربي في الأدب الإسرائيلي، بشكل موضوعي بعيد عن الغضب والتسرع والآراء المسبقة والقوالب الجاهزة. وعلى هذا أنشأنا موقع العنقاء ليكون منبراً حراً لكتابات من هذا النوع وغيرها من الكتابات الحضارية، كما أن صاحبة موقع (مبدعون عرب) التي ستنشر هذا الحوار على صفحات موقعها سبّاقة في تشجيع هذا اللون من الكتابات المبينة للصورة الحضارية لنا عرباً ومسلمين، في مواجهة مشوِّهِي هذه الصورة من أدباء إسرائيل وإعلامييها.

س7- في مجلة العنقاء الإلكترونية التي قمت بإصدارها حديثاً على الشبكة العنكبوتية، دعوتَ إلى التجدد على الصعيد العربي، وإلى عودة الإنسان العربي المسلم لحمل الرسالة الإنسانية، كيف ترى ملامح وآلية العودة لدى إنسان مجتمعنا العربي؟

ج7 ـ باختصار، دعني أقل لك إن أقصر الطرق إلى مثل هذه العودة هي استردادنا لوعينا وإيماننا بأنفسنا وبحضارتنا ذات البعد الإنساني الواضح الذي لا يميز بين بني البشر على أساس لون أو دين أو عرق أو ما شابه من ألوان التمييز المعروفة. إننا أبناء هذه المنطقة قد دخلنا، أو أُدخلنا، ومنذ زمن طويل، في سبات العطالة عن الفعل، وظل أعداؤنا يحاولون استلال ردود فعلنا المقاومِة على ظلمهم إيانا، أو ما كان يسميه أجدادنا (إباء الضيم)، حتى صرنا إلى ما نحن فيه من ذل وضعف وهوان.

فعلينا أولاً الاستيقاظ من سبات العطالة، والكف عن تمثيل دور الجسد الميت الذي لا يتألم، ثم علينا أن نعي ذاتنا ودورنا، وأن نحترم إسلامنا الذي صدق من تحدث يوماً بلسان العرب عن علاقتهم به فقال: (نحن العربَ قوم أعزهم الله بالإسلام، ولا عزَّ لهم بغيره).

وهنا أبادر إلى التحذير قائلاً: إن دعوتي للعودة إلى رحاب الإسلام لا تعني دعوة إلى التعصب الديني والتزمت العقيدي وما شابه، تحت راية ادعاء العودة إلى الإسلام، كما يفعل بعض أعداء الإسلام اليوم لزيادة نفور الآخرين من هذا الدين وأتباعه في آن معاً، ولزيادة الحقد والضغينة عليهم، بل أقول إننا يجب أن نعود إلى سماحة الإسلام وتسامحه، كما تؤكد نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأن نعود إلى ما يدعو إليه الإسلام من محبة الآخرين والعطف عليهم، مع رفض الظلم من قبلهم إذا فكروا بظلم المسلمين.

إذن، أنا لا أدعو إلى الاستسلام، معاذ الله، ولا إلى الإرهاب كما يمكن للبعض أن يفتري، ولكن أدعو إلى حمل راية السلام الإسلامية التي تنصر المظلوم وتنتصر من الظالم ولا تهابه أو تضعف أمامه وفي مواجهته، بل تمنعه من ظلم المسلمين، وتمنعهم في نفس الوقت من الانتقام منه أو ظلمه برد الصاع له صاعين، إذا تمكنوا من التغلب عليه.

وهنا أحب أن أذكِّر أيضاً أن هذه الطروحات كلها ليست بعيدة عن ملامح حضارتنا العربية الأصيلة ومبادئها وتراثها الإنساني الضخم الذي عناه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فكلامه يعني وجود أخلاق رفيعة قبل البعثة الإسلامية، وجاء الإسلام ليتممها. وأنا بدوري حين أدعو إلى العودة لمبادئ الإسلام السمحة، إنما أدعو بشكل أو بآخر، إلى العودة إلى مبادئ العرب السامية. وعلى هذا الأساس، واقتناعاً مني بصحة هذا التصور، أعود لأقول، مختتماً هذا الحديث ذي الشجون: نحن بحاجة إلى استعادة ذاتنا الحضارية ومبادئنا السامية، وإلى الالتفاف حول هذه المبادئ، بصدق وإخلاص وغيرية. بحاجة إلى الوعي بما مضى، والاعتبار به، وبحاجة إلى التنبه الواعي لما يحدث ولما يمكن أن يحدث مستقبلاً، فالجاهل يذهب تحت الأقدام ولا يرحمه أحد في ظل تعاليم الحضارة المادية القاسية التي نعيش عصرها. نحن بحاجة لننهض من كبوتنا، أكثر قوة مما كنا، وأكثر عظمة وقدرة على العطاء، وإني مؤمن أن هذه الأمة العظيمة المسماة بالأمة العربية، أو الإسلامية، ستنهض قريباً كما نهضت دوماً من كبوتها الماضية، لأن فيها طبيعة العنقاء التي تقوم من رمادها ذلك الطيرَ القوي الشاب القادر على التألق والعطاء من جديد.

وأخيراً، دعني أقدم لك الشكر ولموقع مبدعون عرب، ليس لاستضافتي وإجراء هذا الحوار معي فقط، بل لاحتمالك كثرة كلامي. وألف شكر، مع تأكيدي أخيراً بأن إيماني بقيامة العرب من محنتهم الراهنة لم تعد بعيدة، والله أعلم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى