السبت ٢٦ تموز (يوليو) ٢٠١٤
بقلم فراس حج محمد

هو الصبر لا منجاة منه!

اليوم: الجمعة، والشهر رمضان، والتاريخ: 25-7- 2014، السابع والعشرون من الشهر الكريم- 1435هـ ، والموعد بعد صلاة الجمعة، والمناسبة مسيرة سلميّة تضامنية مع الأهل في غزة ضد المحتل، والجاني: قنّاص جبان مختبئ على أحد السطوح.

الخلاصة: ترفرفُ روحك في الأعالي صاعدة إلى بارئها.. المنتقم الجبار من كلّ طاغية وجبان.
رحمك الله يا صديقي هاشم أبو ماريا!

كيف بدت بيت أمر الباسلة وهي تودعك؟ وكيف تجرأت على أن تخلو منك؟ أبكيك أم أبكي حالتي أم أعلي فيك شهادة نلتها فصرت سيدها! هل أشاطر أهلي في بيت أمر التعازي والأسى في هذا المصاب الجلل؟ أم أشاطر نفسي عذابها وقد فقدتك أخا وعزيزا؟!

هل يكفي أن أقول بعض كلام ليس له من المعنى شيئا؛ لأن حياتك كانت أكبر، وموتك كان أعظم؛ ماذا عساني أن أقول وقد عرفتك نبيلا كريما طيبا ودودا سمحا وشهما، محبا للحياة، تعيشها بكل تفاصيلها، لم تكن على الرغم من ذلك تخشى الموت، وربما كان بالنسبة لك حدثا عاديا، كجزء من تلك الحياة التي كنت تؤمن بفنائها السريع، ولعلي أراك قد ابتسمت هازئا بوجه من حاولوا النيل من علو كعبك في الخالدين!

لم يكن موتك يا هاشم عاديا، كان ارتقاء في مدارج النور في أفضل الشهور وأفضل الأيام، ارتقاء الروح لتكون بين أحضان ربها، اصطفاك الله طيبا في لحظة طيبة لتكون من الطيبين الطاهرين الشهداء الأنقياء!

تراني غص بي الألم فحز في أحشائي وزاد وطال واستطال حتى تراني بكيت يا صديقي! وماذا تنفع الدمعات الحجولة ولم نعد نلتقي لنشرب القهوة التي أحببت ونحدث أحاديثنا حتى مبزغ نور الفجر؟ كيف لنا أن نكون معا، وأنا هنا قابع في جنوني وذلي وخوفي، وأنت هناك سيد وجميل ونبيل وعظيم، وقد حزت وسام الشجاعة والشهادة والشرف الأبديّ!
لقد اقترب التنين يا هاشم فقضم حصته من دمي لتكون منك! فيا لفداحة مصابي!

من هذا الذي لا يفتقدك با هاشم؟

أهلك؟ أبناؤك؟ أصدقاؤك؟ صديقنا الثالث عديلك عودة؟ أشياؤك الغريبة الحميمة؟ شجرة المسابح؟ كوخ الدجاج الفاره؟ حجارة بيت أمر التي تعرفك حجرا حجرا لتكون شاهدة على روحك وعرق جسدك العنبري الطاهر؟ أشجار زينتك؟ ومساءاتك الطافحة بالمودة؟ الأرجيلة التي ستصمت وتأبى أن تلامس شفاها غير شفاهك، فأين تجد لتلك الروح من بديل؟ من هذا الذي لا يفتقد ضحكتك وصخبك العذب خريرَ ماء يسيل في أحاديث الليل الهادئ!

رحمك الله يا صديقي رحمك الله.. ولا عتب على محتلّ تربى ليأخذنا على حين غرة في كل حين!
رحمك الله يا هاشم، شهيدا حيا ولن يموت الشهداء فهم عند ربهم يرزقون، فقد تخلصت من أرضيّتنا لتكون حيا أبدا!!
لا أحاول يا صديقي رثاءك وإن خلفتني وراءك باكيا، رحمك ربك الرحمة الواسعة يا صديق الحياة الطيبة!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى