الأحد ٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٤
للصحفي السوري وحيد تاجا
بقلم جميل السلحوت

الرواية الفلسطينية

صدر كتاب «الرّواية الفلسطينيّ»...حوارات نقديةّ، للصحفي السوريّ وحيد تاجا، قبل أيّام قليلة عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، ويقع الكتاب الذي قدّم له الناقد المعروف الدكتور فيصل درّاج في 510 صفحات من الحجم الكبير.
والكتاب عبارة عن حوارات أجراها الأستاذ وحيد تاجا من خلال التواصل عبر الانترنت مع حوالي خمس وثلاثين كاتبة وكاتبا غالبيتهم من الرّوائيين، ويعيش غالبيتهم العظمى على الأرض الفلسطينية، ونشرها في عدد من المجلّات والصحف والمواقع الألكترونيّة الأدبيّة المتخصصة في العالم العربي.

وتنبع أهميّة هذا العمل غير المسبوق-حسب علمي- في أنّه يعرّف المهتمّين والقراء العرب على عدد من رموز الأدب الفلسطيني الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينيّة، وعانوا الكثير من القمع والحصار الثقافيّ، وعدم التّواصل مع امتدادهم العربيّ، وهناك في الأراضي الفلسطينيّة نتاجات ابداعيّة على مستوى رفيع، لكنّها بقيت محاصرة مع مبدعيها، فلم تصل إلى البلدان العربيّة تماما مثلما لم تصل أسماء مبدعيها، حتى ظهور شبكة التواصل الألكتروني "الانترنت" في بداية تسعينات القرن العشرين، حيث نشروا في المواقع الألكترونية والصحف والمجلات العربية، واطلعوا على ابداعات المبدعين العرب التي لم تكن تصلهم قبل قيام السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة في العام 1994.

ومعروف أنّ معرفة المهتمين في الدّول العربيّة بالابداعات الفلسطينية على الأرض الفلسطينيّة كانت تقتصر على بعض الرّموز من الآباء المؤسّسين في مجال الشعر كالراحلين الكبار محمود درويش، سميح القاسم، توفيق زياد، فدوى طوقان، وفي مجال الرّواية الراحل إميل حبيبي. وفي مجال القصّة القاصّ الكبير محمود شقير، الذي قطع شوطا كبيرا في مجال القصّة أهّله أن يكون"ملك القصة الفلسطينية والعربيّة " خصوصا بعد عودته من المنفي في العام 1993، بعد ابعاد قسري في العام 1975، ودخوله عالم الفنّ الروائي أيضا.

وكتاب الصحفي وحيد تاجا الذي نحن بصدده كما قال الدكتور فيصل درّاج"كتاب يلبّي حاجة ضرورية وبكفاءة". فمن خلال متابعات الأستاذ تاجا للحراك الثقافي في فلسطين، وجّه أسئلته الواعية والمستفزّة لمن قابلهم، ليستخرج مكنونات المشروع الثقافي لكلّ منهم من خلال ما كتب، ومن خلال فهمه ووعيه وهمومه الثقافيّة التي يعيشها في وطنه الذّبيح.
والقارئ لهذه الحوارات التي ركّزت على الرّواية تحديدا، وتطرّقت إلى القصّ أيضا يستطيع أن يستخلص سمات وميّزات الأدب الفلسطينيّ لخصوصيّة القضية الفلسطينيّة، مع التأكيد أنّ الأدب الفلسطينيّ جزء لا يتجزّأ من الأدب العربيّ.
وهذا الكتاب لا يقلّ أهميّة عن كتابي الشّهيد غسان كنفاني:" أدب المقاومة في فلسطين"

و"الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948-1968 " فغسّان كنفاني رصد الأدب الفلسطيني للمبدعين الفلسطينيين الذين تمسّكوا بتراب وطنهم، وبقوا في الجزء الذي قامت عليه اسرائيل في نكبة العام 1948. وها هو وحيد تاجا يعرّف ببعض الأدباء الفلسطينيين من باقي الأراضي التي احتلت في هزيمة حزيران 1967 والمعروفة باسم قطاع غزّة والضّفة الغربيّة بجوهرتها القدس الشريف، وببعض الأقلام من الدّاخل الفلسطينيّ مثل الدكتور الناقد محمود غنايم، والأديبتين الشّابتين نسب أديب حسين ومرمر القاسم الأنصاري، وعلى روائيين فلسطينيين يعيشون في بلدان عربيّة مثل جمال ناجي، وصبحي الفحماوي في الأردن، وحسن حميد في سوريا، وعرّج على الأديب المغترب ربعي المدهون الذي يعيش في لندن، وصاحب رواية "السّيدة من تل أبيب" التي وصلت الى القائمة القصيرة في جائزة البوكر، وعلى الروائي والقاص عادل سالم المغترب في أمريكا.

وسيشكّل هذا الكتاب اضافة نوعيّة للمكتبة الفلسطينيّة بشكل خاص والعربيّة بشكل عام
مرجعا للدّارسين الفلسطينيّين والعرب، المهتمين برصد الحراك الأدبي الفلسطيني على الأرض الفلسطينيّة، وهذه قضيّة غاية في الأهميّة، لأنّ الدّراسات السّابقة في غالبيتها ركّزت على أدباء المهجر، وتمّ استثناء أدباء الأراضي الفلسطينيّة لنقص المعلومات عنهم وعن نتاجاتهم. وبالتأكيد فإن هذا الكتاب سيصل العواصم العربية لأنّ ناشره دار الجندي للنشر والتوزيع تشارك في مختلف معارض الكتب في الدّول العربيّة.

وأعتقد أن الأستاذ وحيد تاجا سيصدر جزءا ثانيا من الكتاب لأنه لا يزال يواصل حواراته مع الأدباء الفلسطينيّين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى