السبت ١٥ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم توفيق الحاج

مطبعون..أم متصهينون..!!

عندما أتذكر الشاعر الكبير صاحب دواوين الحماسة والنضال الطويل في اشعالنا بقصائد المقاومة والذي انتهى بعد موقعة أوسلو والمساومة الى منصب رئيس تحرير صحيفة اسبوعية تصدر بالعربية من تحت جناح الصحيفة الاسرائيلية المعروفة "يديعوت أحرونوت"..!!

وعندما أتذكر الكاتب اليساري الشهير الذي بدأ عملاقا في جريدة الاتحاد وانتهى بعدمرحلة من التطبيع ظلا باهتا ..منطفئا.. محبطا..منزويا في مجلة أدبية شهرية..!!

وعندما أتذكر المؤلف المسرحي القاهري سيء السمعة والسيط الذي تأسرل وتأمرك أكثرمن الاسرائيلين والامريكيين أنفسهم الى درجة تغزل فيها بديمقراطية جنود لواء جولاني في أثناء مذبحة مخيم جنين ..!!

أدرك هول ماواجهناه ونواجهه من ردة فكرية عند بعض الصفوة عن ابسط القيم الوطنية والثقافية واعتناق الافكار المسمومة والمستوردة والترويح لها بمقابل وهي التي تضمحل بها هويتنا وتتنكر لتاريخنا وأحلامنا
وأدرك أيضا صحة ماقاله ابن خلدون قبل أكثر من ألف عام عن انسحاق المهزوم تحت سنابك المنتصر الى درجة أعتباره مثل أعلى وقدوة
وهذا تماما ماحدث لبعض مثقفينا الفلسطينيين والعرب بدعم واغراء من رجال السياسة والاستخبارات الذين عملوا بجد من أجل تطبيع عربي شامل مع اسرائيل مستغلين حالة التشظي والاغتراب التي عاشها ولازال يعيشها الانسان العربي بعد الزلزال المسمى بنكسة حزيران.

ومن ينظر الان الى الساحة العربية المنهزمة والمنسحقة تحت سنابك المحتلين يجد أن بعض الفلسطينيين مثلايتباهون بالحديث بالعبرية ويلهثون خلف محاورين اسرائيليين معتدلين ..!!
ويجدبعض العراقيين الذين باعوا كل شيء في المنفى يتفاخرون بلبس خوذة المارينز ويستعدون لبيع أي شيء في الوطن مقابل كرسي الحكم ..!

ويجد معظم ولاة العرب في قمة الطاعة والانصياع
للقوة الغاشمة والهيمنة..!!

لم تدهشني وتفاجئني الرسالة الالكترونية التي تلقيتها من الاخ الكاتب عادل سالم عن وقوعه بحسن نيةفي فخ تطبيع عبر الانترنت في الخارج يقوده كاتب سوري مشبوه فالتطبيع لم ولن يتوقف بين مبدعين ومثقفين عرب واسرائيليين برعاية مؤسسات عولمية واستخبارية تحمل احيانا لافتات في غاية النبل والنقاء بحيث تغري جيش الباحثين عن الشهرة والتألق..

فهذا منتدى ثقافي حر.. وهذه مجلة أدبية متميزة..وذلك تجمع فكري حداثي..وتلك زاوية تعنى بحرية المعتقد..الخ

ولكن مايدهشني حقا ان بعض المثقفين والمبدعين الذين يوجدون بيننا باتوا يخجلون من كونهم عربا ويتمنون لو ان أمهاتهم ولدنهم من آباء امريكيين أو فرنسيين أوحتى بريطانيين ليرثوا ديمقراطية الكاوبوي وزرقة العيون اللندنية وعذوبة الغنج الفرنسي..!!

ويعيرون امتهم بغياب الحرية وكثرة المعتقلات والتخلف وهم يعلمون ان السبب الاول لما نحن فيه هو مافعله ويفعله بنا عملاء وزبانية يأتمرون بأمر سادتهم

واولئك لا يفتأون اتهام أمثالنا من الكتاب العروبيين بالانغلاق وعبادة الماضي ونحن لم نوهب ماوهبوا من انفتاح الافق وتفهم الاخر ويصرخون في وجوهنا..

ما الضرر في عقد لقاء ثقافي مع كتاب وأدباء اسرائيليين..؟!!
وماذا يحدث لو كتب شاعر فلسطيني وشاعرة اسرائيلية قصيدة نثرية عن الحب والسلام..؟!!
وهل ينزل من السماء حجرا لو احتفينا بالشاعر الاسرائيلي حاييم بيالك الى جانب الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود..؟!!

ويواصلون الزعيق..
تقولون فينا ماقال مالك في الخمر وتتهموننا بالعمالة للسي أي ايه والموساد وهل هما في حاجة الى النبش في خرائكم ايها المدفونون في قبر هزائمكم وأمراضكم..؟!!

ولا أجد أنا وأمثالي امام هذا الصراخ والزعيق الا ان نبتسم ونحن نحافظ على ورقة التين الاخيرة من السقوط ونهمس بهدوء صعود روح أحدث شهيد قضى ببندقية الآخر .

نعم انهم يريدون تطبيعا كاملا شاملا لا وجود فيه لارادة مقاومة
نعم انهم يريدون ان يعرفوا كل شيء عنا ..فيم نحلم ..فيم نفكر..وكيف ومتى نستسلم استسلاما كاملا وغير مشروط
نعم انهم يستعملونكم أيها المطبعون المغرورون بالمهابة والجلال الذي ترفلون فيهما كأوراق تنظيف أحيانا وكمومسات محترفات أحيانا أخرى لغواية الزبائن الاغبياء بالفجور والرذيلة
نعم ان التبشير الثقافي المسموم لم ولن يتوقف وهدفه المبطن والمعلن هو...

تحلل الانسان العربي التدريجي والمرتب من كل ماهو منتم الى الوطن والتاريخ والهوية .
ذلك هو الخطر..
وتلك هي القضية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى