الجمعة ٢٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم غزالة الزهراء

ذات اللباس البنفسجي

تدفقت النسوة والشابات في قاعة الحفلات ماسكات بأيديهن الناعمة هدايا مميزة تليق بمقام العروس، الوجوه تعلوها مسحة من التفاؤل المموج الخصيب، وتنبعث من ذواتهن روائح نفاذة من أجود ماركات العطور، كل واحدة تتفاخر أمام قرينتها بلباسها الزاهي الأنيق، وتسريحة شعرها التي لا تحيد عن موضة هذا العصر، ناهيك عن ما تتحلى به من حلي ومجوهرات نفيسة في مثل هذا الظرف البهيج.

العيون جميعها تغسل العروسين بانبهار مثير، ومحبة خالصة، بيد أن الشابات اللائي تفحمت أحلامهن في أتون الانتظار صرن يتأففن من روتين العزوبية، ويتألمن متخوفات من مآتي مستقبلهن المبهم.

أغلبية النساء والفتيات قفزن من أماكنهن كالحمائم البيض، اندمجن في حلقة الرقص، تمايلن كأفنان توت على إيقاعات موسيقية شهية تثلج الروح.
المرأة ذات اللباس البنفسجي أثارت مجمل اهتمامي بها وكأن قوة مغناطيسية هائلة تجذبني خفية نحوها دون سواها، أتابع بولع عميق جميع حركاتها الرشيقة، وأتعلق بأهداب ابتسامتها التي تزهر على الشفتين من غير عناء.

أكيد أن هذه المرأة كانت لي علاقة متينة بها في سابق عهدي، يقينا أني تعرفت عليها في مكان ما، أو جمعتنا ظروف العمل مع بعض ثم حصل فراق مباغت بيننا لم يكن مدونا في قاموسنا، ظللت مشدودة إلى ذلك الماضي البعيد المدى، أقلب صفحاته الكثة صفحة صفحة، مؤسف جدا أن أجد نفسي في مثل هذه اللحظة الراهنة بين مد وجزر.
ظل السؤال كهاجس لعين يسكنني: لماذا باتت تجذبني نحوها دون الأخريات من النساء؟

تلاقت نظراتي الولهى بنظراتها، ابتسمت لي بود ناصع، ابتسامتها تلك ستحفزني للتحدث معها، والغوص في خبايا ماضيها العريق.
تقدمت نحوي جذلى، همسها الشفيف يخضلني برذاذه: ملامحك ليست غريبة عني، أنت ميساء فيما أعتقد.
ـــ لقد أصبت، أنا هي بعينها.
سبقتني للكلام ثانية: كيف حال والديك، وحال أخيك بلال؟ وهل تزوج من بعدي؟
عانقتها بقوة لا مثيل لها مرددة على مسمعها: حبيبتي سناء لم تكن لي يد في التفريق بينكما، صدقيني.
ـــ أعرف هذا جيدا، كنت على الدوام تقفين في صفي لمناصرتي، أنا أقر بصنيعك الجميل تجاهي، أنت درة ثمينة نادرة الوجود.
ثم تابعت تسألني: هل تزوج من بعدي؟
ألفيت نفسي أرد عليها بأسف شديد: نعم، ثلاث نساء، ولكنه يحصد نفس النتيجة.
قالت مؤكدة بوضوح: كالعادة يختلق المشاكل، ثم محكمة، ثم طلاق.

اغرورقت العبرات السخينة في عينيها الزرقاوين، ثم انسحبت من أمامي، وراحت ترقص وهي تستعيد تلك الابتسامة التي تزهر على الشفتين من غير عناء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى