الاثنين ٢٣ آذار (مارس) ٢٠١٥

رواية «لفح الغربة» لعبد الله ادعيس

موسى أبودويح

كتب الكاتب عبد الله ادعيس روايته (لفح الغربة) والتي صدرت سنة (2015م).
اختصر الكاتب روايته بقوله: (هذه الرّواية من وحي الغربة الّتي عصفت ببلدة بيت حنينا، وجدار الفصل الذي مزّقها وشتّت القلّة الباقية من أهلها).

وفّق الكاتب في اختيار عنوان روايته (لفح الغربة) حيث جاء في لسان العرب (5/4053): (لفح: لَفَحَتْه النارُ تَلْفَحُه لَفْحًا ولَفَحانًا: أَصابت وَجْهَهُ إِلَّا أَن النَّفْحَ أَعظم تأْثيرًا مِنْهُ؛ وَكَذَلِكَ لَفَحَتْ وَجْهَهُ. وَقَالَ الأَزهري: لَفَحَتْه النارُ إِذا أَصابت أَعلى جَسَدِهِ فأَحرقته.

وقال الْجَوْهَرِيُّ: لَفَحَتْه النارُ والسَّمُومُ بحرِّها أَحرقته. وَفِي التَّنْزِيلِ: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ فِي ذَلِكَ: تَلْفَحُ وتَنْفَحُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِلَّا أَن النَّفْحَ أَعظم تأْثيرًا مِنْهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِمَّا يؤَيد قولَه قولُه تَعَالَى: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ.
وَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ: تأَخَّرْتُ مَخافَة أَن يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحها؛ لَفْحُ النَّارِ: حَرُّها ووَهَجُها. والسَّمُوم تَلْفَحُ الإِنسانَ، ولَفَحَتْه السُّمُومُ لَفْحًا: قَابَلَتْ وَجْهَهُ.

وأَصابه لَفْحٌ مِنْ سَمُوم وحَرُورٍ. الأَصمعيّ: مَا كَانَ مِنَ الرِّيَاحِ لَفْحٌ، فَهُوَ حَرٌّ، وَمَا كَانَ نَفْحٌ، فَهُوَ بَرْدٌ. قال ابْنُ الأَعرابي: اللَّفْحُ لِكُلِّ حارٍّ والنَّفْحُ لِكُلِّ بَارِدٍ.

فبيت حنينا مثلها مثل كثير من القرى والمدن الفلسطينيّة التي أصابها (لفح الغربة) على رأي الكاتب، وهجرها شبابها إلى أمريكا الشّماليّة أو الجنوبيّة، وأصابها ما أصابها نتيجة هجرة الشّباب منها، وبقيت النّساء والكهول ينتظرون عودة الشّباب؛ ليعمروا بلدانهم، ولكنّ الغربة لفحتهم، وأخذت منهم كلّ مأخذ، وعاد من عاد منهم إلى بلده، بعد فوات الأوان، وبعد أن ضاع كلّ شيء، ندموا ولات ساعة مندم.

حاول الكاتب في روايته أن يظهر الوجه البشع للغربة؛ لعلّ ذلك يحول بين الشّباب وبين الهجرة، أو يقلّل منه؛ وبهذا يكون الكاتب قد عالج بقلمه معضلة عصفت بكثير من القرى الفلسطينيّة. وكثير من هذه المدن أو القرى، وإن بنيت فيها ناطحات السّحاب، والقصور الفارهة، والبنايات المزخرفة الجميلة، إلا أنّها خواء؛ لأنّها فارغة من أهلها، أو خالية من الشّباب، ولا يعمرها إلا الكهول من الرّجال والنّساء، الذين ينتظرون آجالهم؛ ليدفنوا في أرضهم، لا في أرض الغربة.

لغة الكاتب في الرّواية لغة عربيّة فصيحة، وإن جاء فيها بعض الجمل باللغة العامّيّة، الّتي جاءت على ألسنة العجائز من الرّجال والنّساء؛ ما أضفى على الرّواية مسحة من الجمال. كما وجاء في الرّواية بعض الكلمات والجمل باللغة العبريّة الّتي اشتهرت على ألسنة أهل البلاد؛ لأنّه لا بدّ لهم من استعمالها؛ لوجود يهود على المعابر والحواجز التي يقيمونها في كلّ مكان، ولا بد للعرب الفلسطينيّين من دخولها والخروج منها في كلّ صباح ومساء.

الرّواية جيّدة وهادفة، وتستحق القراءة، وهي قليلة الأخطاء اللغويّة، وإن وقع الكاتب في بعضها مثل:

1. صفحة 13: ربما سيكون عند الحاجة خضرة (جوابًا). والصّحيح: جوابٌ اسم سيكون مرفوع.
2. صفحة 16: (كانت) العديد من السّيّدات. والصّحيح: (كان) العديد من السّيّدات.
3. صفحة 17: مع أمّه وأبيه وأخته و(إخوانه). والصّحيح: وإخوته لأنّها على الحقيقة وليست على المجاز.
4. صفحة 20: ولكن ليس (باتجاه) الشّرق. والصّحيح: تُجاه الشّرق أو تِجاه الشّرق.

ولقد جاءت هذه الكلمة في الرّواية مرّات كثيرة. وجاءت صحيحة مرّة واحدة في صفحة 213.

5. صفحة 23: وضمّت في أحشائها الصوص ورفيقه (صالح). والصّحيح: ورفيقه صالحًا.
6. صفحة 27: من رؤوسنا إلى (أخمص) أقدامنا. والصّحيح: إلى خُمْص أقدامنا لأنّها جمع أخمص.
7. صفحة 32: فمر به أبو صابر راكبا حمارًا (أبيضًا). والصّحيح: أبيض لأنّها ممنوعة من الصّرف؛ لأنّها صفة على وزن أفعل الّذي مؤنثه فعلاء.

8. صفحة 55: وها هي البيادر تختفي. والصّحيح: وها هي ذي البيادر تختفي.
9. صفحة 70: وخرج رائد قبل أن تحضر الشّمس. والصّحيح: تطلع أو تبزغ.
10. صفحة 78: هزّت أغصانها نسمة من الصّبا (الغربي). والصّحيح من الصّبا الشّرقيّة لأنّ الصّبا؛ هي الرّيح الّتي تهبّ من الشّرق. قال الشّاعر:

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجدِ لقد زادني مسراك وجدًا على وجدِ
وكما جاء في لسان العرب (4/2383): (والصَّبا: ريحٌ مَعْرُوفَةٌ تُقابل الدَّبُور. وفي الصِّحَاحُ: الصَّبا ريحٌ ومَهَبُّها المُسْتَوِي أَن تَهُبَّ مِنْ مَوْضِعِ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِذا اسْتَوى الليلُ والنهارُ).

11. صفحة 119: هذا صوت (الآذان). والصّحيح: هذا صوت الأذان، وهو الإعلام أو الإعلان عن دخول وقت الصّلاة. أمّا الآذان فهي جمع أُذُن.

12. صفحة 161: لكنّه (يتوه) في دوّامة. والصّحيح: يتيه؛ بدليل قوله تعالى: (يتيهون في الأرض).
13. صفحة 180: فأصبح (بهذا) الحال. والصّحيح: بهذه الحال.
14. صفحة 201: حتّى تخرج (من) مهندسًا من جامعة. والصّحيح: تخرّج مهندسًا بشطب مِنْ الأولى.
15. صفحة 202: ما حاجتي بأمريكا. ما حاجتي لأمريكا؟!
16. صفحة 213: ما لك (حرنت). والصّحيح: ما لك أحرنت؟!

هذا بالإضافة إلى كلمة (مائة أو مائتين). والصّحيح: أنهما تكتبان بدون ألف (مئة ومئتان). وكذلك فتح همزة إنّ بعد القول وبعد حيث والصّحيح: كسرها.

ومع كلّ هذا، فالرّواية قليلة الأخطاء بالنسبة لما ينشر في هذه الأيّام، وهي جديرة بالمطالعة، وحريّة بالاقتناء وأخذ العبرة منها؛ وهي الانزراع في الأرض وعدم التّفكير بالهجرة منها إلى غيرها، ولو إلى بلاد يصفونها بالجنّات.

موسى أبودويح

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى