الأحد ١٢ نيسان (أبريل) ٢٠١٥
بقلم عادل سالم

الأدب وقيم التسامح - القسم الثاني من ٤

للعودة للقسم الأول ومقدمة الحوار انقر هنا


 كوكب دياب: زادت على الرجل في سعيها الى توسيع الشرخ الانقساميّ بين التيارات الفكرية والسياسية لدى أبناء الوطن الواحد، نظرًا الى تسرّعها في الحكم على الأمور، وربما تعاطفًا مع أتباع تيار ضدّ آخر.

عزة رشاد: المرأة تدفع الفاتورة الأكبر للتغيير سواء قاده حكم ديني أو عسكري أو حتى حكم يدعي المدنية.
رابعة حمو: شهدت المرأة انتكاسة قوية وارتداده عكسية، وأصبحت ضحية هذا المشهد السياسي المتأزم.
- مادونا عسكر: المرأة غارقة في البحث عن حقوقها، وباتت منجرفة كما غيرها في الانقسامات والاختلافات.
- لبنى ياسين: تتعرض للظلم كونها عملياً تدفع ثمن حروب لم تكن لتورط نفسها ومجتمعها بها، فالحروب صنيعة ذكورية بامتياز.
 نجمة حبيب: المرأة التي لم تخربها ثقافة الذكورة القائمة على شهوة التملك والاستئثار والغلبة هي بوصلة هذه الأمة وهي التي ستخطو بها خارج مستنقع الجهل والتخلف والعصبية البغيضة.

- أين تقف المرأة في العالم العربي من الانقسام الحاد بين التيارات الفكرية المتصارعة؟ هل أصبحت جزء من المشهد السياسي المتأزم؟

الدكتورة رابعة حمو:

الدكتورة الناقدة رابعة حمو

شكّل الانقسام الحاد بين التيارات الفكرية المصارعة هوة كبيرة أفراد المجتمع الواحد، وانقسم الشعب بين مؤيد ومعارض. هذا الانقسام ولدّ الفوضى في المجتمع العربي التي سحبت بظلالها ليس على المرأة فحسب بل على كلّ أفراد المجتمع، وبما أن المرأة تشكل نصف المجتمع وتربي نصفه الآخر، وتمثل دوراً ريادياً فيه لذا فقد شهدت المرأة انتكاسة قوية وارتداده عكسية، وأصبحت ضحية هذا المشهد السياسي المتأزم وتدفع ضريبته بشكل تصاعدي في كل ارجاء الوطن العربي. ولكن يجب علينا أن لا ننسى في الغالب أن وضع المرأة العربية والتمييز ضدها هي جزء من ثقافة عالمية وليست محلية أو إقليمية. فالتمييز ضد النساء واقع له طابع عالمي، ولكل محيط سوسيوسياسي وجغرافي وثقافي علاقات هيمنة خاصة به. لقد شكل غياب المساواة في الحقوق بين النساء والرجال القاعدة خلال قرون؛ ورغم مكتسبات الحداثة التي لا يمكن إنكارها، يبقى وضع النساء الثانوي في المجتمعات ظاهرة تمر بها جميع الثقافات والحضارات وليس في البلاد العربية فحسب.

- دكتورة كوكب دياب:

الدكتورة الشاعرة كوكب دياب

لم تكن المرأة - باعتبارها إنسانًا - بمختلفة عن الرجل، رغم دورها الضئيل إذا ما قيسَ بدور الرجل، على الصعيد السياسيّ، والفكريّ، فشأنها شأن الرجل، ولم تعد المرأة تلك الأنثى ذات العواطف الرقيقة التي تسعى الى حلّ النزاع بالعاطفة قبل العقل، أو على الأقل تقف منها موقف الحياد، بل أضحت إلى جانب الرجل تقف مع تيار ضدّ آخر، وربما زادت على الرجل في سعيها الى توسيع الشرخ الانقساميّ بين التيارات الفكرية والسياسية لدى أبناء الوطن الواحد، نظرًا الى تسرّعها في الحكم على الأمور، وربما تعاطفًا مع أتباع تيار ضدّ آخر، وهذا يعني أنها انخرطت – بوَعيٍ أو دون وعيٍ منها- في المعارك السياسية والفكرية والاجتماعية وغيرها من المشاهد المتأزّمة في الوطن العربيّ.

- الدكتورة عزة رشاد:

الطبيبة والأديبة عزة رشاد

المرأة تدفع الفاتورة الأكبر للتغيير سواء قاده حكم ديني أو عسكري أو حتى حكم يدعي المدنية. بالتأكيد هي جزء من الأزمة والمشكلة الأكبر أن تدفع ثمنا ولا تنال مقابله، فالمشاركة السياسية للنساء ضعيفة لأن الأموال سلاح في السياسة، والرجال يملكون المال أكثر من النساء وحتى لو ترشحت امرأة فنادرا ما نتجح.

- الدكتورة نجمة حبيب:

الأديبة الدكتورة نجمة حبيب

بدأت المرأة تخطو خارج حدود مطبخها وحقلها وغرفة نوم زوجها منذ اوائل القرن. كان خطواً خجولاً ما لبث ان تسارع عندما اجتاحت المنطقة التيارات الفكرية التحررية فحصلت على مكتسبات وبعض حقوق اتاحت لها المشاركة الحقيقية في الحياة العامة، ومن إن قارب القرن على منتصفه (في الستينيات على وجه التحديد) حتى صار للمرأة حضور فاعل في كافة مرافق الحياة بما فيها الأحزاب على اختلافها: التقدمية والرجعية. العلمانية والدينية. ثم كانت هذه الهجمة الذكورية والردة الأيديولوجية للمكنون الديني (على حد تعبير هشام شرابي) فأخرت مسيرتها التقدمية ولكنها لم توقفها. بل إن المرأة في المجمل استفادت من الثورة المعرفية وخطت خطوات واسعة قي ميدان العلوم والفنون والسياسة ولو أن تيار الكره والجهل والتعصب قد عصف ببعضهن ورماهن باحضان التيارت الفكرية الرجعية المتقوقعة.

أعتقد إنه كان هنالك من بقعة ضوء في هذا الظلام العربي الدامس فهي المرأة أو بالأحرى الملمح الأنثوي. فالمرأة التي لم تخربها ثقافة الذكورة القائمة على شهوة التملك والاستئثار والغلبة هي بوصلة هذه الأمة وهي التي ستخطو بها خارج مستنقع الجهل والتخلف والعصبية البغيضة. وإن لأرى كوكبة كبيرة من نساء أمتي يتحدين كل يوم بجرأة وشجاعة ثقافة التسلط والتبعية والتغييب والتهميش وينخرطن في المشروع التنويري وإني لأرى بينهن مناضلات شجاعات يتصدين بجرأة للمشاريع الهدامة حتى ولو أهدرت دماؤهن. على سبيل المثال لا الحصر أذكر: نوال سعدواي، توكل كرمان، حنان عشراوي وغيرهن.

- الأستاذة مادونا عسكر:

الأستاذة مادونا عسكر

المرأة فرد في المجتمع وإنسان قد يكون فاعلاً أم لا. كما قد يكون منغلقاً على ذاته، ومتأثّراً بمحيطه الّذي تربى فيه. ولكن كلّنا يعلم أنّ المرأة بشكل عام في العالم العربي لا حول لها ولا قوّة. فهي الغارقة في البحث عن حقوقها اصطدمت من جديد بالواقع الحاليّ وباتت منجرفة كما غيرها في الانقسامات والاختلافات.

ناهيك عمّا تتعرّض له من استعباد من جهة، ومن جهة أخرى تحاول إثبات ذاتها فتنخرط في العمل السّياسيّ وقد لا تتمكّن من الصّمود في مواجهة الأزمات الصّعبة. بيد أنّ بعض السّيّدات وعلى الرّغم من العدد الضّئيل، أثبتنَ عن صدق وعزم في العمل السّياسي وحاولنَ أن يعبّرن عن ذواتهنّ ويتصدّينَ للواقع السّياسي المتأزّم.

الأديبة لبنى ياسين:

الأديبة لبنى ياسين

في الصراعات الفكرية لا تستطيع أن تخرج المرأة عن المشهد العام، فهي إبنة هذا المجتمع، وهذا الوطن، وهذا الدين، وهذه الطائفة أو تلك، وبالتالي، هي أحد مواطنيه الذين ينطبق عليهم ما ينطبق على الجميع، إنما تتضح خصوصية وضعها كمرأة عندما تتحول إلى سلعة تباع في سوق النخاسة تحت مسمى سبية، لمجموعة من الناس الذين تجردوا فعلاً من إنسانيتهم وقيمهم إن وجدت أصلاً، أو تم تعريضهم لغسيل دماغ انتزع خلاله الدماغ بأكمله.

لكنها من جهةٍ أخرى، رغم كونها مساوية للرجل في كونها إبنة هذه الأرض، وهذه الثقافة، إلا أنها تتعرض للظلم كونها عملياً تدفع ثمن حروب لم تكن لتورط نفسها ومجتمعها بها، فالحروب صنيعة ذكورية بامتياز لا ناقة للمرأة - في التخطيط لها، أو التورط فيها- ولا جمل، لكن ذلك لم يكن ليعفيها يوماً من أن تتحمل فاتورة الحرب يداً بيد مع الرجل، وأكثر منه أحياناً.


- دور المبدعات العربيات في الساحة الأدبية، هل وصل إلى ما تطمحين إليه، أم أن مشاركتهن ما زالت في بدايتها؟

- دكتورة كوكب دياب:

الدكتورة الشاعرة كوكب دياب

لم يقتصر دور المرأة العربية على توسيع الهوّة بين التيارات الفكرية المتصارعة على الساحة السياسية وحسب، بل تجاوزت ذلك إلى انتهاج المنهج نفسه في الساحة الأدبية، فوقفت المرأة نصّها الأدبي على فكر لتيار أشربت مبادئه، أو على مناهضة الفكر المعارض لما تؤيّده من أفكار... وهذا ما يسوء إلى الساحة الأدبية العربية من ناحية وإن كان يغنيها بالنصوص الإبداعية من ناحية أخرى، إذ ما قيمة النصّ الإبداعيّ الذي تتوافر فيه كل عناصر العمل الفنّي الجيّد وهو فارغ من الفكر الذي يسعى إلى توحيد الإنسان العربيّ من خلال الكلمة، أو إلى لمّ شمل أبناء الوطن الواحد من خلال الفكرة... فالمبدعات كثيرات وإن كانت خطواتهنّ الأدبية في بعض الأقطار خجولة، إلا أنّهنّ لم يصلن إلى المرتجى، أو على الأقلّ الى زرع بذور الوحدة والتنوّع في النصّ الأدبيّ، وما زلن يتخبّطن ويُغنّينَ كلّ منهنّ على وتر، بعيدًا عن الانسجام والتوافق في سبيل بناء الوطن الجامع والملتزم بقضايا الوحدة والتعاون والتنوّع والاحترام المتبادل.

- الأستاذة مادونا عسكر:

الأستاذة مادونا عسكر

الإبداع الأدبي أساس المجتمعات، فهو ينقل الواقع ويحاول تسليط الضّوء على الثّغرات والسّلبيّات فيه. ثمّ يصوّبها ويطرح الأفضل والأمثل. ولست أدري إن كانت المبدعات العربيات قد وصلنَ لما يطمحنَ إليه. ولكن ينبغي أن ترسم كلّ منهنّ خطّاً واضحاً لها غايته أن يكون إبداعها مرجعاً أدبيّاً للقارئ.

والأهمّ أن تهتمّ المبدعة في نشر الوعي والثّقافة ومساعدة القارئ على بناء مستقبل زاهر ومختلف عن الواقع الّذي نعيشه.


- الدكتورة عزة رشاد:

الطبيبة والأديبة عزة رشاد

من حيث الكم المبدعات أقل عددا، لكنهن ولاشك لسن أقل في اإجادة، بل يتوفقن على المبدعين الرجال أحيانا

الأديبة لبنى ياسين:

الأديبة لبنى ياسين

بغض النظر عن الخصوصية التي تقصدها عندما تستخدم صيغة المؤنث السالم في السؤال، فإن دور المبدع العربي بشكلٍ عام لم يصل بعد إلى ما أطمح إليه، فما بالك بالمرأة؟!
أطمح في أن يصبح شعبنا قارئاً، أطمح في أن تستطيع شعوبنا أن تطرح بديهياتها جانباً، لتناقش جميع الأفكار بفكر حر، ودون أحكام مسبقة معلبة تم نقلها إلينا جيلاً بعد جيل، ووسمت بالتقديس، لئلا يتمكن أحد من النقاش فيها أو مجادلتها، أطمح في ثورة فكرية كبيرة تغسل بقايا الرماد المتكدس في رؤوسنا، أطمح أن تكون للبحوث العلمية الأولوية في ميزانيات دولنا، في جيل يناقش كل شيء بالعلم والمنطق، أطمح أن يصبح الرأس أهم عضو من أعضائنا، والعقل قائد لأفعالنا لا مقود، عندها تستطيع المبدعات العربيات، وأندادهن من المبدعين العرب خلق بيئة ثقافية صحية منفتحة، لا مكان فيها للتخوين، والتكفير ، والأسوأ عندما تكون الكاتبة امرأة.. المس في أخلاقها، أو حتى السخرية من شكلها لأن اتجاهها الفكري لم يتناسب مع ذوق فلان من الناس، إنه أمر مخزٍ تماماً، ما زلنا لا نستطيع أن نفرق بين القول والقائل، ولا بين الفعل والفاعل، ما زلنا نهاجم القائل بدل أن نناقش رأيه ونفنده بالحجة والدليل العقلاني، كل واحد فينا يعتقد أنه يحمل الحقيقة وحده ، كل من خالفه إما غبي أو منحرف أو كافر أو عميل.

الدكتورة رابعة حمو:

الدكتورة الناقدة رابعة حمو

يثير هذا السؤال العلاقة الجدلية بين الرجل والمرأة وهي في نظري قضية مصطنعة، يقصد منها خلق صراع جنسوي. بينما في حقيقة الأمر أن ما بين الرجل والمرأة هو التكامل والتوازن. وهنا أقول وبكل تجرد أن المرأة متأخرة في السبق الثقافي عن الرجل لاعتبارات أولاً موضوعية وثانياً صناعية. فالأولى ترتبط بالأفق المتاح للرجل الذي بنظري أنه أوسع من ذلك المتاح للمرأة فيما يرفد الثقافة من مشاركات وتنقلات وحتى حرية الفكر والتعبير، مما يعطي الرجل فرصة أكبر وأسرع في الانتشار الاجتماعي والإعلامي، بينما تجد المرأة نفسها مقسمة فكراً وجهداً ووقتاً بين مسؤوليات تبعدها عن الثقافة والإبداع.
ولا بد أن ألفت النظر أن هذا الأمر ليس مقتصرا فقط على الثقافة العربية بل يشمل أيضا وضع المرأة المبدعة على الساحة العالمية بأسرها وعند أكثر الدول تحرراً وتقدماً. أما الجانب الثاني وهو الصناعي فهو مرتبط بأن النظرة للمرأة على أنها أقل شأناً من الرجل في كل شي فحرمت حقها من العلم والمعرفة فكان من الطبيعي أن تتأخر المرأة عن الرجل بمسافات في مجال الإبداع الثقافي. هذه الأسباب جعلت الرجل يتربع على الإبداع الثقافي ولكن المرأة بدأت تشق طريقها لتؤدي دورها المنوط بها لا أقول منافسة للرجل ولكن إلى جانبه ليشكلا في النهاية انسجاما وتكاملاً ثقافياً ومعرفياً. ولازال الطريق أمامها لتسير جنباً إلى جنب مع المثقف العربي الرجل لتتساوى به ومعه.

- الدكتورة نجمة حبيب:

الأديبة الدكتورة نجمة حبيب


 ما اجمله من دور!...إن على صعيد الكم او على صعيد النوع. لقد تحسست الأديية العربية (ربما بحكم طبيعتها الأنثوية البعيدة عن الأثرة والأنانية) آلام وآمال هذا الشعب التعس المقموع. ورأت المستقبل يهدد أبناءها واحفادها فجيشت موهبتها لإعلاء القيم التي تصنع المستقبل المشرق، عنيت بها قيم الحق والخير والجمال. قليلات هن الكاتبات اللواتي سايرن التيار أو مشين في ركاب السلطة الدينية المتحجرة أو السياسية الدكتاتورية الفاسدة أو سلطة المجتمع المتخلف. تصفح كبريات الصحف والمجلات والدوريات فترى ما يدهش ويثير الإعحاب. قرأت مئات الكتب لروائيات وشاعرات وباحثات ومئات المقالات لصحفيات من السعودية والكويت والأردن ولبنان ومصر والعراق وسوريا وندر أن قرأت إسفافاً أو رجعية وتخلف. لن اذكر أسماء لأني بذلك سأغبن الكثيرات فهنالك كثير من المراجع والمواقع التي تفيد بذلك.

لمتابعة القسم الثالث من الحوار انقر هنا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى