الخميس ٢٦ آذار (مارس) ٢٠١٥
بقلم
تجيء مع الفجر
أبيتناءى الذي بيننا من مَدًى وفراقْومن سنواتٍ عجافٍ ذوت وتوارتْبعيدًا وراء التُخومِوأرخى عليها وُجوموما أعقبتها سوى زفراتِ اختناقفما كان عُمرًا، ولا كان حُلمًو لم يَكُ أكثرمن وَمضةٍ وخَبَتْلم تُعَقِّب سوى غُصةٍآهةٍ، حُرقةٍ، واشتياقْأبيكم وددتُ لو أنك تطلعُ يومًاتَحُط ُّبلا موعدٍوتجيءُ مع الفجرِتَدهمُ رأس الزقاقْأراك ولو مرةًلأقول الذي لم أقلهُولو آخر العهد بيإذ يضيقُ الفؤادُو يعجزُ هذا اللسانُ الكسيحُ عن الانطلاقْوأعلم أنك يا والدي كنتَ مُنتظرًاصابرًا صامتًاجمرةً تتآكلُ من لهفةٍ واحتراقْوجئتك لكنني ما استطعتُ دِراكًاوجدتكَ سافرتَ دون وداعكدأبكَ دومًاوكي لاتُثيرَ المواجعَلكن بي وجعًا كنتُ خبأتهُوبي ألمٌ مضَّني طول عمريولكنني ما شكوتُوجئتكَ من آخرِ الأرضِمن أولِ العُمرِمن آخرِالعُمرِبي رغبةٌ أن أبوحَوأنكأَ كل الجروحْ المُدماةِأقسمُ: ما كنت يومًا كما خِلتنيقاسيًا أو عنيداوما كنتُ جلفا وما كنتُ عاقْولكنها اللحظاتُ القصارُهو العُمرُ ليس سوى لحظاتٍ قِصارٍيُساء بها الفهمُتُكسرَ فيها المراياوتغدو الأماني سرابْوأرضًا يَبابْوددتكَ يا والدي لوتجيءُولو مرةً لتُنوِّرَ مصباح بيتي الجديدْالذي لم تَرَهْفتغرسَ زيتونةً في الفناءِتقابلها تينةٌ عن يمينْوبينهما كرمةٌ تتسلقُتزدانُ في أعين الناظرينكما كنت تصنع في كل كرمٍو في كل أرضٍ و في كل حينو يا والدي إن تلك الكرومالتي قد رعيت شجيراتهالا تزالُ تَخِبُّ مُصَعِّدةًتتشبثُ في جانب السفحِأو تتعلق مقرورةً حول عُنقِ الجبلْعنادلُها تَسحرُ السامعينَو فَوحُ شَذاها بطعمِ القُبَلْوغايتُها أن تطالَ النجومَعُلُوُّا فتنسجُ خيطَ الأملْوأحسبها لو تُنادي عليهاالعشيةّ تَلوي بأعناقِها وتَفِزُّقد ادَّكَرتْ غارِسيهاوحنَّتْ لجيرتِها و ذويهاوجاءتك حَبوًا لتحضنهاحَضن أمٍ بنيهاوفاضَتْ دمًا لا نبيذْوأصبح مُرًا جَناها اللذيذْو طال انتظاري ليومٍ أراكَتُمسِّدُ باللمساتِ الحنونةِ رأس حفيديكَمن يحملُ اسمكَ منهمْكما تشتهيرغم أنك ما قلتهاغير أنيَّ أدركتها يا أبيوتَرقي أخاه الذي يَصغُرُهْوتحكي لهم يا أبي من بديع الحكايافإن الحكايا مراياحكايا أبي زيد والزير أوعنترهوما زلت منتظرًا أن يجيءَ الذي لا يجيءُعلى غفلةٍ أو أغذُّ خُطايَ إليهأُكَحِّلُ جفنيَّ بالنورِ إذ أُبصِرَهْ.