الاثنين ٢٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٥
بقلم عـادل عطية

نحن لا نزرع الفقر!

في حدائق التراب والشمس، نحن لا نزرع الفقر..

وانما ينشق عن قلبنا، كما ينشق عن الأرض بلا زارع، وبلا بذار: الحسك، والزوان، وكل النباتات الضارة!
لأننا استنكرنا العاطفة البشرية، وسمحنا لعاصفة من الانانية تضرب عالمنا، وقد أعطينا كتفاً معاندة، وصلّبنا رقابنا، ولم نصغ للمعلم الناصري عندما قال لتلاميذه في معجزة الشفقة والحب: "أعطوهم أنتم ليأكلوا"..، و"اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء"..

أليس غريباً.. أنه بينما الملايين من البشر في بعض الأقطار يتضورون جوعاً، وينتفضون برداً في اطمارهم البالية أفتقاراً إلى ثمن القوت والكساء، يحدث في الأقطار المجاورة أن يحرق الفلاحون القمح لزيادته عن الحاجة، ويخفّضون المساحة المنزرعة من مناطق القطن!

أليس مدهشاً.. أن نرى في أوروبا، مئات الألوف من الفقراء، يحتسون القهوة السخيفة المصنوعة من الأعشاب مضافاً إليها نكهة تافهة تقليداً للبن؛ لعجزهم دون شرائه.. بينما في البرازيل، موطن البن، يحرقونه، وتصدر الحكومة هناك قانوناً تحرّم فيه زراعته في خلال الأعوام الثلاثة التالية!

وفي هولندا، من وقت قريب، ذبحت مائة ألف رأس حيوان من التي يؤكل لحمها، وحرقت!

كما أن أطناناً من السمك الميت، يُقذف بها ثانية إلى البحر بأيدي الصيادين الذين أصطادوه!

وفي اسبانيا، تُركت الفاكهة في كثير من البساتين، حتى سقطت من الأشجار، وتعفّنت تحتها!

وفي مالايا بجزر الهند الشرقية، وأمريكا الجنوبية، سال الكاوتشوك من الأشجار، ومع ذلك منع العمال من جمعه!

وفي جزر الهند الغربية، تركت حقول شاسعة من قصب السكر، لم يسمح لأحد بحصادها، حتى يبست!

كل هذا، وغيره.. يُصنع.. لا لشيء سوى لإعلاء الهيمنة غير المقدسة، باسم علم الاقتصاد السياسي، وقواعده!

ويمضي اليوم الدولي للقضاء على الفقر من على روزنامة الأمم المتحدة، كغيره من الأيام.. التي نكرّمها على الورق، دون أن نقرّ باتهامات ضمائرنا المزعجة، ودون أن نخرج من مساكن أجسامنا المرتدية ثياب الأثرة، وننضم إلى ملكوت المحبة، والتواصل، والتعاطف، والعطاء.. تكريماً لضحايا الفقر الدقع، والعنف، والجوع!...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى