الخميس ٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٥
بقلم لطفي زغلول

الشعبانية "الشعبونية" "صلة الأرحام"

الأصل اللغوي للشعبونية هو الشعبانية، نسبة إلى شهر شعبان، وهو الشهر الثامن في التقويم الهجري. إعتاد النابلسيون في هذا الشهر أن يستضيفوا بناتهم وأخواتهم وعماتهم وخالاتهم المتزوجات. في العادة كانت الشعبانية تستمر ثلاثة أيام وثلث اليوم، يستضاف خلالها الإناث وأطفالهن، وفي اليوم الأخير يستضاف الأزواج وأولادهم البالغون.

نظرا لعدم وجود تعريف متفق عليه للشعبونية، يمكن القول إنها عادة دأب عليها النابلسيون منذ عشرات العقود، تتمثل بأن يقوم "كبير العائلة" -أو من ينوب عنه من أبنائه- بدعوة أرحامه كأخواته وبناته وبنات أعمامه وبنات عماته المتزوجات، وفي كثير من المرات يدعو عموميته من النساء وخاصة المتزوجات لأصهار غرباء عن العائلة، برفقة الأطفال الصغار، إلى الإقامة في بيته مدة تتراوح من ثلاثة أيام إلى أسبوع تُعَدّ فيها الولائم -للمقتدرين طبعًا- وتقام السهرات الليلية والحفلات العائلية، وتعيش تلك الأسرة الكبيرة في هناء وسرور.

لم تكن الشعبانية تقتصر على إقامة الموائد على شرف "المُشعبنات"، فكانت فيما تعنيه "لمة" تضم الأهل والأحباب، ينجم عنها السهرات والغناء والرقص، كون هذه اللمة لا تجتمع في العادة إلا في هذه المناسبة من كل عام.

من أشهر أطعمة شهر شعبان أكلة الكوارع "الرؤوس والمقادم والكرش"، واللخنة الخضراء وأصناف الكبة واليخنة النابلسية والفسيخ والمفتول والمحاشي. تجلس النسوة من أصحاب البيت والمدعوات كل تشارك في جانب من جوانب إعداد الطبخة وهن مرحات مسرورات لفرصة الإجتماع بما لا يقل عن فرحتهن بالأطعمة النادرة التكرار.

وتتبع "التحلاية" وهي أما الكنافة النابلسية المشهورة، وأما القلاّز أو ما يسمى بالكلاج المحشو بالجبن النابلسي أو المكسرات كالجوز، أيضا البقلاوة وأنواع أخرى من الحلويات، تليها القهوة السادة لاعتقادهم أنها تساعد على الهضم.
في ساعات المساء والسهرة التي قد تمتد في الصيف إلى الفجر، تجتمع الأسرة والضيوف في ساحة المنزل بجوار نوافير الماء، يتحدثون عن يومهم، ثم يستمعون إلى الطرائف والنوادر من بعضهم البعض، كما أنهم يستمعون ويستمتعون بالعزف على العود والطبل بمصاحبة الأناشيد والأهازيج الشعبية.

الشعبونية الحالية:

بالطبع فإن الشعبونية ليست فرضًا، ولكنها صلة رحم وعادة أصبحت تقليدًا وما زالت نابلس تؤديها وإن تطورت حيثياتها وأشكالها، إذ إن هناك من العائلات من تقدم المال أو الهدايا لبناتها أو القريبات الأخريات عوضا عن الشعبونية.
ورغم طبيعة الحياة وتطورها وتسارعها، ما زال أهل نابلس متعلقين بهذه العادة، وما زال كثير من العائلات يدعون أقاربهم لتناول طعام الغداء في شعبان، لكنها اختلفت في كونها باتت تقتصر على يوم الجمعة، فبعد الصلاة يجتمعون في بيت الداعي يتناولون الأطعمة المقدمة وينتظرون الكنافة ولا تكاد الشمس تغرب حتى يعود الجميع إلى بيوتهم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى