الجمعة ١٧ تموز (يوليو) ٢٠١٥
يحكى أن .. الحلقة السادسة
بقلم حسن أحمد عمر

طعام البحر

مثل كل ألأطفال لم يكن له غير التعليم مجال
فراح ينهل من الكتب فى إصرار ويستذكر دروسه ليل نهار
حتى يكون قرة عين لأمه وأبيه وقدوة صالحة لأخته وأخيه
وبعد كفاح مرير وصبر وفير حصل على شهادته بأعلى تقدير
كان والده ينحت فى الصخر من الفجر حتى العصر
من أجل الإنفاق عليه وعلى باقى إخوته وأن تعيش مستورة أسرته
كانت الفرحة غامرة والسعادة بحصوله على الشهادة
وتوقعوا أن يحصل على وظيفة لائقة ومكانة فائقة
يساعد أباه بدخلها الشهرى ويرفع عنه بعضاً من عبئه الأسرى
راح يسأل فى الشركات وقدم أوراقه فى جميع المصالح والهيئات
كان الرفض هو الرد الطبيعى والنهاية اليومية ،
والعودة إلى البيت صفر اليدين هو النتيجة الحتمية
لم يحتمل الشاب الصبور أن يرى والده عليه مقهور
فذهب للعمل فى مهنة حرفية صعبة جداً ومريرة وشقية
واستمر هذا الوضع عدة سنوات كان والده فى نهايتها قد أصابه المرض ومات
وأصبح هو كبير العائلة ومطلوب منه عمل المستحيل حتى يعلم إخوته وينفق على أسرته
كان الأمر شاقاً جداً والدخل قليلاً جدا
فكر فى السفر إلى إيطاليا مثل آلاف الشباب الذين يهربون من شتى ألوان العذاب
معتقدين أن وصولهم إلى أوروبا بالشىء اليسير ولم يعلموا أنه أمر خطير
فتحدث مع والدته وأقنعها بالنجاح ، وأوضح أمامها علامات الفلاح
باعت ما لديها من ماشية من أجل جمع ثمن الرحلة القاسية
وفى ليلة سوداء مثل قرون الخروب ليلة تحترق لها القلوب
ركب الشاب الطموح مع عشرات غيره فى مركبة متهالكة
من أجل الوصول إلى الشاطىء الآخر ولم يعلم أنه بحياته يغامر
وكما يحدث فى معظم الأحوال غرق المركب بين الأمواج والأهوال
ولم ينج من الغارقين إلا نسبة ضئيلةً أنقذوهم بأعجوبة وحيلة
هناك على الشاطىء الآخر حيث للإنسان قيمة حتى لو لم يكمل تعليمه
وكان هو من هؤلاء الذين فقدوا حياتهم ، ولم يعثر على أثر لهم
فتجرعت أمه كاس فراقه ولا زالت تبكى عليه بدموع من دم ولا يفارقها الهم ولا الغم
وهكذا يموت شباب كالورد إما غرقاً أو من شدة الحر أو البرد
من غير أن ينشغل للمسئولين بال ولا يهتزون بأى حال
فقلوبهم بالمناصب قد تعلقت وللكراسى قد تسلقت
فأين القوانين والتشريعات التى تضمن حقوقهم فى وظيفة كريمة وحياة سليمة ؟
سؤال يطرح نفسه كل دقيقة فلا يجد من يجيب عليه والكل يهرب من الحقيقة
وكلهم ملهى فى حاله ومهتم بأحواله
ثم يعلقون كل شىء على شماعة القضاء والقدرولا يأخذون من فناء الحياة المواعظ والعبر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى